- النحت (الاشتقاق الكبّار) في اللغة العربية :

مروة · **Publié:** Mar Août 31, 2010 12:17 am

بسم الله الرحمن الرحيم

النحت هو أيضاً عامل من عوامل التوسع اللغوي ، و يعدّ نوعاً من أنواع الاشتقاق في اللغة العربية ، ومع أنّ النحت لا يتسع في التوليد اتساع الاشتقاق الصرفي – فقد عدّ سنّة من سنن العرب في كلامها .
و النحت من الظواهر اللغوية العربية التي عني بها الباحثون ؛ لأهميتها في رفد اللغة بالعديد من الألفاظ والمصطلحات. " وقد عرفت اللغة العربية النحت على نحو محدود منذ الجاهلية ، وسجل اللغويون في القرن الثاني الهجري أمثلة بأعيانها، تناقلتها كتب اللغة على مدى القرون, ثم طُرحت قضية النحت في العصر الحديث في إطار الإفادة من الإمكانيات اللغوية المختلفة ؛ لصوغ المصطلحات العلمية والكلمات الحضارية "

أ‌-    تعريفه :
الاشتقاق الكبّار أو النحت في أصل اللغة: هو النشر والبري والقطع يقال: نحت النجّار الخشب والعود إذا براه وهذب سطوحه. ومثله في الحجارة والجبال. قال تعالى: "وتنحتون من الجبال بيوتاً    .
   والنحت في الاصطلاح: أن تعمد إلى كلمتين أو جملة، فتنـزع من مجموع حروف كلماتها كلمة للدلالة على ما كانت تدل عليه الجملة نفسها. وهو في الاصطلاح عند الخليل: "أخذ كلمة من كلمتين متعاقبتين، واشتقاق فعل منها ""
   ويعدّ الخليل بن أحمد (ت 175هـ) هو أوّل من اكتشف ظاهرة النحت في اللغة العربية حين قال: "إن العين لا تأتلف مع الحاء في كلمة واحدة لقرب مخرجيهما، إلاّ أن يُشتَق فعل من الجمع بين كلمتين مثل (حيّ على) كقول الشاعر:
   أقول لها ودمع العين جار    ألم يحزنك حيعلة المنادي
   فهذه كلمة جمعت من (حيّ) ومن (على) .
   هذا، ويعرّف الدكتور نهاد الموسى النحت بقوله: " هو بناء كلمة جديدة من كلمتين أو أكثر أو من جملة، بحيث تكون الكلمتان أو الكلمات متباينتين في المعنى والصورة، وبحيث تكون الكلمة الجديدة آخذة منهما جميعاً بحظ في اللّفظ، دالة عليهما جميعاً في المعنى "

ب - صور النحت في اللغة العربيّة:
قام المتأخرون من علماء اللغة من خلال استقرائهم للأمثلة التي أوردها الخليل بن أحمد وابن فارس - بتقسيم النّحت إلى أقسام عدّة، يمكن حصرها فيما يلي:
1-النحت الفعلي :تأليف كلمة من جملة للدلالة على مضمونها ، كبسمل المأخوذة من (بسم الله الرحمن الرحيم)، وحيعل المأخوذة من (حي على الصلاة، حي على الفلاح)، وسبحل المأخوذة من (سبحان الله) ، وبأبأ المأخوذة من (بأبي أنت) ، ودمعز المأخوذة من (أدام الله عزّك) ، جعفل" "أي" جعلت فداك وقد ينحتون المصدر من جميع ماسبق ، فيقولون: البسملة ، السبحلة ، البأبأة ، الدمعزة ...

2- النحت النسبي : تأليف كلمة من المضاف والمضاف إليه، عند قصد النسبة إلى المركب الإضافي إذا كان علماً ، كعبشمي في النسبة إلى عبد شمس ، ومرقسي في النسبة إلى امرئ القيس ، وعبدلي في النسبة إلى عبدالله ، طبرخزيّ في النسبة إلى طبرستان و خوارزم ، وممّا يعدّ ضمن النحت النسبي النحت التخفيفي، مثل: بلعنبر في بني العنبر، وبلحارث في بني الحارث، وبلخزرج في بني الخزرج .

3- النحت الاسمي: تأليف كلمة من اسمين أو أكثر للدلالة على ما نحت منه، نحو قولهم : جُلمود، من جلد وجمد ، وحَبْقُر: وهو البرد ، من حبّ وقرّ، و برمائي: وهو حيوان يعيش على البر وفي الماء، والقلفع : وهو ما يبس من الطين على الأرض فيتلقف ، وقد نحت من ثلاث كلمات من قفع و قلع وقلف .

4-النحت الوصفي : تأليف كلمة من كلمتين أو أكثر للدلالة صفة من معاني هذه الكلمات ، مثل : ضِبَطْر، وهي صفة للرجل الشديد الصلب ، و الهجرع ، وهي صفة للخفيف الأحمق من هِرع وهجع ؛ أي المتسرع والأحمق .

5-النحت الحرفي : مثل قول بعض النحويين : إنّ (لكنّ) منحوتة، فقد رأى البعض -ومنهم الفرّاء- أنّ أصلها (لكن+ أنّ) طرحت الهمزة للتخفيف ونون (لكن) لالتقاء الساكنين، وذهب الغير إلى أنّ أصلها (لا) و (أن) والكاف الزائدة للتشبيه، وحذفت الهمزة تخفيفا، وهذا النوع كثير الورود في اللغات الأوربية، قليل في العربيّة وأخواتها السامية ،ولم تعرف منه إلا بعض ألفاظ نتيجة تخريج لبعض العلماء،، من ذلك "لن" الناصبة، يرى البعض أنّها مركبة من "لا" النافية و "أن" الناصبة ، وغير خاف أنّ وجود هذا القسم رهن بافتراضات جدليّة وخلافات بين العلماء .
بناءً على ما تقدم نلاحظ أن أمثلة النحت ليست وقفاً على العرب قبل الاسلام ؛ إذ جاء الاسلام بأمثلة جديدة من النحت ، من هذا قولهم :
الحمدلة ، الحوقلة ، المشآلة ، الحسبلة ، الهيللة.........

ج - الغرض من النحت:
تيسير التعبير بالاختصار والإيجاز. فالكلمتان أو الجملة تصير كلمة واحدة بفضل ال :!:

نحت ، ومن ذلك: رجل عبشمي ،منسوب إلى اسمين هما :عبد وشمس ، وقد يكون حكاية صوت معين ، مثل : بأبأ ، لحكاية صوت الباء في جملة( بأبي أنت)وكذلك هو سيلة من وسائل تنمية اللغة وتكثير مفرداتها؛ حيث يشتق كلمات حديثة لمعان حديثة ليس لها ألفاظ في اللّغة، ولا تفي كلمة من الكلمات المنحوت منها بمعناها .
ويرى أنّ مراعاة معنى الاشتقاق جعل النحت نوعاً منه : ففي كلّ منهما توليد شيء من شيء، وفي كل منهما فرع وأصل ، ولا يتمثّل الفرق بينهما إلاّ في اشتقاق كلمة من كلمة في قياس التصريف ، وفي اشتقاق كلمة من كلمتين أو أكثر في النحت، ، وإن كانت غاية الاشتقاق استحضار معنى جديد، أما غاية النحت فالاختصار ليس إلاّ .
ومن هنا ، انتهى مجمع اللغة العربية بالقاهرة إلى قرار سنة 1948م يفيد: جواز النّحت في العلوم والفنون ؛ للحاجة الملحّة إلى التعبير عن معانيها بألفاظ عربيّة موجزة ، ولكن بشرط انسجام الحروف عند تأليفها في الكلمة المنحوتة، وتنـزيل هذه الكلمة على أحكام العربية، وصياغتها على وزن من أوزانها . وبتحقيق هذه الشروط يكون النّحت -كجميع أنواع الاشتقاق- وسيلة رائعة لتنمية هذه اللغة وتجديد أساليبها في التعبير والبيان من غير تحيّف لطبيعتها، أو عدوان على نسيجها المحكم المتين .
و كلّما امتدّ الزمان بالناس ازداد شعورهم بالحاجة إلى التوسّع في اللغة عن طريق هذا الاشتقاق الكبّار، وانطلقوا يؤيدون شرعية ذلك التوسع اللغوي بما يحفظونه من الكلمات الفصيحات المنحوتات .
إلّا أنّ الأفضل أن تتجه الجهود إلى ذلك الاشتقاق الصرفي ، الذي عرفنا وضوح طرقه واطراد أمثلته وفائدة العمل به ، فهو أداة تطورية دائمة للعربية ، حتى إن الاشتقاق اتسع ولم يكتف بالمصادر بل اشتمل على ذوات حسية : أورق ، فلفل ، تأبط ، تأسد ... إلا أنه لا يزال جزء كبير من المفردات غير مستعمل في الحالات الاشتقاقية كلها ، وما وصلنا من عربيتنا هو القليل ، فالمفردات والصيغ التي وصلتنا يمكن أن تزداد بفعل استكمال الصور الأخرى الممكنة لكل منها .
[size=150][/size]

عاشقة العربية · **Publié:** Mar Août 31, 2010 12:33 pm

موضوع لغويٌ مميز.
إن الاشتقاق الكُبّار سمي كذلك لأنه مسبوق بثلاثة اشتقاقات أخرى: الصغير - الكبير - الأكبر .
وفيه توليدٌ لكلمات لم تكن تستعمل قبلاً، وقيل أن هذا النوع من الاشتقاق سماعيٌ لأنه قليل في كلام العرب.

Citer:

- النحت النسبي

عبدريّ: نسبة إلى عبد الدار.
تيمليّ: نسبة إلى تيم اللات.

Citer:

ضِبَطْر، وهي صفة للرجل الشديد الصلب

منحوتة من ضبر وضبط.

مروة شكراً لاختيارك

Latest Posts

Règles du forum

- النحت (الاشتقاق الكبّار) في اللغة العربية :