اقتباس:
أتمنى أن نقرأ رأيك في هذه القصة ، على اعتبار أن Ala Al-Ibrahim, قد كتب رأيه هناك
حسنا .. لا ضير من رد آخر هنا بعد قراءة القصة ثانية على أساس التفسير الذي أعطتنا إياه المؤلفة.
Obada Arwany لا أعلم يا عبادة مالذي دعاك لأن تنسب هذه القصة إلى الشكلانية .. القصة تنتمي إلى "الرمزية" بامتياز .. ربما استخدام الكاتبة للكناية و الاستعارة بكثافة هو ما دعاك لذلك.. في الواقع لا يمكن لنص ما أن يكون رمزيا دون استخدام فنون البديع المختلفة فيه .. ما قامت به الكاتبة هو رواية تاريخ بصورة فنية.. بشكل غير مباشر, وذلك باستخدام الكناية والاستعارة في القصة, وهذا ما جعل القصة تنتمي لنطاق "الأدب" و ليس "التاريخ" !!!
أوافق
هدى الرأي بأنه لا يوجد "
أي غموض في القصة, حتى جزالة الألفاظ كانت في مكانها وهي كلمات مسموعة." أنا لا أقصد بالغموض هنا تفسير القصة ككل, فأنا لم أفسرها بداية بالتفسير الذي أرادته المؤلفة, بل قصدت بالغموض غموض معاني الكلمات و العبارات. فلو أخذنا المفردات كمفردات بغض النظر عن القصة ككل لوجدناها عادية خالية من "الغرابة" .. لكن ما قامت به الأديبة هو دمج هذه المفردات بصورة فنية رائعة .. لتشكل "عبارات أدبية".. أي ليست كالعبارات المستخدمة في اللغة العادية التي يتحدثها الناس في الحياة بشكل عام .. فلو كانت نفس اللغة المستخدمة في الحياة اليومية لكانت هذه القصة واقعية فقط .. أما هذه القصة فهي "واقعية من خلال الرمزية" !!
اقتباس:
المعنى المفهوم من الخاطرة .
أصبحت القصة واضحة تماما بعد إعطاء المؤلفة تفسيرا لها .. بالنسبة لي شخصيا, إجابة الكاتبة عن دلالة اسم أيدن فقط كانت كفيلا بتفسير القصة من أولها إلى آخرها .. إذ قالت أنها قصدت به اسم لشخص من الصهاينة الذين جاؤوا إلى فلسطين مع بدايات القرن العشرين. أصبح المعنى المفهوم للقصة كالتالي:
كيف جاء اليهود إلى فلسطين و هم مضطهدين في بلادهم .. كيف قام الفلسطينيون بإكرامهم و السماح لهم بالعيش بينهم .. كيف قام هؤلاء الدخلاء بإغراء أصحاب الأراضي بالمال الوفير لشرائها منهم .. و كيف قاموا باستملاك الأرض و طرد أصحابها الحقيقيين منها .. تحدثت القصة أيضا عن حاضر هؤلاء المبعدين .. عن يأسهم, عن حسرتهم, عن حزنهم, عن أملهم بالعودة ... و كل ذلك بالرموز .. و هذا ما دعاني حقيقة لأن أنسب القصة للمذهب الرمزي .. و سأعطي بعض الأمثلة على رمزية القصة:
--- قامت الكاتبة برواية قصة عائلة واحدة لترمز للشعب الفلسطيني ككل !!
--- روت أيضا قصة دخول أيدن على هذه العائلة .. و إغراؤه لهم بالمال .. و بذلك روت ما قام اليهود بفعله ككل .. ليس فقط أيدن, إذا أيدن هو رمز لليهود, و هذا أيضا "كناية" إذ استخدمت الجزء (الفرد) لتعني الكل !!
--- "
طرق أيدن بابنا مستنجدا متوسلا متلهفا ... ترب الملابس .. مبلل الأعطاف, ينوء بحمل ثقيل وقد هده الترحال و أرقه السهاد." قامت الكاتبة بوصف حالة اليهود في دول أوربا و دول العالم أجمع من خلال وصفها لأيدن هنا .. فكانوا منبوذين في جميع بلدانهم .. نتيجة ممارساتهم و تصرفاتهم .. و جميعنا نعلم ما فعل هتلر بهم في ألمانيا .. أو على الأقل ما يقولون هم أنه فعل بهم !!! إذا هنا أيضا استخدمت الكاتبة وصفا جسديا نفسيا لأيدن لتصف من خلاله حال اليهود ككل في تلك الفترة !!
--- رمزت الكاتبة لفلسطين "بعتبات الياسمين", و كان ذلك في مكانين مختلفين في القصة, و هذا أيضا دليل على رمزية القصة .. فالياسمين معروف بجمال شكله و عبق رائحته .. و هذا يمثل رأي الراوية في وطنها .. فهي تراه كالياسمين جميلا و رائحته عبقة تشد الناس إليها ..
--- "
هل سبق أن رأيتم قتيلا يحتضن قاتله؟ و يستل السكين بكلتا يديه من جيب قاتله و يغرسها في صدره معلنا انتحاره؟" أيضا هذه الصورة
ترمز لما حصل في فلسطين, فالقتيل هو الشعب الفلسطيني, و القاتل يرمز للصهاينة, قالت أن القتيل يستل السكين بإرادته و هذه كناية على أن الفلسطينيين قاموا طواعية ببيع أراضيهم في وطأة الإنصياع "لرياح" الطمع في المال , إذا بيعهم أراضيهم يمثل انتحارا لهم, و عبارة "جيب قاتله" ترمز لمال اليهود .. الجيب = المال.
--- "
و مددت له يدا مشلولة" قيلت هذه الجملة في الحاضر, إذ كما قالت
هدى تراوحت القصة بين الحاضر و الماضي .. ولهذا أهمية فائقة في القصة, فما روي بالحاضر يرمز لحاضر فلسطين, و ما روي في الماضي يرمز لما حصل في الماضي ... إذا استخدمت الأديبة عبارة "يدا مشلولة" لترمز لعجز الفلسطينيين عن فعل أي شئ حيال وطنهم . . فما ذهب قد ذهب, ولا يملكون إعادة ما باعوه!!
الأمثلة عن الرمزية كثيرة جدا جدا , بل أكاد أقول أن كل جملة و كل كلمة ترمز لشئ آخر, ترمز لما حصل و يحصل في فلسطين و شعبها .. لكنني لن أطيل في النقد حتى لا أتعمق فيه أكثر على حساب أهمية القارئ كما قالت هدى.
هدى تعليقك كان رائعا جدا, و قدمت وصفا دقيقا من الناحية الفنية للقصة .. من معنى القصة المفهوم, إلى صيغة الكاتبة في كتابة النص الذي تراوح بين الحاضر و الماضي و استخدام تقنية "الخطف خلفا" أو كما أسميته التراجع للوراء, إلى فكرة احتواء النص على مونولوج و ديالوج الذي أبعد الملل .. كما أنني أتفق معك على أن النص ليس شكلانيا .. و أن استخدام الألفاظ الجزلة لم يكن مقحما في النص. . الخ.
اقتباس:
- التشبيهات الموجودة في النص ومقارنتها مع الواقع الذي ترويه هذه الخاطرة ؟
سؤال جميل ، ويقع في لب الشكلانية إن كان النص فعلا كذلك ، والأجمل ربطه بالواقع
في الواقع استخدام التشبيهات يقع في لب "الرمزية" .. فالتشابيه في أي نص أدبي تمثل "عموده الفقري" !!
اقتباس:
بصفتك قارئاً .. هل ترى أن الكاتبة هنا اهتمت بمدى فهمك للنص ؟ أم أنك قد تهت في تساؤلات عديدة لا أدلة عليها ؟
شخصيا لا أعتقد أن الكاتبة قد أولت اهتماما خاصا بمدى فهم القارئ للنص
من خلال النص, و أرى أن اهتمامها كان منصبا بجعل هذه القصة تبدو قطعة أدبية لا تاريخ, و قد نجحت بذلك طبعا. لكنها اهتمت بالقارئ خارج القصة, أعني أنها أعطت تفسير القصة بردودها على الأعضاء و هذا يعني أنها لا تهتم بإمكانية أن يأخذ النص أكثر من تأويل .. فقامت بإنهاء المسألة بإعطائها إجابات عن معنى القصة .. محددة رأي واحد و نهائي لها .. مخالفة بذلك رأي رولان بارت .. و ناقدي ما بعد البنيوية .. و ناقدي النقد الجديد .. و رأي أمبيرتو إيكو الذي يقول في المناسبة:
"A narrator should not supply interpretations of his work; otherwise he would not have written a novel, which is a machine for generating interpretations."
نقلي لفكرة أنها تعارض هؤلاء النقاد لايعني بالضرورة أنني شخصيا أوافقهم رأيهم ..
إذا هذا يعني أن الكاتبة تهتم بأن تصل رسالتها من خلال النص للقراء .. حتى لو على حساب إمكانية تأويل النص بأكثر من احتمال.
سحر,
اقتباس:
وهنا يكمن ذكاء الكاتبة التي اعتمدت عنصر التمويه
لو كنت كاتبة لربما جعلت الأفكار أوضح ومرتبة قليلا
لأني من قراء النصوص الواضحة وضدد النصوص المعقدة
في الواقع عنصر التمويه هو ما يجعل القصة جميلة .. برأي طبعا .. و أنا بعكسك إذ أحبذ النصوص التي تأخذ أكثر من تفسير !