مذكرات ذرّة

يالزيز يا رايق · **مرسل:** الخميس فبراير 28, 2008 2:42 am

كُنت حفنةً من التراب مداسةً بالأقدام من
يلمسني يغسل يديه إذ تصيران متسختين

فأمسَك بي فخاري ووضع عليَّ ماءً وصار
يعجنني فخرجَتْ منّي صرخة ألم

لماذا تعجني بهذا العنف...؟؟ ماذا فعلتُ
لك...؟؟ اتركني .... اتركني
فنظرَ إليّ الفخاري وقال: .... ليس بعد

وضعَني في دولاب الفخار وصار يحركه
بقوة... شعرتُ كأنّ الأرض كلها تدور حولي
وشعرت بدوارٍ شديد فصرختُ ... كفى .. كفى ....
ارحمني
نظر إلي وقال :.... ليس بعد

وضعني في فرنٍ شديد الحرارة فصرختُ من
شدّة الحرارة: لماذا تحرقني بالنار ؟؟
لماذا ؟؟
افتح لي باب الفرن .... كفى .... كفى
بعد فترةٍ فتح لي باب الفرن ونظر إلي
وقال: ....... ليس بعد

أمسكَ بفرشاةٍ ليرسم لي أشكالاً جميلةً
لكن رائحة الألوان كانت صعبةً جداً
فصرختُ: أني لا احتمل رائحة الألوان ...
كفى .... كفى
نظر إلي وقال : .... ليس بعد

ووضعني في فرنٍ آخر ذو حرارةٍ مضاعفة
ليثبِّت الألوان
وأخيراً وضعني على
الرَّف حتى أبرد .... وبعد قليل قدّم لي مرآه وقال:
" يا حفنة التراب المتألمة ...... أنظري "

فدَهشتُ حين رأيتُ نفسي في هذا الجمال
الباهر.... إنني لست أنا
إنني لستُ حفنة التراب المداسة بالأقدام
.... هذا ما فعلَته بي مدرسة الآلام

عزيزي

مباركٌ هو أتون النار الذي نكون فيه مع
الله ومباركٌ هو جبُّ الأسود الذي
نتمتّع فيه بخلاصه

إن الشَّجر الذي يتعرض للزّوابع
والعواصف هو أقوى وأكثر ثباتاً في الأرض من
الذي ينمو بعيداً عن شدَّة الرياح لذلك
لا نزرع الأشجار إلا في أمشير شهر
العواصف

وهكذا نحنُ كلَّما تعرَّضنا لعواصف
التجارب وزوابع الآلام نزداد ثباتاً في الله
إن الرّياح تهزُّ شجرة خروع ضعيفة لكنها
لا تزعزع السنديانة أو البلوطة

فكن قوياً ثابتاً في الرب مهما كانت
شدَّة العواصف

كما أن أوتار الآلات الموسيقية لا
تُخرِج أعذب الأنغام إلا إذا شُدَّت جيداً
أما إذا ارتخت فلا تكون ألحانها عذبة

وكما أن الخزّاف يضع أوعيته في النار
وليس بما فوق الحدِّ اللازم لئلا تنشق
الأواني
هكذا الله الخزاف الأعظم " لا يدعكم
تجرَّبون فوق ما تستطيعون " اكو13:10

وكما أن الخزاف لا يجعل أوانيه في النار
أقلَّ من الحدِّ اللازم لئلا تصير
نيِّئة وغير نافعة

هكذا الرب يجعلنا نجوز نار الآلام
بالقدر المناسب بحيث لا تقل أقل من اللازم
لتنقيتنا ومنفعتنا، ولا تكون أكثر من
احتمالنا لئلا تشقّنا وتهدمنا

إن النَّحات لكي يصنع تمثالاً جميلاً
يكسر ويثقب في المرمر بالمطارق والأزاميل
والرسام يستخدم اللون الأسود بل ويضيفه
إلى الألوان الأخرى الهادئة الجميلة
لتخرج أيقونته كما يريد من روعة وجمال

هكذا الله يستخدم أزاميل التجارب ومطارق
الضيقات ليصنع منّا أبراراً وقديسين
ويُدخل سواد المحن والآلام إلى حياتنا
ليُخرج منها أيقونةً جميلةً كما يريد

Mohammed · **مرسل:** الخميس فبراير 28, 2008 2:53 am

ثـــائـــر · **مرسل:** الخميس فبراير 28, 2008 2:59 am

تم النقل الى النادي العام

LATEST_POSTS

قوانين المنتدى

مذكرات ذرّة

الموجودون الآن