آرتين لتعليم اللغات
https://forum.art-en.com/

بُرديَّةُ الثَّائرين
https://forum.art-en.com/viewtopic.php?t=23834
صفحة 1 من 1

الكاتب:  الدكتور طاهر سماق [ الأربعاء فبراير 09, 2011 1:44 am ]
عنوان المشاركة:  بُرديَّةُ الثَّائرين

[align=center]أيا تونُسَ الخضراءَ مزَّقتِ ليلَهم
وأرسَيتِ فجراً من خلائِقِكِ الكِبرُ

وصُغتِ نهاراً باجساً غيرَ مُظلِمٍ
وأذهلتِ نذلاً بعد أن نَفُذَ الصبرُ

أثرتِ شجوناً غُيِّبتْ عن شعورِنا
سنيناً وأسنا في الظـَّلامِ لكِ البدرُ

فمن لفحاتِ النار ِ قد أُضْرِمَ الشظى
وفي ظُلُماتِ الليلِ قد بَزَغَ الفجرُ

ويا أيها المحروقُ للعزِّ تنتمي
أبوكَ عزيزُ النفسِ في أصلِكَ الذُّخْرُ


فلا تُلْقِ مِنْ بالٍ لِمَنْ هُمْ تَقَوَّلوا
على اللهِ أقوالاً في َأنتَ والنَّحرُ

أراكَ شهيداً إنْ أفاءوا وإنْ أَبوا
فهلْ مثلَ ردِّ الظُّلمِ يُجزى لهُ أَجرُ؟

أراكَ وقدْ أَحْرَقتَ نَفْسَك تفتدي
جياعاً عراةً كانَ مسَّهُمُ الضُّرُّ

وكانَ عُتاةُ الحُكْمِ عاثوا وأفسَدوا
وأجزى من العيشِ الذَّليلِ غدا القبرُ

فزَلْزَلتَ فيهِم كُلَّ ما كانَ راسِخاً
وأذهَلْتَنا حتى حسبنا هوَ السِّحْرُ

وصارَ هشيماً باللهيبِ مُسَعَّراً
سُرادِقُهُمْ حتى أحاطَ بهِ القَفْرُ

فيا أيُّها القدِّيسُ قُدامُكَ الرُّؤى
وخلفُكَ ثوَّارٌ يشوقُهُمُ النَّصرُ

خطَطْتَ بفيضِ النُّورِ من ذلك اللَّظى
سُطوراً من الأمجادِ خَلَّدَها سِفْرُ

وصِرْتَ أميراً فوقَ هودَجِكَ الّذي
تَبختَرَ تشريقاً لتحضُنَهُ مِصْرُ

كأنَّ مِياهَ النِّيلِ تاهَتْ بِسَيرها
ففاضتْ بثوراتٍ من الغربِ تفْتَرُّ

وهلَّتْ بِشاراتُ التَّحَرُّرِ كالهُدى
تهادى بها من بينِ أمواجِهِ النَّهرُ

وصارَ حَميماً رُغْمَ بردِ ينايرٍ
يُحيطُ بأفواجٍ إلى السَّاحِ قد مرُّوا

صُفوفٌ تَرُصُّ الصَّفَّ حتَّى كأنَّهُ
إلى ساحةِ التَّحرير لا يَسلُكُ القرُّ

قُلوبٌ كأنَّ اللهَ عَمَّرَ وُسعَها
عقيدةَ إيمانٍ يُجاهِدُها غدرُ

حَناجِرُهُم قد ألهجتْ بِهُتافها:
(بغيرِ رحيلِ الوغدِ لا يستوي أمرُ)

فَسِيروا بعينِ الله يا أيُّها الوَرى
على خَطوِكُم يَختالُ منْ فَخرِهِ الفَخْرُ

هوى ما هوى من عاتياتِ حَديدِهِم
وسفَّاكُهُم منكمْ تَملَّكَهُ الذُّعرُ

وصَارَتْ سِياطُ الشَّرِّ تذوي أمامَكُم
ويسحَبُ أذيالاً من الخيبةِ الشَّرُّ

فتلكَ جموعٌ قد أنابَتْ لِخالِقٍ
وأخلَصَتِ الدُّعا، وهذَّبَها الذِّكْرُ

سَقَيْتَ الثَّرى في مِصرَ يا ربِّ هاطلاً
من البركاتِ الغُّرِّ إغداقُكَ الثَّرُّ

إلهي .. لِمصرٍ لا تؤخِّرْ هَديَّةً
ومن هاطِلاتِ المُزْنِ لا يُحرَمُ الزَّهرُ

إلهي في الفُسطاطِ شعبٌ مُكَبَّلٌ
فَفُكَّ – إلهي – القيدَ، يدعوكَ مضطَرُّ

وهذي حشودُ النَّاسِ قد ضاقَ عيشُها
فجاءتكَ في مَسرى يُظَنُّ بهِ الحشْرُ

فنصرُكَ اللهمَّ أكرِمْهُمُ به
ودُكَّ عروشَ الظُّلمِ، أو قل هو الكفرُ

أحالوا ديارَ الحقِّ للزورِ مرتعاً
وضاقت بنا الأحوالُ واستحكمَ العُسْرُ

وجُوِّعَتِ الأفواهُ لمْ تُكفَ قُوتَها
فإذْ بِخِشاشِ الأرضِ نقتاتُ أو نقروا

وصارتْ بأيديهِمْ بلادي غريبةً
وصِرتُ ذليلاً بعدما عَظُمَ النَّذرُ

وكانَ لسانُ الأرضِ يَحكي بمنطِقي
أداروهُ عبريَّ الحديثِ له ظِفرُ

فأصْبَحتُ قِنَّاً خادِماً مُتَذَللاً
وأسياديَ الأوباشُ أنيابُهُمْ كُشْرُ

صهاينةٌ جاسوا بِنيلي وجِيزتي
ومُعلَنُ ما في القولِ أني أنا حرُّ

فيا ليتها سيناءُ لم تُستَعَدْ ولم
أجِدْ جُلَّ أحبابي كرامَتُهُمْ هَدْرُ

عُروبةُ أبنائي سرابٌ وحِصْنُهُمْ
دَمارٌ وسيماهُم يُكادُ لها نُكْرُ

فلا .. وإلهِ الخلقِ عن صِبغَتي أَحِدْ
بأنْمُلَةٍ مهما تخطَّى لها المَكرُ

وصرحُكِ يا أرضَ الكنانةِ عامرٌ
وأقباطُهُ كالمسلمينَ لهمْ شَطْرُ

وليسَ لِوغدٍ أنْ يُسيءَ لوحدةٍ
بحبكةِ أفَّاكٍ يُزادُ لها حَفْرُ

فكلُّ صَعيدِ الأرضِ في مِصرَ واحدٌ
وليسَ يَشُقَّ الصَّفَّ دينٌ ولا فِكْرُ

ومِصرُ ونهرُ النيلِ للنَّاسِ قبلةٌ
صباحاتُها عطرٌ وأيَّامُها زَّهرُ[/align]
 
8/2/2011

الكاتب:  عاشقة العربية [ السبت فبراير 12, 2011 10:57 pm ]
عنوان المشاركة:  بُرديَّةُ الثَّائرين

هذا هو الثائر الحر ..
الذي يسعى نحو كسر القيد وجلاء الليل، بالحق :idea:
قصيدتك ازدانت بتسلسل جميل، وسرد ممتع.
ولا ننكر تأثرك بالشعر العربي الذي هو نبعك الذي تنهل منه، وهذا يعني أنك شاعر مثقف ثقافة شعرية عربية *1

والجدير بالذكر ..
أن الشاعر الحقّ هو الذي يستطيع أن يستشفّ المستقبل ويكشف الغد، فقد كتبتَ قصيدتك قبل انتصار ثورة شعبها، وأنت متأملٌ أن قدر هذا الشعب هو الحرية كما تونس، وقد كان ذلك في غضون أيام قلائل.
فهنيئاً لك بصيرتك *1

ويطول لنا الحديث في تحليل القصيدة لغوياً، إلا أنني ركزت على رؤيتك الشعرية.
قصيدة رائعة، فكل الشكر لما سطّرت *good

الكاتب:  الدكتور طاهر سماق [ الأحد فبراير 13, 2011 2:13 pm ]
عنوان المشاركة:  بُرديَّةُ الثَّائرين

وأنا بانتظار تحليل القصيدة لغوياً .. وعلى يديك حصراً

بانتظارِك

الكاتب:  محمد الاسمر [ الأحد فبراير 13, 2011 3:21 pm ]
عنوان المشاركة:  بُرديَّةُ الثَّائرين

الدكتور طاهر سماق
,
[align=center]حماك الله وعافاك
سيدي
الفرق بين عالم التاريخ والشاعر ان عالم التاريخ يكتب ما حدث وجرى من سالف الأزمان
أما الشاعر فلديه احساس عالي ليكتب ما سيحدث.
سبقتني أختي عاشقة العربية لهذا لكن لابدّ من ذكره ثانية .
سيدي قد استشعرت فشعرت فكتبت فتنبأت فصدقت نبوءتك لانك شاعر مرهف ينبيك حرفك بما سيحدث.
أخي الكريم لم اتعمق كثيرا في قصائدك القديمة لكن موهبتك ورونق الوشي الذي تتمتع به ظهر امامي من نظرة أولية لهذه القصيدة.
يسعدني ويشرفني ان أعلق عليها هذا التعليق المختصر.
لكن لدي راي بسيط.
سيدي لقد أسرك أبو فراس في قصيدته حاول في المرات القادمة أن تكسر اغلال التراث التي احاطت بكلماتك اليوم.
انك تمتلك كما رائعا من المفردات ولسانا عروضيا ينساب منه الكلام انسيابا ولا حاجة لك في معارضة التراث.
شكرا لك ودمت بخير
[/align]

الكاتب:  الدكتور طاهر سماق [ الثلاثاء فبراير 15, 2011 11:48 am ]
عنوان المشاركة:  بُرديَّةُ الثَّائرين

كل الشكر لهذا التعليق الجميل أخي محمد
أما أسرُ أبي فراسٍ لي فلا أعتبره مثلبةً رغم أني لم أقتبس من رائيته إلا (خلائقِكِ الكِبرُ) ..
وأما أن أكسرُ أغلال التراث .. فكثيراً ما كسرتها في غير موضع .. لكن .. أحياناً .. أو قل .. دائماً .. تفرض القصيدة بموضوعِها وعاطفتها، إيقاعها على الشاعر .. فلا يجد مهرباً من قيودِها
وأما ما وقعتُ فيه من هنةٍ عروضيةٍ في البيتين الأخيرين فقد أصلحتُهُ حيث كان الأشطر الثلاثة الأخيرة على البحر البسيط فأعدتُ صياغًتًها لتصير على الطويل
كل الحب لكم في آرت-ين

الكاتب:  عاشقة العربية [ الثلاثاء فبراير 15, 2011 2:38 pm ]
عنوان المشاركة:  بُرديَّةُ الثَّائرين

أجدتَ وصف المشهد المصري، فذكرت البرد الشديد والحشود المجتمعة التي تدفّئ الساحة فكأنها ساحة الحشر.
لتتحدث عن عظم الأمر الذي وقع به هؤلاء من فقر وجوع وتذلل لصهاينة، إنك تستنهض العروبة والنخوة المزروعة فينا والتي لا يمكن أن تنمحي، وما أجملها من عروبة حين تتحدّ فيها الأديان والأفكار والوطنيات، فما يبقى مفرقٌ فيها.
إنك شاعر عربي يبحث ككل العرب عن العز، لذا كان له أن يقدمه على فعله: للعز تنتمي.
لتختم في النهاية بالدعاء طالباً من الله إنهاء الظلم عن مصر أياً كان شكله.


وللنداء عندك خصوصية في هذه القصيدة ..
فقد ابتدأت بها النداء بـ: أيا، إن النداء بأيا يعطي معنى البُعد، ولنقل هنا أنك أردت البعد المكاني، فتونس كما أي دولة عربية شقيقة في قلب كلٍ منا.
كما أنك قلت:
يا أيها المحروق- يا أيها القدّيس: غريب استخدامك لأداتي نداء معاً في نداء الثائر، وجميل في الوقت نفسه. أداتا نداء، واحدة للبعيد والأخرى للقريب، والأولى للبعد المكاني والثانية للقُرب النفسي.


ونجد في ثنايا القصيدة ..
كان مسهم الضر: تناص مع القرآن الكريم، أو كما يقال في النقد القديم (اقتباس)، وكذلك الأمر في (خلائقه الكبر) وهو تناص مع بيت أبي فراس. وكما ذكرتُ قبلاً هذا يشي بثقافتك الشعرية العربية.
كما أن قولك :

فيا ليتها سيناءُ لم تُستَعَدْ ولم ......أجِدْ جُلَّ أحبابي كرامَتُهُمْ هَدْرُ
يذكرنا بقول حافظ ابراهيم:
رَمَوْني بعُقْمٍ في الشَّبَابِ وليتني.....عَقُمْتُ فلم أَجْزَعْ لقَوْلِ عُدَاتي



وقد حققتَ إيقاعاً جميلاً بين أبيات وأبيات من خلال التوازن:
واختار منه: - أرسيت فجراً - صغت نهاراً - أذهلت نذلاً - أثرت شجوناً.
- فمن لفحات النار قد أضرم الشظى - وفي ظلمات الليل قد بزغ الفجر.


لم تخل برديتك _كما سميتها_ من الصور الجميلة والتي ناسبت المعاني:

مزِّقِ الليل
أرسيتِ الفجر
خططت بفيض النور
صرت أميراً
مياه النيل فاضت بالثورات
يختال الفخر
هاطلات المزن
عروش الظلم



عندي بعض الملاحظات:
- صرت أميراً فوق هودجك: إن الهودج يذكرنا بالمرأة، والمقام هنا لا يناسب هذا المعنى، فلو غيرته لكان المعنى أفضل وأنسب.
- نقروا : أتقصد نقري الضيف؟ فلو كان هذا فالفعل نقري لا نقروا.
- أداروه عبري الحديث: أتقصد أن لسان الأرض هو الذي صار يحكي بلسان الصهاينة؟
- أخيراً في تسمية القصيدة، لم كانت البردية؟ وليست البردة ؟


شكراً لك *1

الكاتب:  الدكتور طاهر سماق [ الأربعاء فبراير 16, 2011 2:57 pm ]
عنوان المشاركة:  بُرديَّةُ الثَّائرين

أما الهودج فهو الذي يحمَلُ فيه العريس أوالعروس ولكلٍّ هودَجُهُ على ما أعتقد.
أما نقروا: فقرا الأمرَ قرواً: تتبَّعَهُ وقرا البلاد تتبعها أرضاً أرضاً ينظُرُ في أحوالِها
أما اللسان الذي قصدتُه .. فهو لسان الأرض .. إشارةً إلى أغنية سيد مكاوي: الأرض بتتكلم عربي الأرض الأرض
أما التسمية فقصدتُ البردية .. وليس البردة
والبردية هي من أوراقِ البردي التي اشتُهِرَت بها مصر من أيام الفراعنة .. أما البردة فهي العباءة فوق الثياب .. ولم تكُ قصدي

الكاتب:  سليمان الحسن [ الخميس مارس 03, 2011 11:58 pm ]
عنوان المشاركة:  بُرديَّةُ الثَّائرين

الدكتور طاهر سماق,
تحياتي لقلمك وفكر الرائع *1

الكاتب:  الدكتور طاهر سماق [ الجمعة مارس 04, 2011 5:28 pm ]
عنوان المشاركة:  بُرديَّةُ الثَّائرين

أحلى سليمان وأحلى تلدو

صفحة 1 من 1 جميع الأوقات تستخدم التوقيت العالمي+03:00
Powered by phpBB® Forum Software © phpBB Group
http://www.phpbb.com/