آرتين لتعليم اللغات
https://forum.art-en.com/

*** تطور اللغة الشعرية .......***
https://forum.art-en.com/viewtopic.php?t=7149
صفحة 1 من 1

الكاتب:  محمد الصالح [ الأربعاء فبراير 20, 2008 9:19 pm ]
عنوان المشاركة:  *** تطور اللغة الشعرية .......***

منقول من قبل ((((محمد الصالح))))

د. فاروق مواسي


تطور اللغة الشعرية العربية في الشكل والمضمون - رحلة تصفحيـــة في المراجع 09/07/2006

المقالات الرئيسية
الدراسات الرئيسية





اللفظ والمعنى أو المضمون والشكل - من المواضيع التي بُحثت على مدى العصور الأدبية بعضهم فصل كلاً منهما ، وبعضهم رأى التلاصق بينهما كالروح والجسد [1]. والأدب - كما نعلم - يتبين بالأسلوب ، ففي الأسلوب يتم خلق الفكرة ، حيث تلبس لباسها الملائم ، وفيه جهد يبذله الأديب وهو يحاول أن يربط الأفكار والألفاظ .[2]

لا شك أن اللغة هي وعاء الأفكار [3] ، وكلما كانت مطابقة للفكرة نجح الكاتب في إيصالها ، ولغتنا العربية لغة غنية المفردات ، فيها الكثير من المترادفات والمشتركات ( كلمة لها أكثر من مدلول ) وفيها الأضداد ( كلمة لها معنى ونقيضه ) ، وفيها قدرة عظيمة على الاشتقاق والنحت والقياس[4] .... ولغة الأدب الجاهلية متشابهة برغم كثرة المفردات [5]، وأفكارها محدودة ، لأنه ليست هناك فروق ظاهرة في كثير من المترادفات. [6]

ويرى البعض أن الكلمة جاهلية كانت مطابقة لواقع البدوي ، فقد حاول مصطفى ناصف أن يربط الكلمات الجاهلية بالحياة ، وأظهر أن فاعلية اللغة أو تفاعل كلماتها هو الذي يخلق المعنى ويبرز معلمه ،وهو يتابع جمالية اللغة حتى يوصلها إلى أصول أسطورية ورمزية [7]، وعند تمازج العرب بالشعوب الأخرى رأينا قدرة العربية على استيعاب الكلمات العلمية والفنية [8] ، ورأينا الجملة العربية تخضع للمنطق ، فالنثر اتجه إلى الأدب الرمزي ككتاب ( كليلة ودمنة ) ، وفيه نقد للحكام ، وإلى الاتجاه الفلسفي الذي يجعل من الفلسفة العربية جسرًا موصلاً لعصر النهضة ، وإلى الأدب الشعبي كما في ألف ليلة وليلة ، ولا ننكر أسلوب المحسنات اللفظية في المقامات والرسائل الذي كان تدبيجيًا يماثل شغف الناس بالتوشية في مأكلهم ولباسهم ، وقد جرى ما يوازي ذلك في الشعر العباسي في التركيز على المضمون آنًا ، وعلى الشكل آنـًا آخر.



ويذهب أحمد أمين إلى أن الأدب الجاهلي ، وخاصة الشعر جنى على الأدب العربي ، فظلت الأفكار تدور حول القديم ، وظلت اللغة جامدة .....[9]

ونظرة إلى نماذج من الشعر العباسي فـإننا نجد كثيرًا من الوقوف على الأطلال ، أو استخدام الرموز القديمة ، فهذا مهيار الديلمي[10] - وهو شاعر فارسي - يقول :

يا نداماي بسلع هل أرى ذلك المغبق والمصطبحا

فهو يستعمل ( سلع ) - وهو مكان في الحجاز[11] ، كما يستعمل ( مغبق ) و ( مصطبح ) شراب المساء ومكان شراب الصباح ، وهما كلمتان مستمدتان من الأدب الجاهلي . إلا أن أمين غالى في إظهار جانب التقليد ، ذلك لأن هناك من أظهر التجديد اللغوي [12]، فأبو تمام قد استعمل المجاز ، وعلى سبيل المثال يذكر ماء الملام [13]، وعندما ينكرون عليه هذا الاستعمال يسألهم :

إيتوني بجناح الذل ...[14]

ومن الجدير أن نذكر أن أبا تمام من أبرز الشعراء العرب الذين ضمنوا شعر السابقين وتمثلوه في أشعارهم على طريقة إيليوت فيما بعد .[15]

أما في عصور ما سماها المستشرقون - الانحطاط فقد برزت المحسنات البديعية على حساب المعنى ، فالشكل كان المقرِّر ، والمعنى غالبًا ما كان مجترًّا في بداية العصر الحديث [16]. ومع ظهور المطبعة وبتأثير الحملة الفرنسية عاد العرب إلى دراسة مصادر الأدب القديم ، وتأثروا بها ، فكانت المرحلة الكلاسية أو الكلاسية الجديدة .

وبعد الاطلاع على روافد الشعر العربي وتياراته رأينا من اتجه الاتجاه البرناسي [17] - الذي له أساس -حسب رأيي - في ما ذهب إليه الجاحظ من أن المعاني مطروحة في الطريق ، وإنما الشأن في إقامة الوزن ، وتمييز اللفظ ، وإنما الشعر صناعة ، وجنس من التصوير[18] ، ومنهم من يمزج الكلمات المألوفة بغير المألوفة ويرون رأي أرسطو أن فن الشعر مزيج من الألفاظ المألوفة وغير المألوفة ، والتغير أو العدول عن الألفاظ الواضحة الأصلية إلى غيرها يعد تجديدًا في اللغة [19] ، ومنهم من يكون غامضًا ، ولعل سبب الغموض أن الألفاظ غريبة ، أو مشتركة المعنى ، وهذا يقتضي تبسيط اللغة ، وخاصة إذا كان المعنى مبنيًا على مقدمات غير معلومة للقارئ [20]. وأصحاب مدرسة ( شعر ) اللبنانية الذين قلدوا الشعر الأوروبي بكل (موداته ) قدموا لنا محاولات تركيبــية جديدة لنظام الجملة وطبيعة اللفظة فيها [21]، فالشعر هنا صور ..... ويحدد أدونيس الكلمة فيها - أنها تزخر بأكثر مما تعد ،وتشير إلى أكثر مما تقول [22]. فالشعر عنده ثورة ، والكلمة معول هدم يجب أن تفرغ من الماضي ، وهو يعني بثورة اللغة أن تصبح الكلمة - وبالتالي الكتابة قوة إبداع وتغير تضع العربي في مناخ البحث والتساؤل والتطلع والعمل. [23]

والنثر – وخاصة القصة والمسرحية – يتلاقى في اتجاهاته العديدة هو والشعر من حيث الغموض ، فالكاتب يعمد إلى أن يقفز بدفعة واحدة إلى حيث يريد ، وعندما يتشبث به القارئ متوسلاً أن يصاحبه يخلّفه في الطريق ، حيث يبحث عنه ، أو يعزف عنه ، وغالبًا ما يعزف عنه .

وهنالك قضية أخرى ذات أهمية أخرى في لغتنا ، وهي الفصحى والعاميــة ، فكثيرًا ما اتهم دعاة العاميــة بالضعف أو بالدعوة إلى الشعوبية[24] ، ونحن اليوم في سبيل لغة وسطى ، بسبب انتشار التعليم ووسائل الإعلام ، بالإضافة إلى أن الفصحى ذاتها قد طرأ فيها تغيير كبير - في هندسة الجملة ، وذلك بتأثير لغات أخرى ، فالفصحى والعاميــة في صراع خفي ، وربما يكون يصب هذا في مصلحة العرب ، واللغة يجب أن تتطور حتى لا تصبح مجدبة عقيمة . ولكن الأولية تبقى للفصحى . و اهتماما بدورها نرى الكثيرين ينقحون أعمالهم الأدبية ، فإذا ما استعمل كاتب كلمة عامية فـإنه يحاول أن يغيرها إلى كلمة أقرب إلى اللغة التي يكتب بها أعلام الأدب القدماء ، وهو يحاول أن يبتعد عن لهجة يقبل عليها الأقــلاء ، وثمة الكثير من شعراء الحداثة يمازجون بين الفصحى والعاميــة ، وربما بتأثير إيليوت القائل إن العلاقة الصحيحة بين الألفاظ هي التي تخلق التناسق والحيوية [25]، ويمكننا اعتبار هذا تجديدًا لغويًا ضروريًا في كل عصر وفي كل لغة .





--------------------------------------------------------------------------------

[1] - انظر مثلا مدكور : في اللغة والأدب ص 16 ، عباس : فن الشعر ص 191 ، طبانة : قضايا النقد الأدبي ص 201 ، ونجد :في النقد القديم من أنصار تقديم اللفظ على المعنى : ابن خلدون ، المقدمة ص 856 ؛ ومن أنصار تقديم المعنى على اللفظ ابن رشيق : العمدة ج 1ص 28 ، العسكري : كتاب سر الصناعتين ص 55 .....ويرى الجرجاني أن هناك ما هو أكثر من اللفظ والمعنى كبناء الجملة والذوق : دلائل الإعجاز ص 40 ، 70 ، 307 ، 320 .



[2] - انظر - الشايب : الأسلوب ص 67 ، وما بعدها ، وكذلك الزيات : دفاع عن البلاغة ص 62 وما بعدها .

[3] - في اليونانية تعني logos العقل واللغة انظر



[4] - انظر- أنيس : من أسرار اللغة ص 7 .

[5] - انظر- عبود : الرؤوس ص 28

[6] - نظرة في كتاب الروض المسلوف فيما له اسمان إلى ألوف فستجد أن ليس هناك فروق كثيرة وجوهرية مثلا في أسماء الخمر .

[7] - ناصف - نظرية المعنى ، ص 18 ص 122.

[8] - انظر كامل - دلالة الألفاظ العربية وتطورها ، ص 14 وما بعدها انظر- زيدان : اللغة العربية كائن حي ، ص 48 وما بعدها .

[9] - انظر - أمين : فيض الخاطر (ج 2) ص238 .

[10] - انظر - ضيف : الفن ومذاهبه في الشعر العربي ص 371

[11] - انظر مادة ( سلع ) في معجم البلدان لياقوت.

[12] - على سبيل المثال - هدارة : اتجاهات الشعر العربي ص 535 – 565 .

[13] - أورد هذه القصة عز الدين إسماعيل في كتابه : الأسس الجمالية في النقد الأدبي ص 186 ، ولكني لم أجد لهذه القصة مصدرًا قديمًا ، ففي أخبار أبي تمام للصولي ص 37 نجد القصة في معرض دفاع المؤلف عن الشاعر، وليس الشاعر عن نفسه ...أما البيت فهو :

لا تستقني ماء الملام فـإنني صب قد استعذبت ماء بكائي

( ديوان أبي تمام ص 10 )

[14] - جزء من آية رقم 24 في سورة الإسراء ، والمقصود بهذا الرد أن القرآن كان قد استعمل الاستعارة ، مما يجيز الشاعر أن يفعل.

[15] - انظر مثلا رمز أبي كرب ورمز مية وغيلان في ديوان أبي تمام ص 15) ص 6 .

[16] - انظر - الموجز في الأدب العربي ( أدب الانحطاط والنهضة ) .

[17] - انظر عن البرناسية في - عباس : فن الشعر ، ص 58 ، الزيات : دفاع عن البلاغة ص 131 .

[18] - انظر عن شرح عبارة الجاحظ في كتاب الحاوي : نماذج في النقد الأدبي ص 719 .

[19] - طبانة : قضايا النقد الأدبي ص 158 .

[20] - ن . م ، ص 157 .

[21] - انظر مثلا : مجلة شعر عدد 23 – 24 ص 17 ص 31 .

[22] - انظر - أدونيس : زمن الشعر ص 19 .

[23] - ن . م ص 45 ، ص 199 .

[24] - انظر - بنت الشاطئ : لغتنا والحياة ص 94 ، المبارك : عبقرية اللغة العربية ص 7 .

[25]- انظر- درو : الشعر كيف نفهمه ونتذوقه ، ص 12 ، وانظر كذلك اختلاف تقييم كلمة (أخدع ) في كتاب- طبانة : قضايا النقد الأدبي ص 23


الكاتب:  عاشقة العربية [ الأربعاء فبراير 20, 2008 10:10 pm ]
عنوان المشاركة:  *** تطور اللغة الشعرية .......***

محمد الصالح, ذكرتني بقضية اللفظ والمعنى بالنقد يلا عقبال عندك
الشكر لك على هالموضوع ....... *1

الكاتب:  محمد الصالح [ الأربعاء فبراير 20, 2008 10:22 pm ]
عنوان المشاركة:  *** تطور اللغة الشعرية .......***

عاشقة العربية, مشكورة زميلتي العزيزة .........و الله يسمع منك
*1 *1 *1

صفحة 1 من 1 جميع الأوقات تستخدم التوقيت العالمي+03:00
Powered by phpBB® Forum Software © phpBB Group
http://www.phpbb.com/