قرأت قصة للأديبة لما عبدالله كربجها حول زواج الأقارب وقد لفتت نظري كثيراً لعمق وأهمية الموضوع الذي تطرحه،إضافة إلى أن هذه القصة حصلت على المركز الأول على مستوى القطر .
القصة بين أيديكم ،أتمنى أن نتناقش حولها.






طفل معافى
لا أستطيع أن أراك،لا أستطيع أن أنظر في عينيك دون أن أتخيل قطع جسدك ممزقة بين أسناني،خيبت أملي...أدهشتني أمام نفسي...
نظرت إليه وهو نائم بجانبها على الفراش،تلمست بطنها،رفعت الثوب،أغمضت عينيها،تحسست جسدها بأصابعها،الأطفال تتحرك في أحشائها،تتضارب متدافعة،تحاول تمزيق ذلك الجدار السميك الخانق الذي يمنعها من رؤية النور،مئات من الرؤوس الصغيرة تحاول الخروج.
عاودت النظر إليه،استرجعت أول ليلة لهما،عندما أغلق الباب خلفهما،وقفت أمامه،لم تكن خائفة،ارتعاش الرغبة يسري في أوصالها غريباً محبباً،يفيض عنها،يحرقها،خجلة،أرادت أن تمنحه شيئاً لم تفكر بمنحه لأي أحد،أرادت أن تعطيه إياه بكامل إرادتها وهي فرحة،الرغبة المشتعلة في داخلها تثور في عينيه وأنفاسه وجسده،يقترب منها،يلتصق صدره بصدرها،يرسم أنوثتها بأصابعه،كفاه تتلمس وجهها البركاني وتدفع بجسدها ليعلن ثورته وهو ينتفض بين ذراعيه،تغدو إحساساً وشعوراً ملتهباً،تنسى الدنيا،تنصهر معه في جسد واحد يتلاشى فيه كل شيء لصنع ثمرة حب شريف.
ضربت بطنها بشدة،تذكرت ذلك اليوم،كيف تحرك طفلها الأول داخل أحشائها،غريب في داخلها أحبته كثيراً،مات عقب الولادة،قلبه متعب لم يتحمل قساوة حياة مريضة ساقها إليه مرض وراثي خلقته زواجات متداخلة في عائلتها وزرعتها مع زوجها في جسده العليل،طفلها الثاني كان عاجزاً عن إدراك أي شيء باستثناء الألم.
ضغطت على شفتيها بأسنانها،إنه ما صنعته بداخلها،طفلها،جزء منها يتعذب...
كم تمنت موته،كم بكت،كم شعرت بالجنون حين تخيلت أجزاءه متناثرة في الماضي الراحل.
المسكين كان يداعبها والخوف يسكنه،كان يشعر بلبوة جريحة تنتفض حقداً وكرهاً يطالبان بالانتقام من جسدها وجسده،من آلتين مخربتين صنعتا عفريت المرض في خلايا أطفالهما الموتى،إنها تعذبه بصمتها،لوهلة قرر أن يخبرها بزواجه،بخيانته لها،كان يريد أن يرتاح،جرأته لم تدم طويلاً،بدأ يبرر لنفسه:
- إنها لا تعلم شيئاً،هو شعوري الداخلي بارتكاب الخطيئة،لا..لم تكن خطيئة،الأطباء أخبرونا باستحالة حصولنا على طفل معافى،بمرض عائلتينا الذي أصبح وراثياً بسبب القرابة العميقة بيننا،ثم إنه من حقي أن يكون لي طفل ،من حقي أن أكون أباً،من حقها أن تتكلم،ترفض،تتحرك..يبتعد عنها،يرتجف بشدة،إنه يعاشر جثة!...
هي كانت تصر على أن ينال أكبر قدر من الألم والضياع في جريمة الأطفال الموتى عندما يأتي كل ليلة ويقتل الصغار في داخلها،كانت تصر على أن تبقى الضحية الوحيدة المستسلمة لأنياب وحش كاسر بلا مشاعر،تعلم أنه متزوج،تعلم أنه ينتظر منها كلمة واحدة،هاهو بالقرب منها،كرجل آلي يقوم بمهمته الروتينية،بدأت تشتم رائحة كريهة تفوح من فمه،أول مرة تدرك أنه لم ينظف أسنانه قبل الآن ، أول مرة يشتم رائحة أسنانه الكريهة في ملامح وجهها المرعبة ويتأوه في أعماقه:
- متى ستنتهي هذه الليلة!..لكن غداً يوم آخر..ربما تقتلني..ربما يتوقف قلبي قبل أن أرى ثمن معاناتي..
حاول أن ينظر إليها دون أن يتمكن من تركيز عينيه على عينيها،لمح بريقاً ماكراً يتخفى وراء ذهول شارد يغرق جثتها الحسناء.
ذهولها حملها بعيداً،رماها فوق جسر نهر أعماقها،الدماء قانية تسير في النهر،تحمل معها مئات من الأطفال،أطفال وجوههم مقلوبة إلى الأسفل،نزلت الجسر بسرعة،حاولت أن تلتقط طفلاً،كان ميتاً،طفل معافى..واحد فقط.. إنها بحاجة لطفل واحد فقط،رفعت صوتها بحدة ،أدارت الثاني والثالث،وجدت أصابعها تشد على أعناق أطفالها الموتى،حرام أن أكون أماً..عاودت الصراخ،رمت بنفسها إلى النهر المسرع،الأطفال يلتفتون باتجاهها،بعيون ناقمة رافضة ينظرون إليها،لا تتمكن من إدراك أي واحد منهم،بل كلما لامست أصابعها وجوههم أو حتى أطرافهم انقلبت إلى آلات حادة،غريبة مميتة،وقتلتهم في أعماق نهر دمائها،قتلتهم وهم يثقبون أذنيها،يفجرون عقلها بصراخهم:
- مجرمة..قاتلة..
قتلتهم وهي تبكي وتنادي:
- أبنائي..أبنائي..طفل معافى..واحد فقط...
وتشق بطنها بأظافرها المتحولة،تخرج رحمها،ترميه بعيداً وتخرج من دماء أعماقها متعبة وحزينة كامرأة عجوز لا تدري إن كانت ذكراً أم أنثى...
فوق الجسر يقف زوجها مع امرأته الأخرى،يضمها ويقبلها بحرارة الليلة الأولى،أطفال معافون يتراكضون حولهما،تقرر،يجب أن يموتوا،تنهش لحم زوجها وامرأته بشراهة مقززة،تتخاطف الأطفال،تحاول ابتلاعهم وإغراقهم في أعماقها المظلمة،ترتجف برداً وهي تسقط على الأرض بلا أية قوة.
ذهولها وإصرار زوجها في محاولته لإقناع نفسه بعدم معرفتها لأي شيء تركاهما جسدين مسافرين فوق سرير واحد،كل منهما أدار ظهره للآخر،بينما تنهش الأفكار عالمهما...

ياسمين,
قصة غريبة فعلاً انك تنقليلنا اياها
يعني عادةً وقت بقرا هادا النوع من القصص بقول يا ربي مين رح يحبن أو رح يقراهن ويقتنين؟
أنا بقدر العمق الهائل بعقلية الكاتبة والمقدرة والبراعة اللي خطت فيا هالقصة
وبنفس الوقت بفكر وين المتعة (على اعتبار انو مافي فائدة) بقراءة قصة لمدة أربع دقايق وكأنا نوبة تشنج حادة بالأمعاء
كأنو تقلصات مؤلمة بعضلات البطن
أو نوبة جنونية من الألم المختلط الداخلي وبيظهر على شكل اختلاجات خارجية

القصة أشبه بسرد أدبي متكلف لحلم
أو ما هو أسوؤ من الحلم
ولكن ما بعرف كيف ممكن يكون كابوس..لأنو الكابوس ما رح يكون عقلاني ومترابط هالقد
بكل مرحلة من تطورات هالحلم..البطلة (إن صحت التسمية) بتنتقل لحالة نفسية مؤلمة ومبرحة جسدياً (سيكوماتيكياً) بس بترابط قوي ومنطقي مع الواقع

يعني ما شافت أطفال معافيين حول زوجا وزوجتو الجديدة إلا بعد ثقتا التامة بأنو وراثياً هي المحرومة من الأبناء وهو لأ (بزواجو من الأخرى)

هادا الترابط بخلينا نأدرك انو الوعي هو اللي عم يشكل كلمات القصة وليس اللاوعي
وبالتالي الواقع وليس الحلم (ليس أثناء النوم)
وبنفس الوقت وصولا لمرحلة رؤية أطفال من الخلف وانو تبدا تدير وشن باتجاها واحد واحد شي لا يحدث إلا بالأحلام

عنجد قصة غريبة..وبرغم البراعة الأدبية المتقنة بالألفاظ ما قدرت حبا
لا كقصة
ولا كقطعة أدبية

أظن أن الكاتبة لما كربجها أرادت أن تجعل من كل يقرأ قصتها يشعر بالألم العميق النفسي قبل الجسدي وكأنها تريد من كل من يقرأ قصتها التفكير طويلاً بموضوع زواج الأقارب قبل الإقدام على هكذا مشروع فهي لم تقل بشكل مباشر أن زواج الأقارب يؤدي إلى أمراض عديدة وخطيرة كننا جميعاً نعرف هذا الأمر ولكننا نتجاوزه ونحن نتمنى أن لا نكون ضحايا هذه الأمراض وينتهي الأمر إلا أننا في هذه القصة نعيش رغماً عنا مشاعر أبطالها ونتألم كثيراً وفي النهاية ندرك أهمية التفكير العميق قبل اتخاذنا لقرار مصيري حول زواج الأقارب . وهذه هي مهمة الكاتب الحقيقية في دفع جمهور المتلقي للتفاعل معه وإيجاد الحلول بل الابتعاد عن المشكلة قبل وقوعها.
على فكرة للكاتبة لما كربجها قصص اجتماعية متميزة وجريئة جداً تعالج فيها موضوعات مهمة بأسلوب خاص بها كما أنها تكتب في مجال الأدب الساخر قصص مؤثرة جداً سأطلعكم عليها في المستقبل.ملاك اللطيفة أرجو أن تكوني بخير الأن.
ومع جزيل شكري

الملاك,


من رايك تماما ...بس تحليلاتك روعة

ياسمين,
كلامك حلو كتير وسليم مية بالمية........بس الفرق بيني وبينك انك يمكن بتقدري تقري هيك قصة مؤلمة بس أنا لأ
أنت بتلاقيا حلوة وأنا بلاقيا معقدة
وكمان
أنت عم تحكي كشخص قاري غير هالقصة للكاتبة..وأنا أول مرة بقرالا

لذلك كانت فكرتك رائعة وكاملة ونقدي محدود
قصدك اياني ما هيك
يييييي أنا منيحة وبألف خير...تسلميلي
بس لا يكون قصدك ملاك اللي بلا ال التعريف

Safwat,
شكراً يا أخي........شكراً كتير
بس ياريت تدمج الموضوعين

الملاك
مساء الخير
يبدو أنك شديدة الحساسية

ياسمين,
ياسمين أنا شديدة الحساسية
مالي خبر

عزيزتي كنت عم اشرحلك السبب بوجود فرق بين نظرتي ونظرتك للقصة
يعني انتي متخيلة الفرق الكبير بين انطباعي وانطباعك بما انو أنا أول مرة بقرا للكاتبة وانتي قريتلا قبل؟

هي هي كل القصة
تعليقك دلني لى انك قريتي ردي بلهجة مختلفة عن اللي أنا قصدتا
ولا يهمك
ارجعي اقريه مرة تانية
وبأكدلك انو فكرتك بتبقا أكمل لأنك قارية قبل هيك للكاتبة

وعلى فكرة....أنا في طبع النقد بدون ما حس
فعلى ما يبدو أول ماقريت القصة..اجيت لعلق قمت نقدت
بس بسيطة..النقد بصير سلباً وايجاباً
ياسمين,
عزيزتي مبين من مشاركاتك انك جديدة عالمنتدى
ولسا ما لاحظت من مواضيعك مجالات اهتمامك
بس بتمنى تزوري هالرابط وتفتحيه هلأ
ويمكن نتفق كتير..ونكتشف انو ما دخل الحساسية وقت النقد والتقييم
http://www.art-en.com/forum/viewtopic.p ... 7&start=78" onclick="window.open(this.href);return false;

واتقبلي تحياتي