ما أعظمها من معانٍ، وما أعظم فِكر كاتبها وقدرته على إخضاع اللغة، فهذا دليل مِرانٍ ودُربة
في قصيدتك تنعي على العرب تخاذلهم وإبطاءهم في المساندة ..
تنعي أبطالنا..
تنعي حروبنا المنتصرة..
تنعي أقوامنا ودولنا من بني أمية وبني العباس..
إنك لا تنعي عبثاً، بل تستهض الهمم ، تحرّض الذاكرة، تحرّك النخوة والشهامة، في قصيدة فيها من الخطابية الكثير.
تخاطب مستخدماً صيغة نحن، فالكل يُحاسب والكل يُعاتب.
استنهاضك الهمم لم يكن باستخدام ضمير المتكلم، ولم يكن بوصف الحال الواقعة علينا فحسب، بل كان بالاستفهام:
أين الغضنفر إن صاحت به أَمَة ******* وانصرتاه بقدسي, هَبّ من فاسِ؟
ماذا أقول وقد صِرنا إلى ذلٍّ ********* وصار قومي بلا قلب وإحساسِ
وبالنداء:
يا أمة دَفنت أمجادها شططا ******** سُحقت كرامتها, طُحنت بأضراسِ
وا حسرتاه على قومي وقد ذُبحوا ****** دمعَ اليتامى تساقوا بأعراسِ!!
يا عين جالوت, يا يرموك أوّاه ******* نبع من الدمع تقطيعٌ بأنفاسي
ناديت "خالدَ" قمْ وانظر لخيبتنا ******** شرفي يضيع ولا حسٌّ لحراسي!
إنك في كل هذا لم تقصد النداء، ولم تقصد الاستفهام، بل أردت إنكار ما يحدث وحثّ الهمم على المضي، كنت تظهر الحسرة أيضاً.
ألفاظك تدلّ تماماً على المعاني ..
الغضنفر - قومي - يرموك - نكبات - دمع ..... الخ
فدلالة الألفاظ على المعاني لا تزيدها إلا رسوخاً في ذهن السامع وتأثراً أكثر، ومصداقيةً أكبر.
الذل عشعش مثل القمل في الراسِ
على الرغم من ان كلمة القمل ليست شعرية، إلا أنّ وجودها هنا في هذا السياق لم يكن منفراً أبداً، بل معبرٌ تماماً
أعجبني جداً استخدامك لألفاظٍ أجنبية كفرنسا والبرازيل وبيبرس، في سياق شعري موزون.
ساعدك في إتمام معانيك بحرٌ مناسب وهو بحر البسيط الذي يوفّر للشاعر إكمال ما يدور في نفسه من معانٍ لأنه من البحور الطويلة.
أيضاً لاحظت التقديم والتاخير : دمعَ اليتامى تساقوا
جميل جداً
اسمح لي ببعض المحلوظات اللغوية
لا آهٍ تحرّكهم: لا آهاً تحركهم.
ولم يهنو : يهنوا.
سعيدةٌ جداً بأنني قرأتُ قصيدة مميزةً كهذه
أمتعتني في القراءة والتحليل،كل الشكر لك Wissamo,
