...............................................................كَيفَ قَتَلَ الانسانُ النَفس............................................................
في ليلةٍ تداخلت فيها آلامُ الريح و دقاتُ الساعةِ و عويلُ الموقدِ جلسَ الانسانُ وحيداً مع نفسهِ يتجاذبُ و اياها أطرافَ الحديثِ,كانَ وحيداً يتأملُها,وحيداً يُناجيها,وحيداً يَستمعُ اليها,كانت تُعاتبهُ بلطفاً أحياناً و تَجلدهُ بوحشيةٍ أحياناً ثم تُعاكِسُهُ بِتردُدِها أحياناً أًخرى.شَعَرَ الانسانُ ليلتها بِتَبَرُمِاً مِن نَفسِهِ لِكَثرَةِ جِدَالِها وَ شَكواها.فأثرَ الأنزِواءَ عَنها وَ لََكِنَها كَعَادِتها مَا لَبِسَت أن عاجلتهُ الرُجوعَ.كانَ يَبتَعِدُ عَنها وكانَت مِنهُ تَقتَرِب,كانَ يَكرَهُها وَ كانَت مِنهُ تًتًودد ,كانَ الفرحُ لها و كانَت لهُ القهر,كانَت وِحدتهُ وَ كانَ لها الأنيس,كانَ يُبعدها و كانَت بِغَريزَتِها تُرِيدُ التقولُبَ بِه.كانَت في تلكَ اليلة شديدةَ الكآبةِ,تريدُ أن تصلَ نشوتَََها الى لَحظَتِها السرمَديةَ,لِتلكَ الَلحظة التي يَتَوَحدُ الأحساسُ فيها معَ الديمومة,حَيثُ تتكَونُ طَبيعَةُ الفصلِِ لهُما بِخُضوعِ الانسانِ في النِهاية.كانَ الانسانُ لَيلََتَها عَلى غيرِ سويته,كانَ يَرغبُها رافضاً لها,ثُمَ يَعودُ رَافِضاً راغِباً فيها.لََم تَستَطِع النَفسُ على الانسانِ طولَ الصَبرِ فَعاجَلَتهُ و هوَ دائرٌ في تَرَدُدِهِ وَ حاولت أَخذهُ بُغةً و لَكنَهُ تَغلبَ عَليها وَ حاصَرَها بِغَلَبَتِه,ثُم ناجاها هامِساً لَها الى مَتى...الى متى يَحلُ ظُلمُكّي لي,الى متى أؤمِنُ بِكِ و بي تَكفُرين,الى مَتى أيتُها النَفسُ...؟تَلَعثَمَت عَلى حالِها وَ أجابَتهُ بِمُطلَقِ وَحشيَتِها...بَل الى مَتى يظلِمُني البشرُ عَلى غَيرِ حاجة,الى متى يَظلِمُني البَشَرُ بِذُنوبِ لَحَظاتِهِم,بِذُنوبٍ حَكَمَتهُم فيها لَحظاتُ الجُنونِ وَ العِشقِ وَ التَمَرُدِ وَ الضَياع,الى مَتى...؟راحَ الانسانُ يبكي نَفسهُ و يَتَوَحَدُ مَع كُلِ أحزَانِهِ وَ ذِكرَياتِهِ.حتى سَيطَرَت عَليهِ لَحظَةٌ تَوَحَدَ فيها الجُنونُ وَ العِشقُ وَ التَمَرُدُ وَ الضَياع, فَأخَذَ بِكَيانِهِ وَ طَعَنَ النَفسَ صَارِخاً مِن روحِهِ...سَأظلِمُكِ مَرَةً أخيرَةًً بِعَدلِِ...سَأظلِمُكِ مَرَةً أخيرَةً بِعَدلِِ...أيَتُها النَفس...حَتى نَرتَاحَ سَوياً.
|