ما أروعها من كلمات
تشاكل الغزل بالمحبوب مع مدح الرسول صلى الله عليه وسلم، وهذا ما ظهر في البيت الأخير الذي كشف عن شخصية المحبوب.
إن رفع المحبوب إلى ذلك الحب المعنوي يعطي للقصيدة طابع العذرية التي شاعت في العصر الأموي، والتي تتمنى وصل المحبوب ولو بالنظر من بعيد وخلف الأستار والحجب، وهذا ما طبقته على شخصه صلى الله عليه وسلم، الذي يرجو الكل لقائه أو سماع صوته، لذلك نقف على أطلالهم (منازلهم) نبكي فراقهم ونهوى قربهم، فلا طاقة لنا في إطفاء حبهم فينا إلا منازلهم وذكراهم العطرة، وليته ينطفئ، فالحكيم عجز عن تفسير ذاك الهوى وما استطاع تمالك نفسه أمام حالنا، لتقف الأدواء عاجزة أمام داء الهوى في هذه الشخصية الكريمة فلا العذل أدى وظيفته ولا القلب استطاع النسيان.
وكل هذا في محبته صلى الله عليه وسلم .. قليل قليل، ولا يسعنا في ذلك إلا اتباع سنته والتزام هديه، وهذا ربما جوابٌ لقولك:
فهـل حـقـاً بـكـائي غـيـر مـجـدٍ
ولا يـجــدي حنـيـنـي والـنـحـيـب
القصيدة رائعة في غزلها المعنوي فكيف به إذا تكشف عن مدح الهادي، إضافة إلى ما تحمله من معانٍ سامية وألفاظ رقيقة تذوب في القلب كما عنوان القصيدة "في الهوى قلبي يذوب"
استوقفني هذا البيت:
وفي الأرضِ غـزالٌ ذو عيـونٍ
أتـانــي سـهـمـه قــــدراً يـصـيــبُ
نستطيع تأويل الغزال هنا، إما ذلك الحيوان الساحر العينين وتكون السهام هي نظراته، وإما شمس ملأ ضياها الأرض وكانت سهامها هي شعاع الضوء.
أسلوب الاستفهام الذي حمل معنى التحسر، أضاف إلى القصيدة لمسة زادت القصيدة لطفًا:
بكـتْ روحـي ونادتنـي عُيـونـي
تـُـرانـــا نـلـتــقــي أمْ لا مــجـيــبُ
تـُرانــا وحــدنــا نــهــوى نـجـومــاً
لــهــا نـــــورٌ وطهرٌ لا يـغــيــبُ
ومـا فرحـي سـوى وهــم ٍو وجــدٍ
وما روحي سوى شوق كئيـب
استخدمتَ أسلوب القصر هنا من خلال النفي والاستثناء، وفي أسلوب القصر تخصيص للمعنى، فما الفرح إلا الوهم والوجد وما الروح إلا الشوق الكئيب ولا غيره، إنه تنبيه إلى معنى الحزن الذي اعتراك في بعده عنك وظّفت فيه هذا الأسلوب الجميل.
وقد أحببتُ طريقة توزيعك للأساليب الإنشائية التي جاءت في مواقع مناسبة تكسر رتابة الخبرية، فنوعت في النداء والاستفهام.
ملحوظة صغيرة..
بكاءي- رجاءي- شفاءي: بكائي- رجائي- شفائي
كل الشكر لقلمك الرائع، استمتعتُ بقراءة قصيدتك وتحليلها
::مـــــثـــــبــــــــــــت::