آرتين لتعليم اللغات
https://forum.art-en.com/

لماذا نموت قبل الموت؟
https://forum.art-en.com/viewtopic.php?t=23930
صفحة 1 من 1

الكاتب:  ديب الفلا [ الخميس فبراير 17, 2011 5:54 pm ]
عنوان المشاركة:  لماذا نموت قبل الموت؟

صباح البنفسج و عبيره

لماذا نموت قبل الموت؟

عبد الله المغلوث


دخلت الصالون و هي ترتدي أجمل ابتسامة. تميط اللثام عن أسنان ناصعة و سعادة هائلة. قبل أن تشرع في قراءة الكتاب الذي أخرجته من حقيبتها الأنيقة تقدمت نحوها مصففة شعرها بانشراح. رحبت بها بحرارة ثم ناولتها صورة قائلة: "اخترت لك سيدتي هذه التسريحة. شعرت أنها تناسبك". تصفحتها الزبونة السعيدة على عجل و قالت وهي تمد لها جوالها: "لا، لدي تسريحة أجمل منها. إنها في هاتفي". تأملت المصففة شاشة الجوال الصغيرة بتأن ثم ابتسمت قائلة: "لكِ ما تريدين".

سرقت انتباهي تلك الزبونة البريطانية. لفتت نظري ليس بسبب ابتسامتها أو تسريحتها، بل بسبب عمرها. إنها تتجاوز الثمانين عاما، لكنها تتحلى بروح و حيوية فتاة يافعة. ما زالت تركض خلف الموضة و التسريحات الحديثة بحماسة. ما زالت تقبل على الحياة كأنها في العشرين.

جارها الأسكتلندي، الدكتور جيمس ميرليس (73 عاما)، الحائز على جائزة نوبل في الاقتصاد عام 1996، يتشبث بالحياة هو الآخر لكن بنظارته السميكة و أحلامه العديدة. كان يتحدث بحبور في لقائه التلفزيوني كأنه فاز بنوبل أمس و ليس قبل 14 عاما. كان سعيدا جدا و هو يمطر المذيع بكلمات صينية تعلمها للتو. لدى ميرليس شهية مفتوحة لالتهام المزيد من الكتب واللغات رغم آلام عينيه الطفيفة. جدوله اليومي مزدحم بالفعاليات و الأنشطة و الفواكه. يبدأ يومه في الساعة السادسة صباحا بالتهام صحيفة و تفاحة. ثم ينخرط في قراءة ما تيسر من كتاب قبل أن يذهب إلى الجامعة. عصراً يذهب إلى المعهد لتعلم اللغة الصينية و مساء يزاول الرياضة و تصفح بريده الإلكتروني. قبل أن يخلد إلى النوم يتناول موزة و كتاباً. يقول: "كلما كان يومي متخماً ازدادت بشرتي نصاعة و ابتسامتي اتساعاً". يحلم ميرليس أن يتعلم الصينية و الألمانية و الكثير من المهارات التقنية المتسارعة مستحضراً كلمات الفيلسوف الإنجليزي، فرنسيس بايكون: "الشيخوخة في الروح و ليست في الجسد".

الإنجليز ليسوا وحدهم الذين يتمتعون بالحياة حتى آخرة قطرة، فالسنغافوريون يفعلون ذلك بمهارة. يعترف رجل الأعمال السنغافوري الناجح تشو باو (83 عاما) أنه لا ينام سوى أربع ساعات يومياً. يقول: "لا أود أن أهدر يومي في الفراش". يقضي تشو جل يومه في المكتب أو مع أبنائه. يلعب معهم كرة السلة أو يطهو لهم. يرى السنغافوري أن الموت يهرب منه كلما وجده سعيدا. يقول في مذكراته التي صدرت العام الماضي: "أنا لا أخاف من الموت. سيحملني يوماً ما.. عاجلاٍ أم آجلاً، لكن لماذا أناديه قبل أوانه؟".
المسنون في العالم يركضون و يستمتعون، يتبرجون و يتعلمون، لكن أقرانهم في دولنا العربية مريضون و حزينون و مكتئبون، يموتون قبل الموت.
لمَ لا نجد سبعينيا يدرس في الجامعة أو يتعلم لغة أخرى؟ لمَ لا نجد كبيرة في السن تصبغ شعرها و تغير تسريحتها بين الحين والآخر؟
لماذا تنطفئ حماسة معظم آبائنا في الستين؟ يقلع كبارنا عن السعادة و الفرح مبكرا. يحرمون أنفسهم و الآخرين من إمكاناتهم إثر تقوقعهم و انزوائهم.

في الغرب عندما يتقدم الإنسان في السن تظهر عليه ملامح الرفاه و الارتياح، فقد تحرر من الكثير من الالتزامات و تفرغ لهواياته و سعادته. في المقابل، يذوي إنساننا عندما يكبر. تصيبه الأمراض الواحد تلو الآخر إثر جلوسه و إحباطه. ينتظر الموت أن يلتقطه في أي لحظة.
الإقبال على الحياة يطيل العمر و يسعد الإنسان وينعكس على أدائه و عمله. ألم يقل سيد الخلق عليه الصلاة و السلام: "خير الناس من طال عمره و حسن عمله".
فلمَ لا نطيل أعمار آبائنا بإسعادهم و إخراجهم من عزلتهم و قنوطهم، بتدريبهم على تقنيات حديثة و تحفيزهم على خوض غمار تجارب جديدة؟ إن من لا يجيد أصول اللعبة لن يخوضها. فلنعلمهم و نعيد الحياة و الحماسة إلى أرواحهم و أطرافهم.

علينا أن نشجع أمهاتنا و آباءنا و أقاربنا على ممارسة ما يحبون.. أن يصبغوا شعرهم و يلونوا حياتهم دون أن نطفئهم بعبارات قاسية سراً و علانية على شاكلة (متصابية) أو (مراهق في الخمسين) تجعلهم يذبلون و يختفون.
تأثرت جداً عندما سألني قبل عدة أشهر رجل في العقد الخامس أن أساعده في كتابة رسالة نصية من جواله.
من لا يعرف كتابة رسالة هاتفية قطعاً لا يستطيع أن يرسل إيميلاً أو يتصفح موقعاً إلكترونياً. الأمية في وقتنا الحاضر لم تعد تقتصر على القراءة بل على التعاطي مع وسائل التقنية الحديثة.
فالإنجاز و الإبداع لا يرتبطان بعمر و مرحلة معينة. تصفحوا أهم اختراعات و ابتكارات و مؤلفات العالم و ستجدون أن خلفها مسنين يتدفقون حياة و موهبة. فلمَ لا نصفق لمسنينا و ندعمهم و نؤازرهم كبقية العالم؟

إذا لم نغير عاداتنا و سلوكياتنا فلن نكون أوفر حظا من آبائنا ، فهم نتيجة لثقافتنا و أسلوبنا العقيم. سنستمر متأخرين، و متخلفين عن الركب، سنهرم مبكراً، و سنُهزَم مبكراً، و سنموت قبل الموت.
من بريدي

الكاتب:  أوركيدا [ الاثنين فبراير 21, 2011 4:15 pm ]
عنوان المشاركة:  لماذا نموت قبل الموت؟

اقتباس:
"الشيخوخة في الروح و ليست في الجسد".


اقتباس:
"أنا لا أخاف من الموت. سيحملني يوماً ما.. عاجلاٍ أم آجلاً، لكن لماذا أناديه قبل أوانه؟".


موضوع رائع جداً ..
من أنواع الاستسلام .. استسلام للزمن .. والمرض.. والجهل .. استسلام للموت..
قد يجد بعض الأموات الأحياء في هموم الحياة حجة.. الأولاد .. العمل .. الخ.
لكن حتى من يعيشون حياتهم بسعادة لديهم تلك الهموم ..
لكنهم تعلموا كيف يحيون الحياة .. فالزمن يمضي.. ويأخذ منّا .. فلنتعلم كيف نأخذ منه :idea:
والشيء بالشيء يذكر، إن سن اليأس عند هو ليس سن اليأس من الحياة كما تعتبره النساء ،بل هو سن اليأس من الإنجاب فقط ، ولاشيء يثبت علمياً أن سن اليأس يجب أن نكتئب به .


ديب الفلا,

شكراً ..

الكاتب:  عاشقة العربية [ السبت فبراير 26, 2011 6:19 pm ]
عنوان المشاركة:  لماذا نموت قبل الموت؟

إن الشباب ليس عمراً فحسب، بل هو شباب الروح وانطلاقها، ورغبتها في تعلم كل جديد.
ولا يصل الإنسان إلى عمر متقدم إلا ومعه خبرة وحكمة، ولا أظن أن في الخبرة والحكمة يأساً أبداً :arrow:
ويكفي أن نذكر : أن العِلم لا حدود له ولا نهاية.


ديب الفلا, *1

صفحة 1 من 1 جميع الأوقات تستخدم التوقيت العالمي+03:00
Powered by phpBB® Forum Software © phpBB Group
http://www.phpbb.com/