بسم الله الرحمن الرحيم





تأملت آيات القرآن الكريم .. وتفقدت أحوال السابقين ، فوجدت أعمارهم


قد طالت ، فهذا نوح عليه السلام ظل يدعو قومه ألف سنة إلا خمسين عاما


وغيره من الأنبياء حتى إن صالح عليه السلام لما أخبره جبريل عليه السلام


بأعمار الأمة المحمدية ، وعلم قصرها ، قال :


لو كنت من أمة محمد صلى الله عليه وسلم لبنيت بيتي على باب قبري ‍‍!!


فتأملت فوجدت سعة رحمته سبحانه عوضت النقص في الأعمار


وفتحت أبواب الخير على مصارعها ..


فقد جعل مولانا عز وجل للأمة المحمدية ليلة واحدة خير من ألف شهر


وهي ليلة القدر ..


وجعل الوضوء مع صلاة ركعتين مغفرة لما تقدم من الذنوب ، فقد توضأ


عثمان رضي الله عنه ، ثم قال : توضأ رسول الله صلى الله عليه وسلم


نحو وضوئي هذا ، ثم قال : " من توضأ وضوئي هذا ، ثم يصلي ركعتين


لا يحدث نفسه فيها بشيء غفر له ما تقدم من ذنبه "


رواه أحمد في مسنده بإسناد صحيح ..


وجعل الصلاة كفارة للذنوب فقال : " لو أن نهرا بباب أحدكم فاغتسل


فيه خمس مرات هل يبقى من درنه شيء ؟ قالوا : لا يبقى من درنه شيء ..


قال : كذلك مثل الصلوات الخمس يمحو الله بهن الخطايا والذنوب "


رواه البخاري ..


وجعل شهود الجمعة يعدل حج التطوع .. قال سعيد بن المسيب :


هذا أحب إلي من حجة نافلة ..


وجعل عمرة في رمضان كحجة نافلة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ..


وجعل ركعتي الضحى كفارة للذنوب وكعمرة أو حجة تطوعا ..


وجعل الحج مكفرا للخطايا والذنوب فقال :

" من حج ولم يرفث ولم يفسق .. رجع من ذنوبه كيوم ولدته أمه "


فسبحان من تفضل على هذه الأمة ، ومنحها على يد نبيها أبواب الفضائل

الجمة ، فما من عمل عظيم يقوم به قوم ، ويعجز عنه آخرون إلا
وجعل الله لهم عملا يساويه ، أو يفضل عليه ، فلا يبقى لمتخلف عذر ..

إن كنت فقيرا لا تجد ما تنفقه في سبيل الله ، فقد سبقك إلى ذلك صحابة


النبي المصطفى صلى الله عليه وسلم ، قالوا : " يا رسول الله ‍‍‍‍‍‍‍، ذهب أهل


الدثور بالأجور ، يصلون كما نصلي ، ويصومون كما نصوم ، ويتصدقون


بفضول أموالهم ، فقال لهم النبي صلى الله عليه وسلم : " أو ليس قد جعل


الله لكم ما تتصدقون ؟ إن بكل تسبيحة صدقة ، وكل تكبيرة صدقة


وكل تهليلة صدقة ، وأمر بمعروف صدقة ، ونهي عن منكر صدقة


وفي بضع أحدكم صدقة " رواه مسلم ..


ولما كان الجهاد ذروة سنام الإسلام ولا قدرة للضعيف عليه ، فإن الله فتح


لك بابا يعادله ، كان الصحابة إذا تخلفوا عن غزوة ونحوه بعذر ..


إما أن يخرج مكانه رجلا من ماله ، وإما أن يعين غازيا ، وإما أن يخلفه


في أهله ، لأن : " من جهز غازيا في سبيل الله فقد غزا ، ومن خلف


غازيا في سبيل الله في أهله بخير فقد غزا "


رواه البخاري ومسلم وأحمد في مسنده ..


فإن لم تكن ذا مال تعين به غازيا فتح الله لك بابا آخر يساويه بل يفضل


عليه ، فكان العمل في ذي الحجة لا يفضل عليه عمل ، إلا من خرج


بنفسه وماله ، ولم يرجع منهما بشيء .. فعن ابن عباس رضي الله عنه قال :


قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :


" ما من أيام العمل فيها أفضل من أيام العشر ، قالوا : يا رسول الله :


ولا الجهاد في سبيل الله ؟ قال : ولا الجهاد في سبيل الله ، إلا رجل خرج


بنفسه وماله فلم يرجع بشيء من ذلك "


رواه البخاري ومسلم وأحمد في مسنده ..


ولما كان الحج أفضل الأعمال ، وكان كثير من الناس يعجز عنه لقلة


مال أو ضعف صحة ، فإن الله عوضهم عن ذلك ببشرى ساقها نبي


الرحمة للعاجز عن التطوع بالحج .. فقال صلى الله عليه وسلم :


" من صلى الصبح في جماعة ، ثم جلس في مصلاه يذكر الله حتى


تطلع الشمس ، ثم صلى ركعتين ، كان مثل أجر حجة وعمرة تامة تامة تامة "


رواه الترمذي وحسنه الألباني في صحيح الجامع ..


فإن أضعت هذه الفرصة وتعودت النوم بعد الفجر فلك أجر حجة تامة


إن سلكت طريق :" من غدا إلى المسجد لا يريد إلا أن يتعلم خيرا


أو يُعَـلِّمُه ، كان له كأجر حاج تاما حجته "


رواه الطبراني عن أبي أسامة بإسناد حسن ..


وجعل مشيك في حاجة أخيك خير من حجة تطوع .. قال الحسن :


مشيك في حاجة أخيك المسلم ، خير لك من حجة بعد حجة


لطائف المعارف لابن رجب ..


فرحمة الله بالأمة المحمدية واسعة ، وأبواب الخير التي فتحها أمامها كثيرة


فإذا وجدت أحد الأبواب مغلقا ، فتأكد أن هناك بابا آخر مفتوح ..


وإذا ضاقت بك سبيل وسعتك سبل ، فواصل السير حتى تصل إلى نهايتها


فهناك ستجد : " جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها ومساكن


طيبة في جنات عدن ، ورضوان من الله أكبر "