تسلمت اليوم نتيجة تحليل دمي..
قرأت في البطاقة "o" إيجابي..
لم تذكر البطاقة أي شيء عن درجة غليان
...دمي,
ولم يلحظ أحد وجه حبيبي الذي يسبح كالسمكة
داخل شراييني
ولم يذكروا شيئًا عن درجة المرارة في
دمي وحدود الشوق والنسيان..
لا شيء سوى "o" إيجابي..
وسألتُ الطبيب عن معنى ذلك فقال لي:
إن دمك صالح للنقل إلى جميع الناس ويمكنك أن تمنحي دمك كل أصحاب الفئات الأخرى ولكن
في حال حاجتك إلى الدم لا يقبل جسدك غير دم من فئتك... بعبارة أخرى, أنتِ قادرة على
العطاء أكثر من قدرتك على الأخذ.. تعطين الجميع و تأخذين من فئتك وحدها..
تلك مأساتك...!!
قلت له: لا.. بل تلك حكايتي.. يوم أفقد
قدرتي على العطاء، أموت..
وكثيرون من الذين منحتهم من دمي في لحظات
حاجتهم، منحوني من سمهم..
ولكن تلك حكاية أخرى...!
تمر بك أيام تشعر فيها بأنَّ كل شيء يثقل
على صدرك.. الذين يحبونك والذين يكرهونك، والذين يعرفونك والذين لا يعرفونك..
تشعر بالحاجة إلى أن تكون وحيدًا كغيمة..
أن تعيد النظر بأشياء كثيرة.. أن تعود إلى ذاتك مشتاقًا لتنبشها وتواجهها بعد طول هجر..
أن تفجر كل القنابل الموقوتة التي تسكنك..
اليوم هربت إلى قرية.. وسمعت صوت الريح
وهي تركض عبر السنابل وعبر رؤوس أشجار الصنوبر.. عبر أزهار شقائق النعمان..
وكنت بصوت الريح أغسل أذني من الأصوات
العالقة بها كالصدأ..
كلمات كاذبة واجتماعية ومتزلفة وواعدة،
كلمات وأصوات لأشخاص يحدثونني عن أنفسهم وعن الآخرين، وأكاذيب، وقصص عمرهم، وأصوات...
وأصوات...
حين تقرأون هذه الكلمات أكون بعيدة..
افتقدوني لأنني سأفتقدكم..
بل افتقدوني حتى ولو لم أفتقدكم.. امنحوني
شوقكم.. لمسة حنان قبل السفر.. بلا مقابل..
أيها الشقي..
افتقدني...!! ....
_________________
حجري الكريم هو الصوّان، كل ضربة تجعله يطلق الشرر مثل القلب الحي. يدهشني انه حينما يشتم الناس انساناً يتهمونه بأن قلبه مثل الصوان. ليت قلوب الناس كالصوان تضيء كل ما يحتك بها.