ما أبهى هذه المعاني التي تهيم بالغزل العذري، ذاك الذي يذكرنا بليلى ومجنونها:
يقولون ليلى في العراق مريضة قلتُ ياريتني كنت الطبيب المداويا
قد يجمع الله بين الشتيتين بعدما يظنان كل الظن أن لا تلاقيا
فالبعد والنوى أرقه وسهّر جفونه، وما أشد ألمهما !!
وقد ظهر هذا البُعد من خلال المناداة بياء البعيد: يا مَن - يا أهل ودي.
وقد تنوعّت جُملك بين الإنشاء والإخبار، فكان النهي والنداء والقسم والشرط.
وقد استطعتَ أن تظهر تذلل العاشق وخضوعه لحكم الحبيب، فما أجمله من تذلل وخضوع وأن تستجدي عطفه وحنانه ويقف على أعتابه حتى يصفح ويتكرم.
إنني أرى في التذلل للحبيب لا موتاً كما ذكرت في عنوان قصيدتك، بل حياة، فهذا الخضوع يتلذذ به الطرفان، فالأول يرى استحقاق الآخر للتذلل، والآخر يستمتع بهذا الاستجداء.
إلا طبعاً إن كان الجفاء هو السبب لا البعد فحسب.
إن تسألو في حيّكم عن عاشق حرّ الدموع بجفه لا يرحمُ
قالت حجارة حيّكم هذا الذي علم الأحبّة موته وتكتموا
فكأنك هنا تجاوزت عن جواب الناس إلى الحجارة، فكانت الحجارة دليلاً على الناس الذين نطقوا أيضاً.
هذا البيت يحمل دلالة لطيفة إذن.
وهناك بعض الملحوظات النحوية:
لا شرٌ في قتلي: لا شرَ
تسألو - تعلمو: تسألوا - تعلموا، فكل فعل انتهى بواو الجماعة توضع معه ألف التفريق عن الاسم
قصيدة غاية في الرقة، سلمت يداك
