كنت أستمع عصر يوم مضى للقاء مع الدكتور محمد حسان الطيان في قناة الشارقة
وكان الحديث حينها عن الأفعال التي تبنى على حرف واحد فساق الدكتور الطيان قصة جرت لأبي حاتم السجستاني وأعرابي في أحد مساجد بغداد وأردفها الدكتور بقصيدة لابن مالك رحمه الله يذكر فيها أفعال تبقى على حرف واحد في العربية ... بحثت عنها فوجدتها في مقالة للدكتور الطيان ... ووددت أن أضعها بين أيديكم لتتذوقوا بعضاً من عذوبة لغتنا العربية
لن أطيل أكثر وسأترككم مع القصة والقصيدة آملاَ لكم المتعة والفائدة ... حيّاكم الله ...

ما بني من الأفعال على حرف واحد :


( حكى السيوطي في (البغية) أن أبا حاتم السجستاني دخل بغداد فسُئل عن قوله تعالى:
{ قُوا أَنْفُسَكُمْ و َأَهْلِيكُمْ }، ما يقال منه للواحد ؟ فقال: قِ، فقال: فالاثنين ؟ فقال: قيا. قال فالجمع ؟ قال: قوا، قال: فاجمع لي الثلاثة، قال: قِ، قيا، قوا.
قال وفي ناحية المسجد رجل جالس معه قماش، فقال لواحد: احتفظ بثيابي حتى أجيء، ومضى إلى صاحب الشُّرطة، وقال: إني ظفرت بقومٍ زنادقة يقرؤون القرآن على صياح الديك. فما شعرنا حتى هجم علينا الأعوان والشُّرطة فأخذونا وأحضرونا مجلس صاحب الشُّرْطة، فسألنا فتقدمت إليه وأعلمته بالخبر وقد اجتمع خلق من خلق الله، ينظرون ما يكون، فعنَّفني وقال: مثلك يطلق لسانه عند العامة بمثل هذا ! وعمَد إلى أصحابي فضربهم عشرة عشرة، وقال: لا تعودوا إلى مثل هذا، فعاد أبو حاتم إلى البصرة سريعاً، ولم يُقِمْ ببغداد ولم يأخذ عنه أهلها .

فعل وقى وأمثاله عند الإسناد:

سقت هذه القصة لأتوقف عند فعل (وقى) وما لفَّ لفّه مما يسمّى في العربية باللّفيف المفروق, إذ تحذف مه فاؤه لدى تصرّفه في المضارع كما تحذف من المثال الواوي (كوعد يعِد، وورد يرِد (لوقوعها بين عدوتيها الياء المفتوحة والكسرة فيصير: (يقي) ثم يُبنى على حذف حرف العلة من آخره لدى تصرفه في الأمر كما يُبنى كل معتل ناقص كـ (اسعَ، وامشِ، وادنُ) فيصير (قِ) أي إنه يبقى على حرف واحد هو عين الكلمة.
وقد جمع هذه الأفعال ابن مالك صاحب الألفية مبيّناً كيفية إسنادها للواحد المذكر، ثم المثنى مطلقاً، ثم الجمع المذكر، ثم الواحدة ثم جمعها، وذلك في عشر أبيات طريفة - ليست من الألفية - يقول فيها:

إنّي أقولُ لمنْ تُرجى مودَّتُهُ ** قِ المستجير قياهُ قُوهُ قِي قِينَ

وإنْ صرفتَ لوَالٍ شُغْلَ آخرَ قُلْ ** لِ شُغْلَ هذا لِياهُ لُوهُ لِي لِينَ

وإنْ وشَى ثوبَ غيري قلتُ في ضجرٍ ** شِ الثوبَ وَيْكَ شِياهُ شُوهُ شِي شِينَ

وقُلْ لقاتِل إنسانٍ على خطأٍ ** دِ مَنْ قتَلْتَ دِياهُ دُوهُ دِي دِينَ

وإنْ همُ لمْ يَرَوْا رأيي أَقُولُ لهمْ ** رَ الرأيَ وَيْكَ رَياه رَوْه رَيْ رَيْنَ

وإنْ همُ لمْ يَعُوا قوْلِي أَقُولُ لهمْ ** ع ِالقولَ مِنِّي عِياهُ عُوهُ عِي عِينَ

وإن أمَرْتَ بِوَأْيٍ للمُحِبِّ فقلْ ** إِ مَنْ تُحِبُّ إياهُ أوهُ إِي إينَ

وإنْ أردْتَ الوَنَى وَهْوَ الفُتُورُ فقلْ ** نِ يا خَلِيلِي نِياهُ نُوهُ نِي نِينَ

وإنْ أبَى أن يَفِي بالعهدِ قلتُ لَهُ ** فِ يا فلانُ فِياهُ فُوهُ فِي فِينَ

وقُلْ لساكِنِ قلْبِي إنْ سِوَاكَ بِهِ ** جِ القلبَ مِنِّي جِياهُ جُوهُ جِي جِينَ



المصدر : بحث للدكتور محمد حسان الطيان منشور في مجلة الفيصل السعودية العدد 284, عام 1998م.

أ. عبد الرزّاق,
جزاك الله كل خير على اختيارك لطرح هذا الموضوع الجميل و المفيد إذا" ش من الفعل وشى ولكن ما هو (د ) و ( ج) أيضا" ؟

قناة الشارقة رائعة في إسقاطاتها وقد كنت أتابع اليوم لمسات بيانية للأستاذ فاضل السامرائي

هذا الموضوع أكثر من رائع لأن كثيرا منا ما يخطئ فيه ولا يعرف الأمر من هذه الأفعال والدليل على ذلك ردة فعل ذلك الرجل حين شكاهم إلى الشرطة

أ. عبد الرزّاق,
قصة فقاعدة فقصيدة .. أجدت العرض والاختيار
شكرا لك

فعل الأمر من ودى أي أعطى ديّة القتيل أي ثمن دمه كما يقال في عصرنا اليوم فعل الامر وجى و وجى هنا بمعنى أنّ المحبوب يترك ألماً في قلبه فيطلب الشاعر من المحبوب أن يوجع قلبه إن رأى غيره فيه ... والله أعلم
أتمنى أن أكون قد أوصلت الفكرة لك أخت رغد .... مرحباً بك بيننا .... محبتي واحترامي

هدى, أحرجني جميل ردكم زادكم الله وإيانا من فيض علمه .... معاً من أجل عربية أسما

أ. عبد الرزّاق,
سلمت يداك شكرا" جزيلا" لك على شرحك الوافي زادك الله علما"