هنا نطل بنافذة على الثقافة العربية , لنسلط الضوء على أهم الأعلام و الشخصيات التي أثرت فيها , و نتعرف على روائع الأعمال الأدبية التي خلّدها تاريخها .

قوانين المنتدى

- اللغة العربية لغة فصاحةٍ وجمال .. حاول أن تكتب بها *1 .
- يمكنكم في أي وقت زيارة قسم مكتبة اللغة العربية لنشر أو تحميل الكتب أو البرامج المتعلقة بهذا القسم .
إضافة رد

شـــعراء ..... و روائعهم (سلسلة متجددة)

الأحد تموز 20, 2008 12:30 م

من هو ابن زيدون ؟؟
وُلِدَ ابن زيدون في قرطبة سنة 1003م (394هـ) واسمه أحمد بن عبد الله بن زيدون
أبوه فقيه من سلالة بني مخزوم القرشيين، وجدُّه لأمه صاحب الأحكام الوزير أبو بكر
محمد ابن محمد بن إبراهيم، وكلمة صاحب الأحكام تعني أنه اشتغل بالفقه والقضاء.

تعلَّم ابن زيدون في جامعة قرطبة التي كانت أهم جامعات الأندلس يَفِدُ إليها طلاب العلم
من الممالك الإسلامية والنصرانية على السواء.. ولمع بين أقرانه كشاعر.. وكان الشعر
بداية تعرُّفه بفراشة ذلك العصر ولادة بنت المستكفي الخليفة الأموي الضعيف
المعروف "بالتخلف والركاكة، مشتهرًا بالشرب والبطالة، سقيم السر والعلانية، أسير
الشهوة، عاهر الخلوة" كما يقول عنه أبو حيان التوحيدي.
وقد عُرفت ولادة كملهمة لابن زيدون الذي كان يصغرها بتسع سنوات
والواقع أن ولادة لم تتوقف عن جذب ابن زيدون إليها ثم دفعه عنها وظل الإثنان يتمزقان
حتى موت الشاعر في عام 1070. لقد عاشت ولادة قرابة المائة عام وماتت عام 1091

كانت ولادة جميلة مثقفة شاعرة مغنية، لها مجلس بقرطبة يضم أشهر مثقفي وشعراء
هذا العصر، أحبها ابن زيدون حبًّا ملك عليه حياته، وأحبته هي أيضًا، وعاش معها
في السعادة أيامًا، ثم هجرته لسبب تافه اختلف فيه المؤرخون بغناء إحدى جواريها
في حضورها فأغضبها منه ذلك.. ولكي تغيظه وجدت عاشقًا جديدًا هو الوزير أبو
عامر بن عبدوس.. وحاول ابن زيدون إبعادها عن ابن عبدوس واستعادة الأيام الجميلة
الماضية، لكنها رفضت، واتهمه ابن عبدوس بأنه ضالع في مؤامرة سياسية لقلب نظام
الحكم وزُجَّ به في السجن.. وكتب ابن زيدون قصائد كثيرة يستعطف فيها "أبا الحزم
جهور" حاكم قرطبة، كما كتب قصائد أخرى لأبي الوليد بن أبي الحزم ليتوسط لدى
أبيه، وكان أبو الوليد يحب ابن زيدون، لكن وساطته لم تنفع، فهرب ابن زيدون من
السجن، واختبأ في إحدى ضواحي قرطبة وظل يرسل المراسيل إلى الوليد وأبيه
حتى تمَّ العفو عنه، فلزم أبا الوليد حتى تُوُفِّيَ أبو الحزم وخلفه أبو الوليد الذي
ارتفع بابن زيدون إلى مرتبة الوزارة.

أثناء ذلك كله لم يَنْسَ ابن زيدون حبه الكبير لولادة التي أهملته تمامًا، فجعله أبو
الوليد سفيرًا له لدى ملوك الطوائف حتى يتسلى عن حبه بالأسفار وينساه، لكن
السفر زاد من حب ابن زيدون لولادة وشوقه إليها، فعاد إلى قرطبة.. وما لبث أن اتهم
مرة أخرى بالاشتراك في محاولة قلب نظام الحكم على أبي الوليد بن جهور الذي
غضب عليه، فارتحل ابن زيدون عن قرطبة وذهب إلى بلاط المعتضد بن عباد في
أشبيلية، وهناك لقي تكريمًا لم يسبق له مثيل، ثم زادت مكانته وارتفعت في عهد
المعتمد بن المعتضد، ودان له السرور وأصبحت حياته كلها أفراحًا لا يشوبها سوى
حساده في بلاط المعتمد أمثال "ابن عمار" و "ابن مرتين" اللذين كانا سببًا في هلاكه
في الخامس عشر من رجب سنة 463 هجرية؛ إذ ثارت العامة في أشبيلية على اليهود
فاقترحا على المعتمد إرسال ابن زيدون لتهدئة الموقف، واضطر ابن زيدون لتنفيذ أمر
المعتمد رغم مرضه وكبر سنه، مما أجهده وزاد المرض عليه فدهمه الموت.

ظل ابن زيدون حتى آخر يوم في حياته شاعرًا عاشقًا، فبالشعر عشق، وبالشعر خرج
من السجن، وبالشعر نال حظوظه من الحياة.. ولم ينس أبدًا ذكرى ولادة وأيامه
الجميلة معها.. وقد كانت حياته المتقلبة، وحبه الكبير لولادة بالإضافة إلى أعماله
الشعرية

ومن أهم أعمال ابن زيدون الباقية للآن غير أشعار "الرسالة الجدية" التي استعطف
فيها ابن جهور ليخرجه من السجن، و"الرسالة الهزلية" التي كتبها على لسان ولادة
ذمًّا في ابن عبدوس حبيبها الجديد، وهي الرسالة التي زادت الهوة بينه وبين ولادة
وعجلت بابن عبدوس ليزج بالشاعر في السجن.. وقد بقيت هاتان الرسالتان علامة
على الموهبة الكبيرة والثقافة المتنوعة التي تميز بها ابن زيدون في أعماله الشعرية والنثرية على السواء.


سينية ابن زيدون

أرسلها إلى صديقه أبي حفص بن برد يبث فيها ما لقي في حياته



ما علـى ظنـي بـاس يجرح الدهـر وياسـو
ربما أشـرف بالمـرءعلـى الآمـال يـاس
ولقـد ينجيـك إغفـال ويرديـك احـتـراس
والمحـاذيـر سـهـام والمقـاديـر قـيـاس
ولكـن أجـدى قعـود ولكم أكـدى التمـاس
وكذا , الدهـر إذا مـاعـز نـاس ذل نـاس
وبنـو الأيـام أخيـا فســرأة وخـســاس
نلبـس الدنيـا ولكـن متعـة ذاك اللـبـاس
يـا أبـا حفـص ومـاساواك في فهـم إيـاس
من سنا رأيك لي فـي غسق الخطب اقتبـاس
أنا حيـران , وللأمـروضــوح والتـبـاس
ما ترى في معشر حالوا عـن العهـد وخاسـوا
ورأونــي سامـريـا يتقـى منـه المسـاس
أذؤب هامـت بلحمـي فانتهـاش وانتـهـاس
كلهم يسأل عن حالـي وللـذئـب اعتـسـاس
إن قسا الدهـر فللمـاء من الصخـر انبجـاس
ولئن أمسيت محبوسـا فللغـيـث احتـبـاس
يلبـد الـورد السبنتـي ولـه بعـد افـتـراس
فتأمـل كيـف يغشـى مقلـة المجـد النعـاس
ويفت المسك في التراب فيـوطـا ويـــداس
لا يكـن عهـدك وردا إن عهـدي لــك آس
وأدر ذكـري كـأسـا ما امتطت كفك كـاس
واغتنم صفـو الليالـي إنما العيـش اختـلاس
وعسى أن يسمح الدهر فقد طال الشماس

ومن أرق من ابن زيدون..!

الاثنين تموز 21, 2008 1:52 ص

ومن أرق من ابن زيدون..!

لا أرق من ابن زيدون
Lina,  
اختيار مميز .. ابن زيدون يستحق تسليط الضوء عليه لرقة شعره وجمال طبعه
استلام ابن زيدون لوزارة ابن جهور ثم وزارة آل عباد أطلق عليه لقب (ذي الوزارتين)
أيضا كان يسمى بـ (بحتري الغرب) وذلك لأن جمال شعرة ورقة طبعه كانت اقرب للبحتري الذي عاش في المشرق

"الرسالة الجدية" التي استعطف فيها ابن جهور ليخرجه من السجن،

ومنها : " هذا العتب محمود عواقبه وهذه النبوة سحابة صيف عما قليل تقشّع "
و"الرسالة الهزلية" التي كتبها على لسان ولادة
ذمًّا في ابن عبدوس حبيبها الجديد،

لم تكن ذا قيمة أدبية كما كانت الرسالة الجدية .. فقد امتلات بالسباب والسخرية من ابن عبدوس مما حطّ من قيمتها
Lina,  
أشكر اختيارك  *1

ومن أرق من ابن زيدون..!

الاثنين تموز 21, 2008 9:32 ص

سينية ابن زيدون

أرسلها إلى صديقه أبي حفص بن برد يبث فيها ما لقي في حياته



ما علـى ظنـي بـاس يجرح الدهـر وياسـو
ربما أشـرف بالمـرءعلـى الآمـال يـاس
ولقـد ينجيـك إغفـال ويرديـك احـتـراس
والمحـاذيـر سـهـام والمقـاديـر قـيـاس
ولكـن أجـدى قعـود ولكم أكـدى التمـاس
وكذا , الدهـر إذا مـاعـز نـاس ذل نـاس
وبنـو الأيـام أخيـا فســرأة وخـســاس
نلبـس الدنيـا ولكـن متعـة ذاك اللـبـاس
يـا أبـا حفـص ومـاساواك في فهـم إيـاس
من سنا رأيك لي فـي غسق الخطب اقتبـاس
أنا حيـران , وللأمـروضــوح والتـبـاس
ما ترى في معشر حالوا عـن العهـد وخاسـوا
ورأونــي سامـريـا يتقـى منـه المسـاس
أذؤب هامـت بلحمـي فانتهـاش وانتـهـاس
كلهم يسأل عن حالـي وللـذئـب اعتـسـاس
إن قسا الدهـر فللمـاء من الصخـر انبجـاس
ولئن أمسيت محبوسـا فللغـيـث احتـبـاس
يلبـد الـورد السبنتـي ولـه بعـد افـتـراس
فتأمـل كيـف يغشـى مقلـة المجـد النعـاس
ويفت المسك في التراب فيـوطـا ويـــداس
لا يكـن عهـدك وردا إن عهـدي لــك آس
وأدر ذكـري كـأسـا ما امتطت كفك كـاس
واغتنم صفـو الليالـي إنما العيـش اختـلاس
وعسى أن يسمح الدهر فقد طال الشماس

عجبتني كتير وأول مرة بسمع فيها للأسف
مشكورة
Lina,  
هدى,  
مشكورة لإغناء الموضوع

ومن أرق من ابن زيدون..!

الاثنين تموز 21, 2008 11:47 ص

أضحى التنائي بديلا عن تدانينا***وناب عن طيب لقيانا تجافينا
ألا وقد حان صبح البين صبَّحنا ***حينٌ فقام بنا للحين ناعينا
مَن مُبلغ المبلسين بانتزاحهم***حزنا مع الدهر لا يَبلى ويُبلينا
أن الزمان الذي ما زال يضحكنا***أُنسا بقربهم قد عاد يُبكينا
غِيظ العِدا من تساقينا الهوى فدعوا***بأن نَغُصَّ فقال الدهر آمينا
فانحل ما كان معقودا بأنفسنا ***وانبتّ ما كان موصولا بأيدينا
ما حقنا أن تُقْروا عين ذي حسد ***بنا ,ولا أن تُسِرّوا كاشِحا فينا
كنا نرى اليأس تُسلينا عوارضه ***وقد يئسنا فما لليأس يغرينا
بنتم وبنا فما ابتلت جوانحنا***شوقا إليكم ولا جفّت مآقينا
نكاد حين تناجيكم ضمائرُنا ***يَقضي علينا الأسى لولا تأسّينا
حالت لفقدكم أيامنا فغدت***سودا وكانت بكم بيضا ليالينا
إذ جانَبَ العيش طَلقٌ من تآلُفنا***ومورد اللهو صافٍ من تصافينا
وإذ هَصَرْنا غصون الوصل دانية***قطوفها فجنينا منه ما  شينا
ليسقِ عهدكم عهد السرور فما***كنتم لأرواحنا إلا رياحينا
لا تحسبوا نأيكم عنا يغيرنا***إذ طالما غير النأي المحبينا
والله ما طلبت أهواؤنا بدلا ***منكم ولا انصرفت عنكم أمانينا
يا ساري البرق غادِ القصرَ فاسْقِ به*** من كان صِرْفَ الهوى والودَّ يسقينا
واسأل هناك هل عنّي تذكرنا *** إلفا ,تذكره أمسى يعنينا
ويا نسيم الصبا بلغ تحيتنا *** من لو على البعد حيا كان يحيينا
فهل أرى الدهر يقصينا مساعفة ***منه ولم يكن غبا تقاضينا
ربيب ملك كأن الله أنشأه***مسكا وقدر إنشاء الورى طينا
أو صاغه ورقا محضا وتوجه***من ناصع التبر إبداعا وتحسينا
إذا تأود آدته رفاهية***توم العقود وأدمته البرى لينا
كانت له الشمس ظئرا في أكلته***بل ما تجلى لها إلا أحايينا
كأنما أثبتت في صحن وجنته***زهر الكواكب تعويذا وتزيينا
ما ضر أن لم نكن أكفاءه شرفا***وفي المودة كاف من تكافينا
يا روضة طالما أجنت لواحظنا***وردا أجلاه الصبا غضا ونسرينا
ويا حياة تملينا بزهرتها***منى ضروبا ولذات أفانينا
ويا نعيما خطرنا في غضارته***في وشي نعمى سحبنا ذيله حينا
لسنا نسميك إجلالا وتكرمة***وقدرك المعتلى عن ذاك يغنينا
إذا انفردت وما شوركت في صفة***فحسبنا الوصف إيضاحا وتبيينا
يا جنة الخلد أبدلنا بسلسلها***والكوثر العذب زقوما وغسلينا
كأننا لم نبت والوصل ثالثنا***السعد قد غض من أجفان واشينا
سران في خاطر الظلماء يكتمنا***حتى يكاد لسان الصبح يشفينا
لا غرو في أن ذكرنا الحزن حين نهت***عنه النهى وتركنا الصبر ناسينا
إذا قرأنا الأسى يوم النوى سورا***مكتوبة وأخذنا الصبر تلقينا
أما هواكِ فلم نعدل بمنهله***شربا وإن كان يروينا فيظمينا
لم نجف افق جمال أنت كوكبه***سالين عنه ولم نهجره قالينا
ولا اختيارا تجنبناه عن كثب***لكن عدتنا على كره عوادينا
نأسى عليك إذا حثت مشعشعة***فينا الشمول وغنانا مغنينا
لا أكؤس الراح تبدي شمائلنا***سيما ارتياح ولا الاوتار تلهينا

أما هي فأحلى قصيدة بسمعا بحياتي

:wink:
آخر تعديل بواسطة Lina في الخميس تموز 31, 2008 7:11 م، عدل 1 مرة

ومن أرق من ابن زيدون..!

الاثنين تموز 21, 2008 11:02 م

سأضيف أبياتا جميلة أخرى لابن زيدون  :idea:
وَلَمّا اِلتَقَينا لِلوَداعِ غُدَيَّةً  ... وَقَد خَفَقَت في ساحَةِ القَصرِ راياتُ
وَقُرِّنَتِ الجُردُ العِتاقُ وَصَفَّقَت ...  طُبولٌ وَلاحَت لِلفِراقِ عَلاماتُ
بَكَينا دَماً حَتّى كَأَنَّ عُيونَنا  ...  لِجَريِ الدُموعِ الحُمرِ فيها جِراحاتُ
وَكُنّا نُرَجّي الأَوبَ بَعدَ ثَلاثَةٍ  ...  فَكَيفَ وَقَد كانَت عَلَيها زِياداتُ

سَأَقنَعُ مِنكِ بِلَحظِ البَصَر ... وَأَرضى بِتَسليمِكِ المُختَصَر
وَلا أَتَخَطّى التِماسَ المُنى  ...  وَلا أَتَعَدّى اِختِلاسَ النَظَر
أَصونُكِ مِن لَحَظاتِ الظُنونِ ...  وَأُعليكِ عَن خَطَراتِ الفِكَر
وَأَحذَرُ مِن لَحَظاتِ الرَقيبِ ...  وَقَد يُستَدامُ الهَوى بِالحَذَر

ومن أرق من ابن زيدون..!

الثلاثاء تموز 22, 2008 11:34 ص

هدى,  
*good  *good  *good  *good
ألف شكر الك
*1

ومن أرق من ابن زيدون..!

الجمعة تموز 25, 2008 4:21 م

Lina,  مشكورة كتير ع الموضوع الرائع

فعلا قصيدة الغزلية بحبيبته ولادة من عيون الشعر العربي

أضحى التنائي بديلا من تدانينا ........وناب عن طيب لقيانا تجافينا

مشكورة مرة 2

ومن أرق من ابن زيدون..!

الجمعة تموز 25, 2008 6:11 م

مثبت


كتير حلو  *1

ومن أرق من ابن زيدون..!

السبت تموز 26, 2008 10:31 م

                                                           الرسالة الجدية
يامولايَ وسيّدي ، الّذي ودادي له ، ومَنْ أبقاه الله تعالى ماضِيَ حدّ العزم ، واري زَند الاملِ ، ثابتَ عهدِ النّعمه ،أظمأتني إلى برودِ إسعافكَ ، ونفضتَ بي كفَّ ِحياطَتك ، وغضضتَ عني طرفَ حمايتك ، بعدَ أن نظر الأعمى إلى تأميلي لكَ ، وسَمِعَ الأصمُّ ثنائي عليك ،وأحسّ الجماد بإستنادي إليكَ ، فلا غرو : قد يغصُّ بالماءِ شاربهُ ، ويقتلُ الدواء المستشفيَ به ، وُيؤتى الحذرُ من مأمنه ، وتكونَ منيّةُ المُتمني في أمنيتهِ والحين قد يسبقُ جَهدَ الحريصِ :

كل المصائبِ قد تمرُّ على الفتى **وتهونُ غير شماتـةِ الحُسّـاد ِ

وإنّي لأتجلدُ ، وأُرِي الشامتينَ أنّي لريبِ الدَّهرِ لا أتضعضعُ ، فأقول : هل أنا إلا يد أدماها سُوارُها ، وجبينٌ عضَّ به إكليلهُ ، ومشرفيٌٌ ألصقهُ بالأرضِ صاقِلهُ ، وسمهريٌّ عَرَضَه على النُار مثقفُه ، وعبد ٌ ذهب به سيده مذهب الذي يقول :
فَقَسَا ليزدجروا ومن يك حازماً** ًفليقسُ أحيانا ً على من يرحـم ُ
هذا العتبٌ محمود ٌعواقبه ، وهذهِ النّبوةُ غمرةٌ ثم تنجلي ، وهذه النكبةُ سحابةُ صيف ٍ عن قريبٍ تُقشّع ، ولن يريبني من سيّدي أن أبطأ سَحَابُه ، أو تأخر ـ غير ضنين ـ غَناؤه ، فأبطأُ الدلاءِ فيضا ً أملؤُها ، وأثقل السحائبِ مشيا ً أحفلُها ، وأنفع الحيا ماصادف جدبا ، وألذُّ الشَّرابِ ما أصابَ غليلا ، ومع اليوم غد ٌ ، ولكل أجل ٍ كتاب ، له الحمد على اغتِنَامِهِ ولا عتب عليه في إغفاله .
فإن يكنِ الفعلُ الذي ساءَ واحدا ** ًفأفعالهُ اللاتي سَرَرنَ ألـوف
ماهذا الذنبُ الذي لم يسعه عفوكَ ؟ والجهلُ الذي لم يأتِ من ورائهِ حلمك ؟ والتطاول الذي لم يستغرقهُ تَطَوُّلك َ؟ والتحامل الذي لم يفِ به أحتمالك ؟ ولا أخلو مِن أنْ أكونَ بريئا ً ، فأين العدلُ؟ أو مسيئاً ، فأين الفضلُ ؟

إلا يكن ذنب ٌ فعدلـك واسـع ُ**أو كان لي ذنب ٌ ففضلك أوسع ُ

حنانيكَ ، قد بلغَ السيلُ الزُّبى ، ونالني ماحسبي به وكفى ، وما أراني إلا لو أنّي أمرتُ بالسجود لآدم فأبيتُ وأستكبرت ُ، وقال لي نوح ٌ (أركب معنا ) فقلت سآوي إلى جبل ٍ يعصمني من الماء, وأمرتُ ببناء الصرحِ لعليَّ أطلع إلى إلهِ موسى ، واعتديتُ في السبتِ ، وتعاطيتُ فعقرت ، وشربت من ماء النهرِ الذي ابتليَ به جنود طالوت ، وقدتُ الفيلَ لإبرهه َ، وعاهدتُ قريشا ً على مافي الصحيفهِ ، وتأولتُ في بيعة العقبةِ ، ونفرتُ إلى العير ببدر ، وأنخذلت بثلث الناسِ يومَ أحد ،وتخلفتُ عن صلاةِ العصرِ في بني قريضه ، وأنفتُ من إمارة أسامهَ ، وزعمتُ أن بيعة أبي بكر ٍ كانت فلته،ًورجَمتُ الكعبة، وصلبتُ العائذَ بها على الثّنية ، لكان فيما جَرَى على مايُحتمل أنْ يُسمى نَكالاً ، ويُدعى ولو على المجازِ عِقاباً :

وحَسبُكَ مِن حادِثٍ بامريءٍ ** تَرَى حَاسِدِيهِ لهُ راحمينا

فكيف ولا ذنب إلا نميمة ٌ أهداها كاشح ، ونبأ ٌ جاء به فاسق ؟وهم الهمازون المشاءؤن بنميم ، الواشون الذين لا يلبثون أن يصدعوا العَصَا ،والغُواةُ الذين لا يتركون أديما ً صحيحا ً والُّسعاةُ الذين ذكرهم الأحنفُ بن قيس ، فقال : ماظنكَ بقوم ٍ الصدقُ محمود ٌ إلا منهم

حلفتُ فلم أتركُ لنفسك ريبةً ***وليس وراءَ الله ِ للمرءِ مذهب

والله ما غششتُكَ بعد النَصيحةِ ، ولاانحرفتُ عنكِ بعد الصّاغية ، ولانصبتُ لكَ بعد التّشيّع فيك ، ولا أزمعتُ بأساً مِنكَ مع ضمانٍ تكفلت به الثّقةٌ عنك ، وعهدٍ أخذهُ حُسنَ الظّنِ عليك ، ففيما عَبِثَ الجَفاءَ بأذمّتي ، وعاثَ العقوقَ في مودتي ؟ وتمكّن الضياعُ مِنْ وسائلي ، ولمّا ضاقت مذاهبي ، وأكدتُ مطالبي ، وعلامَ رضيتُ مِنْ المركبِ بالتعليقِ ؟ بل من الغنيمة بالإياب . وأنّي غلبني المغلبِ وفخرَ عليّ العاجزُ الضعيف ولطمتني غيرُ ذاتِ سُوار ؟ ومالكَ لاتمنعُ منّي قبلَ أنْ أُفتَرَس ، وتُدركني ولمّا أُمزّق ؟ أم كيفَ لاتتضرّمُ جَوانحُ الأكفَاءُ حَسَدَاً لي على الخصُوصِ بك ؟ وتتقطّع أنفاس النّظراءِ منافسةً في الكرامةِ عليك فكيف ؟ وقد زانني رَسمُ خِدمتكَ ، وزاهني وَسمُ نِعمتكَ ، وأبليتُ البلاء الجميلِ في سِماطِكَ ، وقمتُ المقام المحمود عن بِساطك :

الستُ المُواليَ فيكَ غُرَّ قصائدٍ

هي الأنجمُ اقتادت مع الليلِ أنجما

ثناءٌ يُظَنُّ الرّوضَ منه منورا

ضُحى ويُخالُ الوشيُ فيه منمنما

وهل لَبِسَ الصباح إلا بُرداَ طرزته بفضائلك ! وتقلّدت الجوزاءُ إلا عِقداً فصّلتهُ بمآثرك ؟ واستلّ الربيع إلا ثناءً ملأتهُ من محاسنك ، وبثّ المِسكَ إلا حديثاً أذعتُه في محامدك ؟ ومايومُ حليمةَ بِسر ، وإن كنتُ لم أكْسُكَ سليباً ، ولا حليتُكَ عُطْلاَ ، ولا وسمتُكَ غُفْلا ، بل وجدتُ آجُرًّا وجِصّا فبنيتُ ومكان القولُ دا سِعةٍ فقلتُ : وحاشا لله أن أُعدُّ من العاملة النّاصبة ، وأكون كالذّبالةِ المنصوبةِ تُضيءُ للنّاس وهي تحترق ، فلكَ المَثَلُ الأعلى ، وهو بك أولى

شـــعراء ..... و روائعهم (سلسلة متجددة)

الاثنين آب 04, 2008 3:16 م

حسان بن ثابت(شاعر الرسول عليه السلام)

ينتمي حسان بن ثابت إلى قبيلة الخزرج الأزدية.والأزد إحدى قبائل اليمن الكثيرة العدد وهي تنحدر من جذم كهلان الذي ينتمي إليه جل قبائل اليمن.
وتتفرع من قبيلة الازد قبائل وبطون كثيرة مردّ معظمها إلى فروع ثلاثة:مازن بن الأزد,ونصر بن الأزد,وعمرو بن الازد.ومن بني مازن بن الأزد بطون
كثيرة ينحدر جلها من عمرو مزيقياء بن عامر ماء السماء ومنها:بنو عمران بن عمرو مزيقياء وبنو جفنة بن عمرو,وبنو ثعلبة بن عمرو,وبنو حارثة بن عمرو
وينتمي حسان من جهة ابيه إلى بني مالك بن النجار,وهم بطن مشهور من بطون الخزرج ويسوق النسابون نسبه على النحو التالي:
حسان بن ثابت بن المنذر بن حرام بن عمرو بن الخزرج بن حارثة بن ثعلبة العنقاء بن عمرو مزيقياء بن عامر ماء السماء بن حارثة الفطريف بن امرئ القيس
البطريق بن ثعلبة البهلول بن مازن بن الأزد...وكان ثابت ,أبو حسان, من سادة قومه الخزرج وأشرافهم وكذلك المنذر جده.ولحسان أخوان
أولهما أوس بن ثابت و أخوه الثاني أبو شيخ أبيّ بن ثابت وعرفنا من اخوات حسان كبشة ولبنىوكلاهما أدركتا الاسلام واسلمتا..
لم تكن حياة حسان في الجاهلية تختلف عن اقرانه من الفتيان وكانت له مشاركات في شتى المجالات التي عرفها الجاهليون باستثناء مجال القتال والفروسية
فعلى الرغم من افتخار حسان بشجاعته واقدامه ومضاء حسامه يبدو أنه لم يكن ممن يجيدون القتال وشن الغارات وامتشاق الحسام...وقد تجلى قعوده
عن المشاركة الحربية بعد ذلك في زمن الرسول(ص) فلم يشارك في اي من غزواته.وقد كان ظهور الاسلام فاتحة جديدة في حياة حسان فقد اختاره
الرسول(ص) ليكون شاعره المفضل ,يذود عنه وعن الاسلام بلسانه ويسجل وقائعه مع المشركين.ولعل حسان لم يراود مخيلته من قبل أنه سيضطلع
يوما بعبء عظيم كالمنافخة عن رسول الله والإشادة بالرسالة العظيمة التي جاء بها إلى العرب والناس جميعا,ولم يكن يتوقع ان يغدو شاعر الدعوة للإسلام
إضافة رد