إهاب
يا ملك الشعر في زمنٍ لم يعد به شعراء
يالله يا إهاب... والله لا أريد أن أؤجل ردي خشية أن يُهوّن الله عليي ما اعتراني من انبهارٍ بما قرأت
إذا أحمد خالقاً ينسيني الشعر وحرمني نعمة حفظه... فلي قلبٌ يكاد يقتله حب الشعر
ولم أجد إلى اليوم غيرك ممن يستطيع إيقاظ حب الجاهلية وشعر المعلقات وألفاظ الأمراء.... كأنك تهرب من كتب التاريخ يا إهاب...
لم ترد كلمةٌ في قصيدتك لتمر على سمعي وبصري مرور كريمةٍ تخطر... بل أيقظ جمال الألفاظ وتناسقها وتناغمها روحاً قاربت على الموت أمام جفاف الحاضر تبكي أطلال شعر العصور المنصرمة.
أتعلم؟
أجلس يومياً مع ترياق الروح عائدةً لأبو فراس وقيس وابن زيدون وأبي سُلمى.... وباتت نفسي تعاف ما أقرأه هنا وهناك حتى بت لا أقاربه
لأرى عنوانك يخلب البصر قبل اللب
وجلست مع قصيدتك جلسةً لم أعد أعلم أأصبر لأسطر رداً تقليدياً بعد عدة أيام أم أبوح بحقيقة أنني وجدت أخيراً شاعراً يتنفس بعد أن ظننتهم كلهم ماتوا
وقبل التطرق لجمال بلاغتك وعظمة كلماتك "التي تحتاج مني قراءةً أخرى" لا بد لي أن ....
أن ماذا؟
المسألة أن بعض الشعراء غيروا العالم بنظرياتٍ ضمنوها شعرهم.... وبعضهم أثبتوا نظريات وآخرين عبروا عن فهمهم للدين وآخرين للعلم
وأراك جمعت ذلك كله معاً
والحق أني كنت أتبنى نظريةً أدخرها إلى يومٍ أؤلف فيه كتاباً فأشرحها فيه

أربط فيها علاقات الأرواح بالبشر بأجسادهم الفيزيائية وتلك الأثيرية
وقد وجدت في باب "ماهية الحب" لابن حزم بعضاً مما كنت أفكر فيه إذ طابق تخيل هذا الرجل لما يدور في خلدي
فهو يؤمن بأن الأرواح خلقت لبعضها.. وتحب بعضها.. ولكن قد يحول بينها حائل في الحياة الدنيا من أن تغطى بجسدٍ من لحمٍ ودم وفوقه ملابس وفوقه ظروف وأعراف وتقاليد ومسافات وطبقات اجتماعية وأخرى مادية و و و
لتقف كلها حائلاً بين روحين... أحياناً قد يعجزان عن إيجاد بعضهما وسط زحام دنيا كهذه
وأحياناً يلتقيان في أصعب وأمرّ الظروف
وأحياناً أخرى.... لا يلتقيان ويبقيان في شوقٍ وتوقٍ وعذابٍ لبعضهما.
وأنت هنا بلورت الفكرة بجميل كلام الشعر وناعمه.... وعذب الألفاظ وأجزلها... ومن يقرأ شعرك إيهاب يعلم أنها موهبةٌ يبثها الخالق روح الشعراء فلا يمكن التقليد ولا التطفل ولا مكان للادعاء
بوركت من شاعر.... وأسعدني الله بيومٍ أرى فيه شعرك في اقتباسات الناس وفي مناهج الدراسة وفي مكتبات الأدب
واذكر للناس أن الملاك يوماً تنبأت لك بإمارة الشعر
وسأحاول الآن قراءة أبياتك بهوادة
وأعود لأعلق عليها... ولكن لم أرغب بتأجيل ردي بعد قرائتي الأولى

_________________
لــلــمــلائــكــة حــضــورهــا