يقولون عن المدينة الفاضلة أنها مدينة النسيان
مدينة عشقٍ و كرهٍ و هيام
مدينةُ الحب و لحظات الهذيان
مدينةٌ سكانها أغطيةٌ تعبق برائحة الكلام
و وسائدَ تحتفل يومياً بذكرى عيد الأحزان
لها بوابةً ضخمةٌ مقفلةٌ بإحكام
لا تفتحُ إلا بجملةِ "افتح يا قلبها"
من سيدي أميرُ صمت الكلام

فيها لوحةُ كبيرةُ تضرب ملامحها الألوان
و فيها ساعةً تهاجم مرور الوقت
و تلتهم دقاتها تواريخ الأيام
و تطرد مفكراتها الأشهر و السنين و جميع الأزمان
وفيها بحر أزرق أم أخضر ... لم أعد أذكر
فهي تخفي لونه و أمواجه داخل حدود النكران
لتمنع من رؤيته الأشجار و الأحجار
وحتى الإنس و الجان

أشجارها ترقص على ضربات طبول الحنين
و عصافيرها تغرِّد أغنياتِ صمتِ الأنين
أزهارُ نيسانها تعبق برائحة غضب تشرين
صخورها تصدر الأوامر بالقتال و إيقاف الحروب
و كأنها من سلالةِ الخلفاء الراشدين

أنظر إلى أعلى فلا أرى فوقها سماءاً
و لا قمراً و لا شمساً و لا نجوماً
ليس فيها أمطاراً و لا حتى غيوماً
أنظر لصدري فلا أشعر بشهيقاً و لا زفيراً
راقبت الأزهار مرةً فرأيتها لا تشرب ماءاً
فقلت لها ... أتساأل كيف تعيشين ؟
فأجابتني ... لا تقارني بين هذه المدينة و مدينة العاقلين
فهذه مدينةُ أحلامٍ لا يعيش فيها سوى المجانين

يا من تقرؤوا رسائلي باهتمام...
أدعوكم لزيارة المدينة الفاضلة "مدينة الأحلام"
لرؤية ما بهذه المدينة من أخيلةٍ و أوهام
فأسرارها تمشي و تتراكض و كأنّ لها أقدام
وأهلها يتكلمون بأحرف ِ صمتٍ لا من كلام
و يركعون ويسجدون مع أنهم لا يعتنقون الإسلام
حتى أنبياءها لا يقال عنهم عليهم الصلاة و السلام

بعضهم يقولون أنَّ اسمها مدينة النسيان
و بعضهم يقولون أنها مدينة الأحزان
مدينةٌ مسوّرةٌ و لكن ليس لها جدران
مقيّدةٍ بسلاسل من رياحٍ و دخان
فيها جزرٌ محارٍ و مرجان
و لا يوجد فيها أيُّ بحارٍ و خلجان
لن أتكلم عنها أكثر ... فإنني
أنتظر قدومكم للمدينة الفاضلة
المدينة التي ليس لها عنوان