حب الريف
البلبل يعزف ألحان شتى
فتطير يمامة ويتغير المكان
وعلى درب الياسمين ترانيم
قد جالت بهدوء فوق البستان
نغم من فم فلاح
يطرب القلوب بإتقان
الشمس تلتحف بومض دافئ
وسنابل قمح تملأ المكان
وخرير مياه النبع ترقص
من قصة ريف مليئ بالحنان
وهناك الأغنام ترعى
بحمى راعيها وحمى الرب المنان
جوقة عصافير تصدح
فوق شجر الدراق والرمان
تحضنها أوراق ندية
وتحملها بهدوء أغصان
أشواق تتطاير من همس الغروب
تفرز فوق الحقول الصفراء عبقها الفتان
تعزف من إيقاعها نغما
يطرب الدنيا بأرق الألحان
حكايا في حضن الريف
سردها بهدوء طيران
قدحطا بألق على غصن
شبه صورة من إحدى الجنان
وصوت العود من يدالجار
تصنع ذكرى ممشوقة بحنان
تشرح الصدور اليائسة
تفرح من به الأحزان
في الريف أساطير سحر
حقيقة مكتوبة في الأجفان
وعيون فتاة في الحقل تعمل
ملاك أسطوري بهيأة إنسان
شعرها الأشقر فيه سحرقديم
من قدم اللؤلؤ والمرجان
والوجه الأبيض تلفحه شمس
وفي أسفله تتكلم شفتان
في الريف معاني قدسية
حكم إنجيل وتراتيل قرآن
وعلى طول الدرب أزهار
وأشجار تتمايل بالطول الفتان
من دعوة الفجر الباكر يبدأ سحر
يتلو ما طاب من كلم ومعان
يتوضأ من قطر ندى
من رحيق بنفسج وإقحوان
وبعد الظهيرة تختبأ السنونو
من صوت ركض الغزلان
تلتحم أمواج محبة
من أفواه فتيات وشبان
تروي بين كروم العنب حكايات
من جوف الماضي وقدم الزمان
تعلن وقت العودة
إلى أكواخ بسيطة البنيان
تدع لليل البهي دوره
في عناق الصمت بحنان
تدع للقمر البديع مهمته
في عناق الأرض بهذيان
وحوله نجوم راقدة بهدوء
تضفي سحرها على المكان
تراهن الليل سهرا حتى الصباح
وأظنها لن تخسر الرهان
تلك حكاية ريف اختصرتها
وطن من أرقى الأوطان
سليمان الحسن
*
