منذ الطفولة ونحن نعرف أبو طبلة أو ما يدعى( المسحر ) بحلته الشعبية وبزيه الرمضاني الجميل الذي هو واحد من اهم ما نمتلكه من التراث الشعبي
سلّة - طبلة - العصا(الجلدة) - الفانوس هي المكونات لحرفته
فهي تجوب الأزقة والحارات، وتمر بالأبواب تقرعها.. توقظ القوم، كلا باسمه.. بأماديحها ودعاباتها المحببة:
يا نايم وحد الدايم
يا نايم وحد الله
قوم يا بو محمد وحد الله
قوم يا بو حامد.. يا بو صياح..
عبارات تقليدية طالما ألفناها، تنطلق في هدأة الليل، توقظ الناس إلى سحورهم وتذكرهم بما عليهم حيال الفقراء والمعوزين.
كان وراء هذه العبارات أناس جنّدوا أنفسهم لهذا العمل في هذا الشهر الكريم (رمضان).. توارثوا ذلك أباً عن جد، فلازمتهم هذه الحرفة خلال العصور.. وغدت أقوالهم رفيقة عملهم، حتى لكأنها جزء لا يتجزأ من شخصيتهم، إنهم يبثون من خلال تلك الأقوال، آمالهم وآلامهم ومعاناتهم بالحض على الكرم مرة، والحنين إلى الديار المقدسة مرة أخرى وبالجد تارة، والمزاح البريء تارة أخرى، بأسلوب يدركه العامة، ولا يستعصي على الآخرين فمن المديح:
ياما سارت لك محامل يا أشرف العربان
حنين بدرك وحنين نورك يا محمد بان
من غرامك قصدي ليمك مال
شوقتني للزيارة لو كان معايا مال
يا راحلين إلى منى في قيادي
هيجتموا يوم الرحيل فؤادي
ومن الحض على الكرم:
قالوا البخيل مات قلنا استراح منه الحي
اللي ما عمل خير في الدنيا وهو حي
القبر قال للبخيل أوحشتني يا جار
لازم أضم عضامك كما ضم الحديد النار
بكرة تقوم القيامة وينتصب نيران
يبقى الموفي معدي والبخيل حيران
إذا أمعنت النظر في وجوه المسحرين تجد فيها السماحة والبراءة والطيبة والقناعة مهما كان المردود الذي يعود عليهم من تجوالهم.. ومهما بلغت المشاق التي يواجهونها، من حر وقر ومن تعرضهم لطيش الصبية وهم يلاحقونهم عقب إفطار كل يوم، بدعاباتهم السمجة حيناً والبريئة في كثير من الأحيان.
والجدير بالذكر أن المسحر في تلك الأيام كان رفيق الأسرة، يعرف أصولها وأبناءها وأحفادها ويحفظ مآثرها ويشيد بمواقفها.
نهاية يمكننا القول وظيفة المسحر الذي رافق حياتنا أجيالاً وأجيالاً..لابد أن تنزوي لتبقى في ذاكرتنا كلما طل هلال شهر رمضان،
أحمد الدالي / 2 / رمضان