WELCOME1
WELCOME2
اليوم هو الأربعاء يونيو 25, 2025 7:36 pm
اسم المستخدم : تذكرني
كلمة المرور :  

LATEST_POSTS

جميع الأوقات تستخدم التوقيت العالمي+03:00


قوانين المنتدى


- اللغة العربية لغة فصاحةٍ وجمال .. حاول أن تكتب بها *1 .
- يمكنكم في أي وقت زيارة قسم مكتبة اللغة العربية لنشر أو تحميل الكتب أو البرامج المتعلقة بهذا القسم .


إرسال موضوع جديد  الرد على الموضوع  [ 5 مشاركات ] 
الكاتب رسالة
  • عنوان المشاركة: قصة "الحرب"
مرسل: الخميس إبريل 15, 2010 12:53 am 
مشرفة قسم مهارات تطوير الذات
مشرفة قسم مهارات تطوير الذات
اشترك في: الأحد إبريل 15, 2007 9:38 am
مشاركات: 3023
القسم: انجليزي
السنة: MA
مكان: حمص



غير متصل
..بسم الله الرحمـــن الرحيم..
..السلام عليكم ورحمــة الله وبركاته..

أورد لكم أصدقائي قصةً درستها في صغري فتعلق قلبي بها من يومها وعلقت عباراتها في ذهني إلا اليوم.
وأتمنى أن تقرأوا سطورها وما بينها، وتلاحظوا معي العلاقة الغريبة بين العنوان والأحداث.


..قصــــة "الحــرب" ،"War"..
..للكاتب الإيطالي: لويغي بيراندللو (1867-1936)..
..ترجمة: د. زياد الحكيم..




كان على المسافرين الذين غادروا روما بقطار الليل السريع أن ينتظروا حتى الفجر في محطة صغيرة في فابريانو ليواصلوا رحلتهم بقطار صغير عتيق الطراز يصل ما بين الخط الرئيسي وسالمونا..

وفي الفجر اندفعت سيدة كبيرة الحجم في ثياب الحداد تكاد تشبه صرة عديمة الشكل في عربة من الدرجة الثانية كثيرة الدخان فاسدة الهواء..
كان خمسة مسافرين قد أمضوا الليل فيها..
وكان وراءها زوجها يلهث ويئن..
كان رجلاً صغير الجسم هزيلاً،،
كان وجهه أبيض بلون الموت،،
وكانت عيناه صغيرتين لامعتين،،
وكان يبدو خجولاً مضطرباً..
وبعد أن اتخذ الرجل لنفسه مقعداً في آخر الأمر شكر المسافرين في أدب مساعدتهم زوجته وافساحهم مكاناً لها،،
ثم التفت إلى المرأة محاولاً أن ينزل ياقة معطفها عن وجهها وسألها في أدب:
ــ هل أنت في خير يا عزيزتي؟؟

وبدون أن تجيب،،
رفعت الزوجة الياقة مرة أخرى فأخفت بها وجهها..

همهم الزوج وعلى وجهه ابتسامة حزينة:
- عالم بغيض..
ثم شعر أن من واجبه أن يشرح لرفاقه المسافرين أن المرأة المسكينة جديرة بالرثاء لأن الحرب أخذت منها ابنها الوحيد، وهو شاب في العشرين من عمره،،
وقف كلاهما حياته له إلى درجة أنهما هجرا بيتهما في سالمونا للحاق به في روما التي ذهب إليها لمتابعة دراسته،،
ثم أجازا له أن يتطوع في الجيش بشرط أن لا يذهب إلى الجبهة قبل ستة أشهر..
والآن وعلى حين فجأة تسلما منه برقية يقول فيها إن عليه أن يسافر إلى الجبهة خلال ثلاثة أيام ويطلب إليهما أن يحضرا لوداعه..


كانت الأم تتلوي تحت المعطف الكبير،،
وكانت تئن أحياناً وهي على يقين أن جميع هذه الشروح لن تفلح في إثارة تعاطف هؤلاء الأشخاص الذين كانوا في الأغلب يعانون من محنة مشابهة..

قال أحدهم وهو ينصت في كثير من الإنتباه:
ــ يجب أن تحمد الله أن ابنك مسافر إلى الجبهة الآن فقط،،
لقد أرسلوا ابني إلى هناك في اليوم الأول من الحرب وعاد مرتين جريحاً وأعيد إلى الجبهة..

وقال مسافر آخر:
ــ وماذا عني؟؟
إن لي إبنين وثلاثة أبناء أخوة في الجبهة..

قال الزوج:
ــ ربما،،
ولكن في حالتنا إنه ابننا الوحيد..

ــ وما الفرق في ذلك؟!
إنك قد تفسد ابنك الوحيد بالمبالغة في الإهتمام به،،
ولكن ليس بامكانك أن تحبه أكثر من أبنائك الآخرين لو كان لك أبناء،،
فالحب الذي يغدقه الأب على أبنائه ليس مثل رغيف من الخبر يقسمه إلى قطع يوزعها على الأولاد بالتساوي،،
إن الأب يعطي حبه كله لكل واحد من أبنائه بدون تمييز سواء كانوا واحداً أو عشرة..
وإذا كنت أتعذب الآن على ولديّ الإثنين فأنا لا أتعذب نصف عذاب على كل واحد منهما،،
ولكن أتعذب على نحو مضاعف..

قال الزوج:
ــ هذا صحيح،،
صحيح ولكن لنفترض (وطبعاً نأمل جميعاً أن لا يحدث ذلك لك) أن لأب ولدين في الجبهة وفقد واحداً منهما فإنه يبقي له واحد يعزيه...بينما...

أجاب الرجل الآخر في حدة:
ــ نعم،،
يبقى له ولد يعزيه ولكن أيضاً يبقى له ابن على قيد الحياة بعد وفاته..
في حين أنه في حالة الأب الذي له ابن وحيد فإنه إذا مات الابن يمكن للأب أن يموت فيضع بذلك حداً لعذابه..
أي من الحالين هو الأسوأ؟!
ألا تري كيف أن وضعي يمكن أن يكون أسوأ من وضعك؟؟

قاطع مسافر آخر وهو رجل بدين أحمر الوجه ذو عينين بلون الدم:
ــ هذا هراء!
كان الرجل يلهث وبدا أنه كان يتطاير من عينيه الجاحظتين عنف داخلي قوي لا يستطيع جسمه الضعيف أن يحتويه،،
وأضاف وهو يحاول أن يغطي فمه بيده ليخفي السنّين الأماميين المفقودين:
ــ هراء ! هل ننجب أبناءنا من أجل منفعتنا؟؟

ونظر إليه المسافرون الآخرون في أسى..
وتنهد الرجل الذي سافر إبنه إلى الجبهة في اليوم الأول من الحرب وقال:
ــ أنت علي حق..
إن أبناءنا لا ينتمون إلينا،،
إنهم ينتمون إلى الوطن..

أجاب المسافر البدين:
ــ أوف!!
هل نفكر في الوطن عندما ننجب أبناءنا؟؟
يولد أبناؤنا لأن...
حسن لأنهم يجب أن يولدوا..
إنهم امتداد لحياتنا..
هذه هي الحقيقة..
نحن ننتمي إليهم وهم لا ينتمون إلينا قط..
وعندما يبلغون العشرين نجد أنهم يشبهوننا عندما كنا في مثل سنهم..
نحن أيضاً كان لنا آباء وأمهات، ولكن كان ثمة أشياء أخرى كثيرة...
أيضاً... فتيات وسجائر وأوهام وربطات عنق جديدة...
والوطن طبعاً الذي كان علينا أن نستجيب لدعوته لو أنه دعانا ــ عندما كنا في العشرين ــ حتى لو رفض الآباء والأمهات..
والآن في سننا هذه ما زال حبنا للوطن عظيماً طبعاً،،
بل إنه أقوى من حبنا لأبنائنا..
هل ثمة واحد بيننا هنا لا يتمنى أن يأخذ مكان ابنه على الجبهة لو أنه استطاع ذلك؟؟

ساد صمت في أرجاء المكان،،
وهز كل واحد رأسه كما لو أنه يوافق..

وواصل الرجل البدين كلامه قائلاً:
ــ لماذا إذن لا نتفهم مشاعر أبنائنا عندما يبلغون العشرين من أعمارهم؟؟
أليس من الطبيعي أنه في سنهم يجب أن يكون حبهم لوطنهم (وأنا أتحدث هنا عن الأولاد الطيبين) أعظم من حبهم لنا؟؟
أليس من الطبيعي أن يكون الأمر كذلك لأنهم بعد كل شيء يجب أن ينظروا إلينا كما لو كنا أولاداً متقدمين في السن لا يستطيعون الحركة ويجب أن يظلوا في البيت؟؟
إذا كان الوطن ضرورة طبيعية مثل الخبر فمن أجل أن لا نموت جوعاً يجب أن يذهب أحد للدفاع عنه..
وأولادنا يذهبون في سن العشرين، وهم ليسوا بحاجة إلى الدموع لأنهم إذا ماتوا فإنهم يموتون ملتهبين وسعداء (وأنا أتحدث طبعاً عن الأولاد الطيبين)..
والآن إذا مات المرء شاباً وسعيداً بدون التعرض لآلام الحياة والسأم والحقارة ومرارة التحرر من الأوهام...
ماذا يمكن أن نتمني له أكثر من ذلك؟؟
يجب أن يكف الجميع عن البكاء..
يجب أن يضحك الجميع كما أفعل أنا..
يجب أن يشكروا الله كما أفعل أنا علي الأقل لأن ابني بعث إلي برسالة قبل أن يموت يقول فيها إنه يموت راضياً لأنه ينهي حياته بأفضل طريقة كان يمكن أن يتمناها..
ولهذا السبب ــ كما ترون ــ لا ألبس ثياب الحداد..

وأمسك بياقة معطفه المصنوع من جلد الغزال ليؤكد ذلك..
كانت شفته الزرقاء فوق سنِّيه المفقودين ترتجف، وكانت عيناه دامعتين ثابتتين..
وبعد ذلك بقليل أطلق ضحكة حادة تشبه النحيب..

وافق الجميع:
ــ صحيح تماماً،،
صحيح تماماً..

كانت المرأة الملتفة بمعطفها في ركن من الأركان تنصت،،
كانت في الأشهر الثلاثة الماضية تحاول أن تجد في كلمات زوجها وأصدقائها شيئاً يخفف عنها حزنها العميق،،
شيئاً يمكن أن يبين لها كيف تكيف نفسها مع فكرة إرسال إبنها إلى خطر يهدد حياته..
ومع ذلك لم تجد عزاء في كلمة واحدة من الكلمات التي قيلت...
بل ازداد ألمها لأن أحداً لم يشاركها مشاعرها..

أما الآن فإن كلمات المسافر أدهشتها..
لقد أدركت فجأة أن الآخرين ليسوا علي خطأ..
أدركت أنها لم ترقَ إلى مستوى أولئك الآباء والأمهات الراغبين في تكييف أنفسهم، بدون بكاء، ليس فقط مع ذهاب أبنائهم إلى الحرب ولكن مع موتهم أيضاً..

رفعت رأسها وأصاخت السمع باهتمام كبير إلى التفصيلات التي كان الرجل يذكرها لأصحابه عن الطريقة التي سقط فيها ابنه بطلاً من أجل الملك ومن أجل الوطن، سعيداً وبدون أسف..
أحست أنها دخلت عالماً لم تكن تحلم به ولم تكن تعرف عنه شيئاً حتى تلك اللحظة..
وأحست بالسعادة وهي تسمع كل واحد يهنيء ذلك الأب الشجاع الذي استطاع برزانة ووقار أن يتحدث عن مقتل ابنه..

وفجأة،،
كما لو أنها لم تسمع شيئاً مما قيل،،
إلتفتت إلى الرجل العجوز وسألته:
ــ إذن هل مات إبنك حقا؟؟

حدق إليها الجميع..
إلتفت الرجل العجوز أيضاً ونظر إليها مثبتاً عينيه الرماديتين الدامعتين الجاحظتين الكبيرتين على وجهها وحاول أن يجيب،،
ولكن الكلمات خانته..
نظر إليها طويلاً كما لو أنه عندئذ فقط ــ عند طرح ذلك السؤال ــ أدرك فجأة أن ابنه قد مات حقاً...
ذهب إلى الأبد...
إلى الأبد..
تشنج وجهه وتغضن ثم انتزع بسرعة منديلاً من جيبه وراح ينتحب نحيباً يمزق نياط القلب ولا سبيل إلى كبحه..
وراح الآخرون ينظرون في ذهول..

_________________
لــلــمــلائــكــة حــضــورهــا


أعلى .:. BACK_TO_END
  • عنوان المشاركة: قصة "الحرب"
مرسل: الاثنين إبريل 19, 2010 12:00 am 
آرتيني فعّال
آرتيني فعّال
اشترك في: الأربعاء ديسمبر 24, 2008 10:37 pm
مشاركات: 1023
القسم: E
السنة: الرابعة وإلى الأبد..
الاسم: خالد وليد الهبل
WWW: http://www.adab-kd.com/
Yahoo Messenger: k.alhebl@yahoo.com
مكان: أرض الله الواسعة..



غير متصل
الملاك,

أولاً وبعد السلام عليكم ورحمة الله

أختي الكريمة.. لك مني جزيل الشكر على هذه القصة التي أثرت فيني أيما تأثير..

سيدتي... بالنسبة للحرب تبقى هي الحرب باختلاف التسميات والأساليب.. ولكن بالنهاية هي الحرب.. ولا حب مع الحرب..

دائماً الحرب لها خسائر ودائماً خسائرها كبيرة..

أما بالنسبة للأم التي جاءت من بعيد هي وزوجها كي تودع ابنها الذي سيذهب إلى الجبهة... فعواطفها ومشاعرها هي المشاعر الوحيدة الجياشة والحقيقية والصادقة... هي تلك المشاعر التي لا تشعر بها ولا تعرفها إلا أم مثلها... لذلك فقد كانت آراء الرجال في عربة القطار تخالف ( من حيث المبدأ ) رأيها ومشاعرها رغم أنها لم تصطدم معهم في نقاش...

أما هذا الرجل الذي قد أرسل إبنه منذ اليوم الأول إلى الجبهة...

فهو الرجل والانسان...

رجل لكونه حاول جاهداً أن يخفي ألمه بفقدانه ابنه.. معزياً نفسه بأنها هي خدمة الوطن والعلم.. وأن ابنه يعد من الشبان الطيبين الذين هم مستعدون كي يموتوا فداءاً لأوطانهم...

أما و لكونه انسان فهو في النهاية إنسان مؤلف من مشاعر وأحاسيس من الممكن أن يسيطر عليها لوقت محدد ولكن في النهاية لا بد لمشاعره أن تتغلب عليه... فقط لكونه انسان...
والدليل نهاية القصة... حين بدأ بالبكاء والنحيب حين جمّدته المرأة بسؤالها:
اقتباس:
ــ إذن هل مات إبنك حقا؟؟



مشكورة أختي الكريمة الملاك لما تبدعينه دوماً وتقبلي مني هذه أختي *1 *1

_________________
إذا الشعب يوماً أراد الحياة فلابد أن يستجيب القدر


أعلى .:. BACK_TO_END
  • عنوان المشاركة: قصة "الحرب"
مرسل: الاثنين إبريل 19, 2010 1:05 am 
آرتيني نشيط
آرتيني نشيط
اشترك في: الثلاثاء فبراير 24, 2009 4:04 pm
مشاركات: 515
WWW: http://www.ehab-al.tk
مكان: إذا رأته حمصٌ قال قائلها --إلى المكارم هذا ينتهي الكرمٌ



غير متصل
أولاً مشكورة على القصة "بسيطة جداً و عميقة جداً"

طبيعة الإنسان تدعوه إلى النسيان و محاولة تجاوز "الآنيّة الزمانية" إلى ما سيأتي بعد ذلك .......................... ولكن إن وقف قليلاً و نظر بتمعّن سيدرك الحقيقة
"ذهبوا بغير عودة" مهما كانت المسوّغات ..............

الحقيقة شعرت بهذا ...........ذات مرّة ............. و أشعر بهذا المقطع كما لو أنّني أقرأ نفسي و ذاك الشعور مرة أخرى


أختيار مميز
"بغض النظر عن نوع هذه القصة " شعرت أنّ الفلسفة تنساب بين حروفها



جزاك الله خيراً

تقبلي تحيتي

_________________
اللهم صلِّ صلاةً كاملة وسلم سلاماً تاماً على سيدنا محمد الذي تنحل به العقد وتنفرج به الكرب وتقضى به الحوائج وتنال به الرغائب وحسن الخواتيم ويستسقي الغمام بوجههِ الكريم وعلى وأله وصحبه وسلم في كل لمحة ونفس عدد كل معلومة لك


أعلى .:. BACK_TO_END
  • عنوان المشاركة: قصة "الحرب"
مرسل: الاثنين إبريل 26, 2010 11:53 pm 
مشرفة أقسام اللغة العربية
مشرفة أقسام اللغة العربية
اشترك في: الأحد أغسطس 19, 2007 4:26 pm
مشاركات: 5187
القسم: عربي
السنة: متخرجة



غير متصل
آهٍ يا ملاك .. أعدتني إلى تلك الأيام ، فقد قرأتُ هذه القصة أيام البكالوريا ، وها أنا الآن أجد فيها شيئا جديداً مختلفاً .

ليس في هذه القصة عقدةٌ واضحة ، بل اسرتسال ووصف مشهدٍ قصير ، وربما لا يكون بيت القصيد فيها إلا في حديث الرجل عن ابنه فخورا به ، لكنه أمام هول المصاب الذي جاهد ليخفيه لم يستطع إلا ان يكون إنساناً يبكي ابنه الذي اختطفته الحرب .
هذه القصة فيها من التحليل النفسي الكثير ، وربما نحن الذين لم نذق مرارة الحرب وفقد الولدفقد شعرنا بمرارتها ، فكيف بمن ذاق ذلك حقاً ؟!!

إن ارتباط العنوان بالموضوع ، هو في الحقيقة : أثر الحرب، لا الحرب نفسها ..
لكن الكاتب جعل العنوان شاملاً ، ليجعلنا ننتظر مرارةً ما ، حقّقها في النهاية .

سلمت يداكِ
الملاك, *1


أعلى .:. BACK_TO_END
  • عنوان المشاركة: قصة "الحرب"
مرسل: الأحد مايو 16, 2010 11:58 pm 
مشرف موسوعة الأدب الانجليزي
مشرف موسوعة الأدب الانجليزي
اشترك في: الاثنين ديسمبر 17, 2007 3:47 am
مشاركات: 1898
القسم: Literature, Film, and Theatre
السنة: MA
مكان: Britain



غير متصل
الملاك
أولا, أعتذر بإطالة على تأخري في الرد على هذه التحفة الرائعة! :arrow:
كما قالت هدى, إذا أردنا مقاربة القصة من زاوية التحليل النفسي فلربما ملأنا جرائد. القصة رااائعة جدا, و أنا أغبطك و هدى لأنكما تعرفانها منذ زمن بعيد .. أنت من الطفولة وهدى من أيام الثالث الثانوي, قرأتها منذ عشرين يوما تقريبا .. و الآن قرأتها مرة أخرى .. و قد تأثرت كثيرا بها .. و اغرورقت عيناي بالدموع عندما قرأت سطورها الأخيرة . . فعلا مؤثرة جدا جدا.
لأتحدث باختصار عن علاقة العنوان بالقصة. نلاحظ, كما قالت هدى, أن العنوان شامل, فهو مألف من كلمة واحدة, و كلما زادت الكلمات بالعنوان زاد التحديد أكثر .. و أجبر الكاتب نفسه للكتابة في مجال ضيق أكثر. قال "الحرب" .. بدون أي تعليق آخر . . ففتح المجال لنفسه للكتابة عن أي شئ ..و كم هي كثيرة الحروب في الحياة.
حسنا, انطلاقا مما كتبت, أستطيع كقارئ أن أميز ثلاث مراحل في هذه القصة, و في كل مرحلة من هذه المراحل هناك حرب من نوع خاص. سأبدأ بالمرحلة الأولى. تتحدث المرحلة الأولى عن حرب حقيقية .. ليس بالضرورة أن يكتب عن الحرب نفسها .. إنما يكفي للكاتب أن يكب عن نتائجها ليهجوها و ينتقدها .. في هذا القسم نجد وصفا للمشهد .. و لاحظي معي هذه الكلمات و العبارات المستخدمة من قبل الكاتب:
-سيدة .. في ثياب الحداد
- زوجها يلهث و يئن
- وجهه أبيض بلون الموت
- على وجهه ابتسامة حزينة
- همهم الرجل .. "عالم بغيض"
- كانت الأم تتلوى تحت المعطف .. و كانت تئن

إذا, كل هذه العبارت تضعنا في جو الحرب .. الحرب الحقيقية التي يفهمها كل شخص. تحدث الكاتب عن الحرب من خلال تحدثه عن آثار الحرب. أنهي الجزي الأول هنا ..
يبدأ الجزء الثاني من القصة مع بداية انقلاب موضوع القصة من وصف آثار الحرب و كآبتها إلى الحديث عن الشبان و الوطن و حب الأولاد و كيف أن الآباء لا يميزون بين أولادهم إلى آخره .. و هنا نجد أن كل شخص يعطي وجهة نظره و يؤمن بها .. و كأنها "حرب أفكار" بين هؤلاء الرجال .. فكل يود أن ينتصر لرأيه .. واحد يرى أنه يتعذب أكثر ان كان له ولد وحيد في الحرب .. آخر لديه أكثر من ولد يقول بأنه يتعذب أكثر لأن عذابه مضاعف .. الخ .. كل يود أن يثبت أن كلامه هو الصحيح .. على العموم .. أستطيع تسميتها "حرب" هنا .. إلا أنها ليست الأساس في القصة .. و أنتقل هنا للحديث عن الجزء الثالث.
أعتقد أن الجزء الثالث هو الأهم .. يبدأ الجزء الثالث مع بداية حديث الرجل البدين عن فقده لولده في الحرب .. فقط لنكتشف في النهاية أنه يعيش أقسى حرب .. تدور رحى حربه في صدره .. ساعة يقنع نفسه بالتأقلم على موت ولده .. و يبدأ بالتبرير و اقناع نفسه به .. و ساعة أخرى لا يحتمل فكرة أن ولده "قد مات" .. وهذا ما نجده في آخر القصة حين ينفجر بالبكاء ..
شخصيا .. و إذا كنا سندخل في متاهة ماذا قصد الكاتب من خلال كلمة الحرب, أنا أرى أنه قصد ذلك الصراع الداخلي الذي يعيشه كل انسان ..تلك هي الحرب الحق .. و تلك التي تؤلم أكثر .. و تلك التي تدمر الروح لا الجسد .. هذه هي الحرب ..
و الله يعين هالرجل البدين :mrgreen:

هدى
اقتباس:
إن ارتباط العنوان بالموضوع ، هو في الحقيقة : أثر الحرب، لا الحرب نفسها ..
أحسنت القول هدى, و أنا أنسب هذا القول للجزء الأول في تقسيماتي لهذه القصة ..
سيعود النور إلى الحياة يوما, ليكون هدى في الطريق الحالك
و ما زلنا ننتظر . .

جميل جدا هذا التوقيع .. :D
*1

الملاك
القصة رائعة بالكامل .. لكن أود إقتباس شيئ قد أعجبني كثيرا..
"فالحب الذي يغدقه الأب على أبنائه ليس مثل رغيف من الخبر يقسمه إلى قطع يوزعها على الأولاد بالتساوي، إن الأب يعطي حبه كله لكل واحد من أبنائه بدون تمييز سواء كانوا واحداً أو عشرة.. وإذا كنت أتعذب الآن على ولديّ الإثنين فأنا لا أتعذب نصف عذاب على كل واحد منهما، ولكن أتعذب على نحو مضاعف.."

كلام رائع ..
انتقاؤك للقصة أروع .. و كل من قرأها ولم يكن يعرفها يدين لك بأن يقدم شيئا لم تكوني تعرفيه من قبل :mrgreen:
*1 *ورود

_________________
[english][align=center]"We are the choices we have made."[/align][/english]


أعلى .:. BACK_TO_END
إرسال موضوع جديد  الرد على الموضوع  [ 5 مشاركات ] 

جميع الأوقات تستخدم التوقيت العالمي+03:00

الموجودون الآن

المتصفحون للمنتدى الآن: لا يوجد أعضاء مسجلين متصلين فقط


لا تستطيع كتابة مواضيع جديدة في هذا المنتدى
لا تستطيع كتابة ردود في هذا المنتدى
لا تستطيع تعديل مشاركاتك في هذا المنتدى
لا تستطيع حذف مشاركاتك في هذا المنتدى
لا تستطيع إرفاق ملف في هذا المنتدى

البحث عن:
الانتقال إلى:  

RIGHTS_RESERVED . DESIGNBY . CONTACTUS . سياسة الخصوصية . شروط الاستخدام
Powered by phpBB© . الترجمة برعاية المنتديات العربية