موسى محمد موسى,
كلام جميل ومنطقي وأسئلة تراود أذهاننا ونبحث عن إجابة شافية عنها لكن لا نجد, إن من يملك الإجابة عن هذه الأسئلة هي الحياة ومدرسة الحياة ....وقد يكون موضوع الغني والفقير واحداً من الدروس القاسية على البعض.
موضوعك يستحق المناقشة بجدارة.
طيب
سأتكلم بشكل عام إن سمحت لي محاولةً الإجابة عن أكبر قدر من التساؤلات طبعاً الإجابات عن هذا الموضوع ينبع من قناعات شخصية وليس من نظريات تقال, "مع التسليم الكامل بأن ليس كل الأغنياء متعجرفين وليس كل الفقراء عندهم كرامة"
الفقير والغني قدر من الأقدار المفروضة على الإنسان, فقد يظن البعض أن الغني هو الأوفر حظاً في هذه الدنيا أما الفقير فقد كتب عليه الشقاء والتعب كي يحصل على جزء يسير من أولويات العيش.
لا أعرف لكن أظن أن الغني لا يتمتع بالسعادة الخرافية التي يظنها البعض. يا أخي الدنيا دار فناء والكمال لله وحده, قد يكون هناك طبقات لا أنكر ذلك, لكن فلينظر كل منا إلى موضع قدميه وبعد ذلك ليرسم الطريق المناسبة لطريقة حياته والمتناسبة مع قدراته ليرضى ذاته بالدرجة الأولى.
وإذا كان الناس يحبون الغني ويصدقون ما يقول وكأنه رسول ...فهذا برأيي عقاب قاسٍ لهذا الغني فكأنما يقولون له" قيمتك بأموالك وليست بعقلك وبشخصيتك" وهو أيضاً لا يثق بهم أبداً ظنّاً منه بأنهم يحبونه بسبب أمواله وكل يحتال عليه بطريقة أو بأخرى لينال قدراً من فتاته...ما هذه الكرامة الملطخة بالمطامع وما هذا الكابوس الذي يعيشه الغني من فقدانه للأمان وعدم ثقته بأقرب الناس حوله...أهذه حياة ممتعه أم أنها صراع مؤبد سببه المال والمطامع القذرة.....
أما التعجرف والتكبر فما هما إلا غطاءان لفشل لا يشعر به إلا الغني من فقدانه للثقة وإحساسه المتواصل بان البشر كلهم يحبونه لأجل ماله فقط. قيقوم بالتعجرف ظناً منه أن هذا التصرف سيشكل جداراً يحميه من مطامعهم .
بالنسبة لموضوع الثقة بالنفس فأنا أشعر أنها لا ترتبط ارتباطاً وثيقاً بموضوع الغنى أو الفقر.
أما الفقير...فهو يعيش من أجل حلم, ويكفي أن لدغات الحياة القاسية تجعل منه "إنساناً يشعر ويحس" وهذا برأيي نصف الكأس الممتلئ, فالغني أمّن حياته وليس عنده نظرة للمستقبل إلا كيف يحافظ على ثروته من الضياع أي أنه لا يستمتع بالحياة كما هي. أما الفقير فلديه مشاعر حية ونابضة تريه جمال الحياة, ويحس بالنجاح مهما كان صغيراً, ولديه "كرامة" وهذه الجوهرة التي إن استطاع أن يحافظ عليها فإنها ستعطيه بريقاً في الوقت المناسب.
وعندي تخيل يراودني دائماً بأن شخصاً ما معه مال كثير وكل ما خطر على باله شيء حصل عليه بلا تعب ..طيب ما آخر هذا الأمر ..حياة فارغة بلا معنى
صدقني فلينظر الإنسان أولاً إلى موضع قدميه ويسأل "أين أقف الآن" ويبدأ من حيث هو ... يخطط, ينفذ, يحاول, قد ينجح, قد يفشل..سيتألم و قد يضعف أحياناً لكن سيصل بإذن الله و وصوله سينسيه هذه الجراح التي كابدها...فمدرسة الحياة قاسية لكن النجاح فيها لا يعادله نجاح آخر ..
