WELCOME1
WELCOME2
اليوم هو الجمعة أغسطس 22, 2025 6:10 pm
اسم المستخدم : تذكرني
كلمة المرور :  

LATEST_POSTS

جميع الأوقات تستخدم التوقيت العالمي+03:00


قوانين المنتدى


السلام عليكم و رحمه الله تعالى و بركاته : أرجو مراعاة التالي
- عدم التعرض للمبادئ الاسلامية أو التعرض لأنبياء الله تعالى عليهم الصلاة والسلام.
- عدم الخروج عن مسار الموضوع الاصلي و الدخول بنقاشات جانبية
يرجى عدم ذكر أي حديث شريف في الموضوع إن لم يكن متبوعاً بتخريجه مع ذكر مصدره و أي مراجع ممكنة .
- للاداري والمراقب والمشرف حذف أي موضوع مخالف دون الرجوع الى صاحبه.


إرسال موضوع جديد  الرد على الموضوع  [ مشاركتان ] 
الكاتب رسالة
  • عنوان المشاركة: بديهيات لا ينبغي للمسلم ان ينساها
مرسل: الثلاثاء أكتوبر 30, 2007 12:42 am 
مراقب عام
مراقب عام
اشترك في: السبت أكتوبر 20, 2007 2:04 pm
مشاركات: 9878
القسم: اللغة الانكليزية
السنة: دبلوم تأهيل
مكان: حمص



غير متصل
البديهيات لا ينبغي للمسلم أن ينساها


الحمد لله ثم الحمد لله‏،‏ الحمد لله حمداً يوافي نعمه ويكافئ مزيده‏،‏ ياربنا لك الحمد كما ينبغي لجلال وجهك ولعظيم سلطانك‏،‏ سبحانك اللهم لاأحصي ثناءً عليك أنت كما أثنيت على نفسك‏،‏ وأشهد أن لاإله إلا الله وحده لاشريك له‏،‏ وأشهد أن سيدنا ونبينا محمداً عبده ورسوله‏،‏ وصفيه وخليله‏،‏ خير نبيٍ أرسله‏،‏ أرسله الله إلى العالم كله بشيراً ونذيراً‏،‏ اللهم صلِّ وسلم وبارك على سيدنا محمد‏،‏ وعلى آل سيدنا محمد‏؛‏ صلاة وسلاماً دائمين متلازمين إلى يوم الدين‏،‏ وأوصيكم أيها المسلمون ونفسي المذنبة بتقوى الله تعالى‏.‏

أما بعد‏:‏ فياعباد الله‏.‏ لابد بين الحين والآخر أن نتذكر ونذكر‏،‏ لابد من أن نتذكر بعض البدهيات التي يفترض أن يعرفها كل مسلم ذلك لأن بحار هذه الدنيا المتلاطمة تُنسي كثيراً من المسلمين حتى البديهيات التي ماينبغي أن ينساها مسلم‏،‏ بل إنها لتنسي هوية الإنسان‏،‏ تُنسيه ذاته وحقيقته‏،‏ لماذا خُلقنا في هذه الدنيا أيها الإخوة‏؟‏ يجيب الله عز وجل قائلاً‏:‏ ] تَبارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ‏،‏ الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَياةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ[ ‏[‏الملك‏:‏ 67‏/‏1-2‏]‏ خُلقنا لنؤدي امتحاناً سيّرنا الله عز وجل في طريقه‏،‏ وضعنا الله سبحانه وتعالى أمام دنيا تتشهاها النفس‏،‏ ويفتن بها الفؤاد‏،‏ وتنبهر بها الأبصار‏،‏ ثم طلب منا أن نستخدم هذه الدنيا خادماً ذليلاً لمرضاة الله عز وجل‏،‏ للوظيفة القدسية التي خُلقنا من أجلها‏،‏ تُرى‏:‏ هل سنستخدم الدنيا ونجعلها ذليلة مطواعة للسير بها إلى مايرضي الله‏؟‏ أم سنسكر بها‏،‏ وننتشي‏،‏ وننسى الغاية التي نسير إليها والنهاية التي سنقف عندها‏،‏ ثم نركن إلى الدنيا وزينتها وزخرفها‏.‏ من الناس من كانوا يقظين لهذا الامتحان وكانوا في كل تقلباتهم يتذكرون قول الله عز وجل هذا‏،‏ فوضعوا الدنيا تحت أقدامهم‏،‏ وسيروها مطايا ذليلة لما يُرضي الله عز وجل‏.‏ إن جاءتهم عن طريق يُرضي الله استقبلوها بقبول حَسَن وشكروا الله‏،‏ وإن أَبَتْ أن تأتيهم إلا بعيدة عن مرضاة الله عز وجل وضعوها دَبْر آذانهم أو وضُعوها تحت أقدامهم‏،‏ ونسأل الله أن يجعلنا من هذا الفريق‏.‏ وفريق آخر سكر بهذه الدنيا‏،‏ وأخذت الطموحات تُسكره‏،‏ وأخذت الأحلام تأخذه وترده‏،‏ ونسي في غمار ذلك كلام الله سبحانه وتعالى‏،‏ بل تحول فاستخدم الدين من أجل أن يصل إلى المزيد من دنياه‏.‏ استخدم الدين من أجل أن يحقق أحلامه وأن ينسج طموحاته‏،‏ بل ربما نسي الدين كله‏،‏ واكتفى من ذلك بقشور وظواهر‏.‏ هذه حقيقة بدهية ينبغي أن يعلمها المسلم عندما يفتح عينيه على هذه الدنيا‏.‏ أول معلومة من معلومات الدين هذه الحقيقة‏.‏ لكن كم هم الذين يتذكرونها في غمار تعاملهم مع هذه الحياة الدنيا‏؟‏‏.‏

أيها الإخوة أولاً عودوا فتذكروا هذه الحقيقة وضعوها نصب أعينكم‏،‏ ثم اغرسوها حقيقة بين جوانحكم‏،‏ ثم اعلموا أن هنالك قانوناً ربانياً يأخذ الله عز وجل به عباده‏،‏ فكل مَن وضع نُصب عينيه أن يكون خَدَّاماً ـ وأقولها باللفظة الدارجة المعروفة ـ لأوامر الله سائراً على صراط الله ملتزماً شرائع الله‏،‏ غير مبال بالدنيا في سبيل ذلك‏،‏ إن أقبلت أو أدبرت‏،‏ فقد ألزم الله عز وجل ذاته العلية أن تأتيه الدنيا صاغرة‏،‏ وأن يُحييه حياة طيبة‏،‏ كما وعد بذلك في محكم تبيانه‏.‏ وأما مَن أصر إصراراً على أن يجعل عافيته وقدراته وفكره وكل ماوهبه الله عز وجل إياه في سبيل تحقيق طموحاته الدينوية وأهوائه وتجاراته والاستزادة من أمواله‏،‏ فلايمكن إلا أن يضع الله فقره نصب عينيه ولن يأتيه من الدنيا إلا ماقد قُدّر له‏.‏ هذه حقيقة ألزم الله بها ذاته العلية‏،‏ وذكّرنا بها سيدنا رسول الله ـ صلى الله عليه وسلّم ـ إذا قال‏:‏ ‏(‏‏(‏مَن كان همه في الدنيا هماً واحداً‏،‏ همَّ مرضاة الله سبحانه وتعالى أو الآخرة‏،‏ كفاه الله همّ الدنيا والآخرة وجاءه رزقه من حيث لايحتسب‏،‏ ومن كان همه الدنيا جعل الله فقره نُصب عينيه ولم يأته من المال إلا ما قُدّر له إلا قليلاً قليلاً قليلاً‏)‏‏)‏‏.‏ هذا كلام سيدنا رسول الله ـ صلى الله عليه وسلّم ـ‏.‏ مَن الذي يشذ عن هذا‏؟‏ يشذ عن هذا طبق استثناء ذكره لنا كتاب الله‏،‏ أولئك الذين غضب الله عليهم وقطع مما بينه وبينهم صلة رحمته‏،‏ وهم المستكبرون على الله عز وجل‏،‏ هؤلاء يفتح الله عليهم الدنيا‏،‏ تندلق عليهم من شرقها وغربها‏،‏ ذلك لأن هؤلاء انتفت صلتهم بالله عز وجل‏.‏

أما من كان لايزال يطمح إلى توفيق الله‏،‏ من كان لايزال يحاول أن يسير على صراط الله‏،‏ ولكنه أقبل إلى الدنيا وأعرض عن الآخرة‏.‏ أقبل إلى الدنيا يجعلها سيد موقفه‏،‏ وأقبل إلى الدين يجعله خادماً لدنياه‏،‏ فلابد أن يتحقق في شأنه هذا الذي قاله رسول الله ـ صلى الله عليه وسلّم ـ‏:‏ ‏(‏‏(‏من كان همه هماً واحداً‏،‏ همَّ الآخرة‏،‏ كفاه الله همّ الدنيا والآخرة‏،‏ ومن كان همّه الدنيا جعل الله فقره نُصب عينيه ولم يأته من المال إلا ماقُدّر له‏)‏‏)‏ هذه الحقيقة لاتنسوها أيها الإخوة إلا مَن شاء منكم أن يُقَدّم رأس مال لدنيا عريضة تأتيه‏،‏ ورضي أن يكون رأس ماله هذا الكِبر على الله‏،‏ وقَطْعَ مابينه وبين الله من أوهى الخيوط‏،‏ فهذا يمكن أن يجعله مثل قارون في المال الذي أغدقه الله عز وجل عليه‏،‏ وماأظن أن فينا من يرضى بهذا المصير القذر في دنياه وآخرته أبداً‏.‏

أيها الإخوة‏:‏ كلما كان الإنسان متطامناً ذليلاً لمولاه وخالقه‏،‏ يقول بلسان الحال‏:‏ يارب أنا أعيش من أجل أن أكون عبداً لك بسلوكي الاختياري كما قد خلقتني عبداً لك بواقعي الاضطراري‏،‏ وهاأنا ذا أذل لسلطانك‏،‏ وهاأنا ذا أسير منكسراً لحكمك وربوبيتك وألوهيتك‏،‏ فحقٌّ على الله كما ألزم بذلك ذاته العلية أن يرفع له شأناً في دنياه وآخرته‏،‏ وكلما ارتفع شأنه في دنياه كلما تطامن أكثر‏.‏ وهذا يذكرنا برسول الله ـ صلى الله عليه وسلّم ـ هو قدوتنا وهو الذي يجسد لنا هذه الحقائق النظرية بسلوكه العملي‏،‏ ماذا كان يقول‏؟‏ كان من قوله المكرور فيما يرويه عبدُ بن حُميد والحاكم في مستدركه من حديث أبي سعيد الخدري‏،‏ والطبراني من حديث عبادة بن الصامت كان يقول‏:‏ ‏(‏‏(‏اللهم أحيني مسكيناً‏،‏ وتوفني مسكيناً‏،‏ واحشرني في زمرة المساكين‏)‏‏)‏‏.‏ لم يكن هذا الكلام الذي يقوله المصطفى ـ صلى الله عليه وسلّم ـ تجمّلاً يجمّل به لسانه كأحدنا‏،‏ لا بل كان هذا شعوره الداخلي يَبرُز على لسانه‏،‏ أما نحن فكثيراً مانقول هذا الكلام لنجعل من هذا الحديث ومعناه التواضعي إطار كبرياء في حياتنا‏،‏ لاهذا الشعور كان منبثقاً من أعماق أعماق رسول الله ـ صلى الله عليه وسلّم ـ‏،‏ والدليل‏:‏ أنه كان يجلس إلى الفقراء‏،‏ وإلى مَن لايؤبه بشأنهم‏،‏ وقد ورد أنه كان يجلس قائلاً‏:‏ ‏(‏‏(‏مسكين جلس في جنب مسكين‏)‏‏)‏‏.‏ وكان إذا جاءه أحد من الأعراب لايعرف رسول الله ـ صلى الله عليه وسلّم ـ أقبل إلى الحلْقة التي فيها المصطفى ينظر وتزيغ عيناه بين الجالسين‏،‏ فلايعلم مَن هو محمد بن عبد الله ـ صلى الله عليه وسلّم ـ‏،‏ إذ كان مجلسُه كالآخرين لايتميز عن أصحابه بشأن‏،‏ فإذا أُشير له إلى رسول الله هابه‏.‏ فكان يقول له عليه الصلاة والسلام‏:‏ أُدن ياأخا العرب أُدن‏.‏ يمشي خطوات ويقف ثم يقول له رسول الله‏:‏ أُدن ياأخا العرب‏،‏ فإنما أنا ابن أَمَةٍ كانت تأكل القديد في مكة‏.‏ مَن أنا‏؟‏ أنا ابن أَمة فقيرة كانت لاتجد من الطعام ماتأكله إلا ذلك اللحم المُشَرَّق على الصخور‏،‏ والذي كان يتهيأ للطعام بحرّ الشمس‏.‏ أنا ابن تلك المرأة‏.‏ هذا شأن المصطفى ـ صلى الله عليه وسلّم ـ وهو مَن‏؟‏ هو أفضل الخلائق‏،‏ لو حاز لإنسان أن يتمطى إلى سُدة الكبرياء لكان أول من يستحق أن يفعل ذلك رسول الله ـ صلى الله عليه وسلّم ـ‏.‏ كلما أقبلت الدنيا إليه بمزيد من الإكرام‏،‏ ازداد المصطفى ـ صلى الله عليه وسلّم ـ تبتلاً وانكساراً لمولاه وخالقه‏.‏ رسول الله لم يكن فقيراً‏،‏ وماينبغي أن ننعته بالفقر‏،‏ كلمة فقير‏،‏ أي محتاج‏.‏ لا‏،‏ كان رسول الله ـ صلى الله عليه وسلّم ـ على الرغم من أنه يبيت كثيراً من الليالي على الطَّوى كان غنياً بإغناء الله سبحانه وتعالى إياه‏.‏ نعم‏،‏ ولكن‏،‏ ولكنكم تعملون كيف كانت دار رسول الله ـ صلى الله عليه وسلّم ـ والباري عز وجل يكرمه بالمال‏،‏ يكرمه بالعطاء‏،‏ يكرمه بالمغانم‏،‏ فلم يكن يرفع بذلك رأسه‏،‏ ولم يكن المال يُسكره بشكل من الأشكال‏.‏ وأكرمه الله بالفتح‏،‏ أكرمه الله بالنصر والتأييد‏.‏ والناس عندما يجدون أبواب النصر قد تفتحت أمامهم‏،‏ وأن القوة قد أثمرت في حياتهم ينتشي أحدهم ويسكر ولاكسُكر الخمر‏.‏ أما رسول الله ـ صلى الله عليه وسلّم ـ فانظروا إلى حاله يوم دخل مكة فاتحاً‏.‏ وأي فتح! لاأعلم أن إنساناً نُصر النصر المؤزّر العظيم الذي يبعث النشوة في الفؤاد‏،‏ كانتصار رسول الله يوم رجع إلى مكة مسقط رأسه فاتحاً وقد ذل له المشركون أجمع‏.‏ كيف كان دخول رسول الله‏؟‏ كان يطأطئ رأسه‏،‏ ثم يبالغ ثم يبالغ حتى إن عثنونه ـ هذه الشعرات ـ لتمس واسطة رحله‏،‏ قوّس رسول الله ـ صلى الله عليه وسلّم ـ ظهره وانحنى وتقوقع لا ذلاً لمخلوق‏،‏ ولكن ذلاً للخالق سبحانه وتعالى وكان يشدو ويترنم بتلاوة سورة الفتح‏.‏ مامعنى هذا‏؟‏ معنى هذا أن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلّم ـ يعلمنا يقول لنا‏:‏ ياأيها المسلمون أجملوا في الطلب‏،‏ أجملوا في طلب الرزق‏،‏ فإنه لن يقبض الله سبحانه وتعالى روحاً فوق هذه الأرض حتى تستوفي رزقها الذي قُسِم لها‏.‏ اجعلوا سعيكم في دنياكم خادماً لوظائفكم التي خُلقتم من أجلها لا اعلموا أنكم بمقدار ماتُذِلّون الدنيا في سبيل مرضاة الله عز وجل فإن الله ييسر لكم معاشكم ويفتح لكم مزيداً من أبواب رزقكم‏،‏ وبمقدار ماتلهثون وراء الدنيا ـ وقد نسيتم أنكم خُلقتم لله‏،‏ خُلقتملممارسة عبوديتكم لله عز وجل ـ فلسوف تأتيكم الدنيا قطرة قطرة‏،‏ ولسوف يجعل الله فقر أحدكم نصب عينيه كما قال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلّم ـ‏.‏ هذا المعنى قانون لاأتصور إطلاقاً أنه يشذ إلا بالنسبة للمستكبرين الذين قال الله عز وجل عنهم‏:‏ ] فَلَمّا نَسُوا ما ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنا عَلَيْهِمْ أَبْوابَ كُلِّ شَيْء[ ‏[‏الأنعام‏:‏ 6‏/‏44‏]‏‏.‏ وأظن أنه ليس فينا من يقول‏:‏ فليفتح الله أمامي أبواب كل شيء وأنا لاأريد منه آخرته‏،‏ ليس فينا من يقول هذا الكلام بشكل من الأشكال‏،‏ في الناس من كانت حياتهم نبراساً لهذه الحقيقة‏،‏ ومثالاً لهذا الواقع‏،‏ وتجسيداً لهذا القانون‏،‏ في الناس من فتح أحدهم عينيه على هذه الدنيا ودعاه المربي إلى أن يضع دنياه تحت قدمه‏،‏ وأن لايبالي جادته أو لم تأته‏.‏ وذكّره بأن يجعل عمله سيراً على مرضاة الله‏،‏ وأن يجعل قصيده التوجه إلى الله‏،‏ وأن يجعل حديث الدنيا موكولاً إلى الله وأن لاينسى قول الله عز وجل‏:‏ ] فَابْتَغُوا عِنْدَ اللَّهِ الرِّزْق[ ‏[‏العنكبوت‏:‏ 29‏/‏17‏]‏‏.‏ في الناس من تلقى هذه التربية وسار عليها ووطّن نفسه لحالة من الضنك ولحالة من الفقر إذا شاء الله عز وجل ذلك‏،‏ في سبيل أن لايجيد عن صراط الله لايمنة ولايسرة‏،‏ وفي سبيل أن يسير في فجاج هذه الحياة الدنيا متعلماً دينه‏،‏ داعياً إلى الله جُهد استطاعته‏،‏ قائماً بوظائفه التي كلفه الله عز وجل بها‏،‏ هكذا عاهد نفسه‏،‏ وهكذا سار‏.‏ فماذا كان موقف الله عز وجل منه‏؟‏ ألم يقل رسول الله ـ صلى الله عليه وسلّم ـ نقلاً عن الله‏:‏ ‏(‏‏(‏من كان همه هماً واحداً‏،‏ همَّ الآخرة‏،‏ كفاه الله همّ الدنيا والآخرة‏)‏‏)‏‏؟‏ ماهي إلا سنوات حتى فتح الله عليه مغاليق الدنيا وأكرمه بالمال من حيث لايحتسب وأقامه في حياة طيبة كما قال الله عز وجل‏:‏ ] يا أَيُّها الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذا دَعاكُمْ لِما يُحْيِيكُمْ [ ‏[‏الأنفال‏:‏ 8‏/‏24‏]‏‏،‏ ] مَنْ عَمِلَ صالِحاً مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَياةً طَيِّبَةً [ ‏[‏النحل‏:‏ 16‏/‏97‏]‏‏.‏

نعم‏،‏ من أين جاء هذا‏؟‏ لما أخلص لله‏،‏ ولما سرى وهو يمتطي الدنيا ويضعها تحت قدميه سيراً إلى الله سبحانه وتعالى‏،‏ قال الله له‏:‏ أنا أكرم من أن تستبقي منّة لك عليّ‏،‏ أنا الرازق ] فَابْتَغُوا عِنْدَ اللَّهِ الرِّزْق[ ‏[‏العنكبوت‏:‏ 29‏/‏17‏]‏‏.‏ ولابد أن يأتيك الرزق الذي لن تتخيله ولن تتصوره ولن تتوقعه‏.‏ هذا الذي يعامل اللهُ عز وجل به عبادَه‏،‏ قانون دائم وحقيقة راسخة‏.‏ أقولها أيها الإخوة لأذكر نفسي وأذكركم بحقيقة قدسية هامة‏:‏ من أراد أن يلقى الله غداً وهو عنه راضٍ فلايلهثن وراء الدنيا ولايُذيبن دينه في سبيل دنياه‏.‏ بل ليُجمل في الطلب كما قال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلّم ـ‏:‏ ‏(‏‏(‏اتقوا الله وأجملوا في الطلب‏)‏‏)‏ وأن يُحِل الأمر إلى الله عز وجل وليُعلن لابقوله ولابدعاويه‏،‏ بل بسلوكه أنه يجعل من قوته التي متّعه الله بها من عقله ورشده الذي أكرمه الله عز وجل به من الدنيا قَلَّت أو كثرت‏،‏ التي يرزقه الله عز وجل إياها‏،‏ فيجعل من ذلك كله خادماً لمرضاة الله ‏،‏ خادماً للسير على صراط الله‏،‏ خادماً لعبوديته السلوكية لله سبحانه وتعالى‏،‏ ولينظر بعد ذلك كيف يحييه الله سبحانه وتعالى الحياة الطيبة التي وعده بها بلام التأكيد ونون التأكيد ] فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَياةً طَيِّبَةً [ قَسمٌ من أول الفعل ونون تأكيد في آخر الفعل‏،‏ وهل يحتاج ربنا إلى أن يؤكد‏؟‏ وهل نحتاج في إيماننا بوعده إلى هذا التأكيد‏؟‏ ربما احتجنا‏؛‏ لأن الدنيا برّاقة ولأن أحلامها أكثر من حقيقتها‏.‏

أقول قولي هذا‏،‏ وأستغفر الله العظيم‏.‏


من خطب الدكتور محمد سعيد رمضان البوطي

_________________
صورة


أعلى .:. BACK_TO_END
  • عنوان المشاركة:
مرسل: الثلاثاء أكتوبر 30, 2007 4:37 pm 
آرتيني متميّز
آرتيني متميّز
صورة العضو الرمزية
اشترك في: الثلاثاء أغسطس 07, 2007 4:19 pm
مشاركات: 3676
Yahoo Messenger: feras_amoura@yahoo.com
مكان: حلب



غير متصل
عصام, موضوع رائع تشكر عليه *ورود *1

_________________
الذوق سمة الرجل المهذب والخيال سمة الرجل المنتج واتزان العاطفة سمة الرجل الناضج


أعلى .:. BACK_TO_END
إرسال موضوع جديد  الرد على الموضوع  [ مشاركتان ] 

جميع الأوقات تستخدم التوقيت العالمي+03:00

الموجودون الآن

المتصفحون للمنتدى الآن: لا يوجد أعضاء مسجلين متصلين وزائران


لا تستطيع كتابة مواضيع جديدة في هذا المنتدى
لا تستطيع كتابة ردود في هذا المنتدى
لا تستطيع تعديل مشاركاتك في هذا المنتدى
لا تستطيع حذف مشاركاتك في هذا المنتدى
لا تستطيع إرفاق ملف في هذا المنتدى

البحث عن:
الانتقال إلى:  

RIGHTS_RESERVED . DESIGNBY . CONTACTUS . سياسة الخصوصية . شروط الاستخدام
Powered by phpBB© . الترجمة برعاية المنتديات العربية