لكل طلاب الأدب الفارسي ... نوفر لهم ساحة لمناقشة أوضاعهم و مستجداتهم الدراسية و الجامعية .
إضافة رد

عمر الخيام ورباعيته المشهورة

الاثنين أيار 24, 2010 12:49 ص

بروين,  
صحيحٌ ما قلتِ ، وفي هذا أقوال، فمنهم من يرجعها إلى زرداشت ومنهم من يعود بها إلى عمر الخيام.
ملحوظتك دفعتني إلى البحث، كل الشكر لك ولتعليقك
*1

سمر أتاسي,   *1

عمر الخيام ورباعيته المشهورة

الاثنين أيار 24, 2010 5:02 ص

هدى,  

السلام عليكم من جديد في هذا الموضوع الرائع

أود أن أشكر أختي الملاك على المعلومات المتميزة التي طرحتها..

هدى لك مني كل الإحترام على كل ما تقدمينه أختي في آرتين



أود إن سمحتم لي أن أضيف على هذا الموضوع...

رباعيات الخيام كاملة

للمعلومه: هذه الرباعيات تمت ترجمتها للعديد من اللغات .. وبلغت شهرتها عنان السماء
وقام  الشاعر المصري الشاب أحمد رامي .. بترجمتها جزاه الله كل الخير


رباعيات الخيام ... ترجمة أحمد رامي


سمعت صوتا هاتفا في السحر
نادى من الحان : غفاة البشر
هبوا املئوا كأس الطلى قبل أن
تفعم كأس العمر كف القدر

***
أحس في نفسي دبيب الفناء
ولم أصب في العيش إلا الشقاء
يا حسرتا إن حان حيني ولم
يتح لفكري حل لغز القضاء

***

أفق وهات الكأس أنعم بها
واكشف خفايا النفس من حجبها
وروّ أوصالي بها قبلما
يصاغ دنّ الخمر من تربها

***

تروح أيامي ولا تغتدي
كما تهب الريح في الفدفد
وما طويت النفس هما على
يومين أمس المنقضي والغد

***

غد بظهر الغيب واليوم لي
وكم يخيب الظن في المقبل
ولست بالغافل حتى أرى
جمال دنياي ولا أجتلي
***

سمعت في حلمي صوتا أهاب
ما فتق النوم كمام الشباب
أفق فإن النوم صنو الردى
واشرب فمثواك فراش التراب

***

قد مزق البدر سنار الظلام
فاغنم صفا الوقت وهات المدام
واطرب فإن البدر من بعدنا
يسري علينا في طباق الرغام

***

سأنتحي الموت حثيث الورود
وينمحي اسمي من سجل الوجود
هات اسقنيها يا منى خاطري
فغاية الأيام طول الهجود

***

هات اسقنيها أيهذا النديم
أخضب من الوجه اصفرار الهموم
و إن مت فاجعل غسولي الطلى
وقد نعشي من فروع الكروم

***

إن تقتلع من أصلها سرحتي
وتصبح الأغصان قد جفت
فصغ وعاء الخمر من طينتي
واملأه تسر الروح في جثتي

***
لبست ثوب العيش لم أستشر
وحرت فيه بين شتى الفكر
وسوف أنضو الثوب عني ولم
أدرك لماذا جئت أين المقر

***

نمضي وتبقى العيشة الراضية
وتنمحي أثارنا الماضية
فقبل أن نحيى ومن بعدنا
وهذه الدنيا على ما هيه

***

طوت يد الأقدار سفر الشباب
وصوحت تلك الغصون الرطاب
وقد شدا طير الصبى واختفى
متى أتى يا لهفا أين غاب

***

الدهر لا يعطي الذي نأمل
و في سبيل اليأس ما نعمل
و نحن في الدنيا على همها
يسوقنا حادي الردى المعجل

***

أفق خفيف الظل هذا السحر
وهاتها صرفا وناغ الوتر
فما أطال النوم عمرا ولا
قصر في الأعمار طول السهر

***
اشرب فمثواك التراب المهيل
بلا حبيب مؤنس أو خليل
و انشق عبير العيش في فجره
فليس يزهو الورد بعد الذبول

***

كم آلم الدهر فؤادا طعين
و أسلم الروح ظعين حزين
وليس ممن فاتنا عائد
أسأله عن حالة الراحلين

***

يا دهر أكثرت البلى والخراب
و سمت كل الناس سوء العذاب
ويا ثرى كم فيك من جوهر
يبين لو ينبش هذا التراب

***

وكم توالى الليل بعد النهار
وطال بالأنجم هذا المدار
فامش الهوينا إن هذا الثرى
من أعين ساحرة الإحورار

***

أين النديم السمح أين الصبوح
فقد أمض الهم قلبي الجريح
ثلاثة هن أحب المنى
كأس و أنغام ووجه صبيح

***
نفوسنا ترضى احتكام الشراب
أرواحنا تفدى الثنايا العذاب
و روح هذا الذي نستله
ونستقيه سائغا مستطاب

***

يا نفس ما هذا الأسى والكدر
قد وقع الإثم وضاع الحذر
هل ذاق حلو العفو إلا الذي
أذنب والله عفا واغتفر

***

نلبس بين الناس ثوب الرياء
و نحن في قبضة كف القضاء
وكم سعينا نرتجي مهربا
فكان مسعانا جميعا هباء

***

لم تفتح الأنفس باب الغيوب
حتى ترى كيف تسام القلوب
ما أتعس القلب الذي لم يكد
يلتام حتى أنكأته الخطوب

***
عامل كأهليك الغريب الوفي
واقطع من الأهل الذي لا يفي
و عف زلالا ليس فيه الشفا
واشرب زعاف السم لو تشتفي

***


أحسن الى الأعداء و الأصدقاء
فإنما إنس القلوب الصفاء
و اغفر لأصحابك زلاتهم
وسامح الأعداء تمح العداء

***

عاشر من الناس كبار العقول
وجانب الجهال أهل الفضول
واشرب نقيع السم من عاقل
واسكب على الأرض دواء الجهول

***

يا تارك الخمر لماذا تلوم
دعني الى ربي الغفور الرحيم
ولا تفاخرني بهجر الطلى
فأنت جان في سواها أثيم

***

أطفيء لظى القلب ببرد الشراب
فإنما الأيام مثل السحاب
وعيشنا طيف خيال فنل
حظك منه قبل فوت الشباب

***

بستان أيامك نامي الشجر
فكيف لا تقطف غض الثمر
اشرب فهذا اليوم إن أدبرت
به الليالي لم يعده القدر

***

جادت بساط الروض كف السحاب
فنزه الطرف وهات الشراب
فهذه الخضرة من بعدنا
تنمو على أجسادنا في التراب

***

و إن تواف العشب عند الغدير
وقد كسا الأرض بساط نضير
فامش الهوينا فوقه إنه
غذته أوصال حبيب طرير

***

يا نفس قد آدك حمل الحزن
يا روح مقدور فراق البدن
اقطف أزاهير المنى قبل أن
يجف من عيشك غض الفنن

***

يحلو ارتشاف الخمر عند الربيع
ونشر أزهار الروابي يضوع
وتعذب الشكوى الى فاتن
على شفا الوادي الخصيب الينيع

***

فلا تتب عن حسو هذا الشراب
فإنما تندم بعد المتاب
وكيف تصحو وطيور الربى
صداحة و الروض غض الجناب

***

زخارف الدنيا أساس الألم
وطالب الدنيا نديم الندم
فكن خلي البال من أمرها
فكل ما فيها شقاء وهم

***

و أسعد الخلق قليل الفضول
من يهجر الناس ويرضى القليل
كأنه عنقاء عند السهى
لا بومة تنعب بين الطلول

***

من يحسب المال أحب المنى
و يزرع الأرض يريد الغنى
يفارق الدنيا ولم يختبر
في كده أحوال هذي الدنى

***

سرى بجسمي الغض ماء الفناء
وسار في روحي لهيب الشقاء
وهمت مثل الريح حتى ذرت
تراب جسمي عاصفات القضاء

***

يا من يحار الفهم في قدرتك
وتطلب النفس حمى طاعتك
أسكرني الإثم و لكنني
صحوت بالآمال في رحمتك

***

لم أشرب الخمر ابتغاء الطرب
ولا دعتني قلة في الأدب
لكن إحساسي نزاعا إلى
إطلاق نفسي كان كل السبب

***

أفنيت عمري في اكتناه القضاء
وكشف ما يحجبه في الخفاء
فلم أجد أسراره وانقضى
عمري وأحسست دبيب الفناء

***

أطال أهل الأنفس الباصرة
تفكيرهم في ذاتك القادرة
ولم تزل يا رب أفهامهم
حيرى كهذي الأنجم الحائرة

***

لم يجن شيئا من حياتي الوجود
ولن يضير الكون أني أبيد
واحيرتي ما قال لي قائل
ماذا اشتعال الروح كيف الخمود

***

إذا انطوى عيشي وحان الأجل
وسد في وجهي باب الأمل
قرّ حباب العمر في كأسه
فصبها للموت ساقي الأزل

***

إن لم أكن أخلصت في طاعتك
فإنني أطمع في رحمتك
و إنما يشفع لي أنني
قد عشت لا أشرك في وحدتك

***

يا رب هيئ سبب الرزق لي
ولا تذقني منة المفضل
وأبقني نشوان كيما أرى
روحي نجت من دائها المعضل

***

أفنيت عمري في ارتقاب المنى
ولم أذق في العيش طعم الهنا
وإنني أشفق أن ينقضي
عمري وما فارقت هذا العنا

***

لم يبرح الداء فؤادي العليل
ولم أنل قصدي وحان الرحيل
وفات عمري وأنا جاهل
كتاب هذا الدهر جم الفصول

***

صفا لك اليوم ورقّ النسيم
وجال في الأزهار دمع الغيوم
ورجّع البلبل ألحانه
يقول هيا اطرب وخل الهموم

***
الدرع لا تمنع سهم الأجل
والمال لا يدفعه إن نزل
وكل ما في عيشنا زائل
لا شيء يبقى غير طيب العمل

***

الله يدري كل ما تضمر
يعلم ما تخفي وما تظهر
وإن خدعت الناس لم تستطع
خداع من يطوي ومن ينشر

***

وإنما بالموت كل رهين
فاطرب فما أنت من الخالدين
واشرب ولا تحمل أسى فادحا
وخلّ حمل الهم للاحقين

***

رأيت خزافا رحاه تدور
يجدّ في صوغ دنان الخمور
كأنه يخلط في طينها
جمجمة الشاه بساق الفقير

***

تمتلك الناس الهوى والغرور
وفتنة الغيد وسكنى القصور
ولو تزال الحجب بانت لهم
زخارف الدنيا وعقبى الأمور

***
إن الذي تأنس فيه الوفاء
لا يحفظ الود وعهد الإخاء
فعاشر الناس على ريبة
منهم ولا تكثر من الأصدقاء

***

زاد الندى في الزهر حتى غدا
منحنيا من حمل قطر الندى
والكُم قد جمع أوراقه
فظلّ في زهر الرّبى سيدا

***

وأسعد الخلق الذي يرزق
وبابه دون الورى مغلق
لا سيدٌ فيهم ولا خادم
لهم ولكن وادع مطلق

***

قلبي في صدري أسير سجين
تخجله عشرة ماء وطين
وكم جرى عزمي بتحطيمه
فكان ينهاني نداء اليقين

***

مصباح قلبي يستمدّ الضياء
من طلعة الغيد ذوات البهاء
لكنني مثل الفراش الذي
يسعى الى النور وفيه الفناء

***
طبعي ائتناسي بالوجوه الحسان
وديدني شرب عتاق الدنان
فاجمع شتات الحظ وانعم بها
من قبل أن تطويك كف الزمان

***

عاقب الأيام يدني الأجل
ومرها يطويك طيّ السجل
وسوف تفنى وهي في كرِّها
فقضِّ ما تغنمه في جذل

***

لا تشغل البال بماضي الزمان
ولا بآتي العيش قبل الأوان
واغنم من الحاضر لذّاته
فليس في طبع الليالي الأمان

***

قيل لدى الحشر يكون الحساب
فيغضب الله الشديد العقاب
وما انطوى الرحمن إلا على
إنالة الخير ومنح الثواب

***

كان الذي صورني يعلم
في الغيب ما أجني وما آثم
فكيف يجزيني على أنني
أجرمت والجرم قضا مبرم

***
هات اسقني كأس الطلى السلسل
وغنني لحنا مع البلبل
فإنما الإبريق في صبه
يحكي خرير الماء في الجدول

***

الخمر في الكأس خيال ظريف
وهي بجوف الدنّ روح لطيف
أبعد ثقيل الظّل عن مجلسي
فإنما للخمر ظل خفيف

***

باب نديمي ذو الثنايا الوضاح
وبيننا زهر أنيق وراح
وافتض من لؤلؤ أصدافها
فافترّ في الآفاق ثغر الصباح

***

نار الهوى تمنع طيب المنام
وراحة النفس ولذّ الطعام
وفاتر الحب ضعيف اللظى
منطفئ الشعلة خابي الضرام

***

القلب قد أضناه عشق الجمال
والصدر قد ضاق بما لا يقال
يا ربّ هل يرضيك هذا الضما
والماء ينساب أمامي زلال

***

خلقتني يا ربّ ماء وطين
وصغتني ما شئت عزّا وهون
فما احتيالي والذي قد جرى
كتبته يا ربّ فوق الجبين

***

ويا فؤادي تلك دنيا الخيال
فلا تنؤ تحت الهموم الثقال
وسلم الأمر فمحو الذي
خطت يد المقدار أمر محال

***

وإنما نحن رخاخ القضاء
ينقلنا في اللوح أنى يشاء
وكل من يفرغ من دوره
يلقى به في مستقر الفناء

***

رأيت صفا من دنان سرى
ما بينها همس حديث جرى
كأنها تسأل : أين الذي
قد صاغنا أو باعنا أو شرى

***

سطا البلى فاغتال أهل القبور
حتى غدوا فيها رفاتا نثير
أين الطلى تتركني غائبا
أجهل أمر العيش حتى النشور

***

إذا سقاني الموت كأس الحمام
وضمكم بعدي مجال المدام
فأفردوا لي موضعي واشربوا
في ذكر من أضحى رهين الرجام

***

عن وجنة الأزهار شف النقاب
وفي فؤادي راحة للشراب
فلا تنم فالشمس لمّا يزل
ضياؤها فوق الرّبى والهضاب

***

فكم على ظهر الثرى من نيام
وكم من الثاوين تحت الرغام
وأينما أرمي بعيني أرى
مشيعا أو نهزة للحمام

***

يا ربّ في فهمك حار البشر
وقصر العاجز والمقتدر
تبعث نجواك وتبدو لهم
وهم بلا سمع يعي أو بصر

***

بيني وبين النفس حرب سجال
وأنت يا ربّي شديد المحال
أنتظر العفو ولكنني
خجلان من علمك سوء الفعال

***

شقت يد الفجر ستار الظلام
فانهض وناولني صبوح المدام
فكم تحيينا له طلعة
ونحن لا نملك ردّ السلام

***

معاقرو الكأس وهم سادرون
وقائمو الليل وهم ساجدون
غرقى حيارى في بحار النهى
والله صاح والورى غافلون

***

كنّا فصرنا قطرة في عباب
عشنا وعدنا ذرة في التراب
جئنا إلى الأرض ورحنا كما
دب عليها النمل حينا وغاب

***

لا أفضح السر لعال ودون
ولا أطيل القول حتى يبين
حالي لا أقوى على شرحها
وفي حنايا الصدر سري دفين

***

أولى بهذي الأعين الهاجدة
أن تغتدي في أنسها ساهدة
تنفس الصبح فقم قبل أن
تحرمه أنفاسنا الهامدة

***

هل في مجال السكون شيء بديع
أحلى من الكأس وزهر الربيع
عجبت للخمّار هل يشتري
بماله أحسن مما يبيع

***

هوى فؤادي في الطلى والحباب
وشجو أذني في سماع الرباب
إن يصغ الخزاف من طينتي
كوبا فأترعها ببرد الشراب

***

يا مدعي الزهد أنا أكرم
منك وعقلي ثملا أحكم
تستنزف الخلق وما أستقي
إلا دم الكرم فمن آثم؟

***

الخمر كالورد وكأس الشراب
شفت فكانت مثل ورد مذاب
كأنما البدر نثا ضوءه
فكان حول الشمس منه نقاب

***

لا تحسبوا أني أخاف الزمان
أو أرهب الموت إذا الموت حان
الموت حق لست أخشى الردى
وإنما أخشى فوات الأوان

***

لا طيب في الدنيا بغير الشراب
ولا شجى فيها بغير الرباب
فكرت في أحوالها لم أجد
أمتع فيها من لقاء الصحاب

***

عش راضيا واهجر دواعي الألم
واعدل مع الظالم مهما ظلم
نهاية الدنيا فناء فعش
فيها طليقا واعتبرها عدم

***

لا تأمل الخل المقيم الوفاء
فإنما أنت بدنيا الرياء
تحمل الداء ولا تلتمس
له دواء وانفرد بالشقاء

***

اليوم قد طاب زمان الشباب
وطابت النفس ولذ الشراب
فلا تقل كأس الطلى مرة
فإنما فيها من العيش صاب

***

وليس هذا العيش خلدا مقيم
فما اهتمامي محدث أم قديم
سنترك الدنيا فما بالنا
نضيع منها لحظات النعيم

***

حتام يغري النفس برق الرجاء
ويفزع الخاطر طيف الشقاء
هات اسقنيها لست أدري إذا
صعدت أنفاسي ردت الهواء

***

دنياك ساعات سراع الزوال
وإنما العقبى خلود المآل
فهل تبيع الخلد يا غافلا
وتشتري دنيا المنى والضلال

***

يامن نسيت النار يوم الحساب
وعفت أن تشرب ماء المتاب
أخاف إن هبت رياح الردى
عليك أن يأنف منك التراب

***

يا قلب كم تشقى بهذا الوجود
وكل يوم لك همّ جديد
وأنت يا روحي ماذا جنت
نفسي وأخراك رحيل بعيد

***

تناثرت أيام هذا العمر
تناثر الأوراق حول الشجر
فانعم من الدنيا بلذاتها
من قبل أن تسقيك كف القدر

***
لا توحش النفس بخوف الظنون
وأغنم من الحاضر أمن اليقين
فقد تساوى في الثرى راحل
غدا وماض من ألوف السنين

***

مررت بالخزاف في صحوة
يصوغ كوب الخمر من طينة
أوسعها دعّا فقالت له :
هل أقفرت نفسك من رحمة

***

لو أنني خيرت أو كان لي
مفتاح باب القدر المقفل
لاخترت عن دنيا الأسى أنني
لم أهبط الدنيا ولم أرحل

***

هبطت هذا العيش في الآخرين
وعشت فيه عيشة الخاملين
ولا يوافيني بما أبتغي
فأين مني عاصفات المنون

***

حكمك يا أقدار عين الضلال
فأطلقيني آد نفسي العقال
إن تقصري النعمى على جاهل
فلست من أهل الحجا والكمال

***
إذا سقاك الدهر كأس العذاب
فلا تبن للناس وقع المصاب
واشرب على الأوتار رنانة
من قبل أن تحطم كأس الشراب

***

لا بد للعاشق من نشوة
أو خفة في الطبع أو جنة
والصحو باب الحزن فاشرب تكن
عن حالة الأيام في غفلة

***

أنا الذي عشت صريع العقار
في مجلس تحييه كأس تدار
فعدِّ عن نصحي لقد أصبحت
هذي الطلى كل المنى والاختيار

***

أعلم من أمري الذي قد ظهر
وأستشف الباطن المستتر
عدمت فهي أن تكن نشوتي
وراءها منزلة تنتظر

***

طارت بي الخمر إلى منزل
فوق السماك الشاهق الأعزل
فأصبحت روحي في نجوة
من طين هذا الجسد الأرذل

***
سئمت يا ربي حياة الألم
وزاد همي الفقر لما ألمّ
ربي انتشلني من وجودي فقد
جعلت في الدنيا وجودي عدم

***

لم يخل قلبي من دواعي الهموم
أو ترض نفسي عن وجودي الأليم
وكم تأدبت بأحداثه
ولم أزل في ليل جهل بهيم

***

الله قد قدر رزق العباد
فلا تؤمل نيل كل المراد
ولا تذق نفسك مرّ الأسى
فإنما أعمارنا للنفاد

***

إن الذي يعرف سر القضاء
يرى سواء سعده والشقاء
العيش فان فلندع أمره
أكان داء مسنا أم دواء

***

يا طالب الدنيا وقيت العثار
دع أمل الربح وخوف الخسار
واشرب عتيق الخمر فهي التي
تفك عن نفسك قيد الإسار

***
الكأس جسم روحه الساريه
هذي السلاف المزة الصافية
زجاجها قد شف حتى غدا
ماء حوى نيرانها الجارية

***

قد ردد الروض غناء الهزار
وارتاحت النفس لكأس العقار
تبسم النور فقم هاتها
نثأر من الأيام قبل الدمار

***

بي من جفاء الدهر همّ طويل
ومن شقاء العيش حزن دخيل
قلبي كدنّ الخمر يجري دما
ومقلتي بالدمع كأس تسيل

***

وكلما راقبت حال الزمن
رأيته يحرم أهل الفطن
سبحان ربي كلما لاح لي
نجم طوته ظلمات المحن

***

ماذا جنينا من متاع البقاء
ماذا لقينا في سبيل الفناء
هل تبصر العين دخان الألى
صاروا رمادا في أتون القضاء

***
تلك القصور الشاهقات البناء
منازل العز ومجلى السناء
قد نعب البوم على رسمها
يصيح أين المجد ، أين الثراء

***

هون على النفس احتمال الهموم
واغنم صفا العيش الذي لا يدوم
لو كانت الدنيا وفت للألى
راحوا لما جاءك دور النعيم

***

وإنما الدهر مذيق الكروب
نعيمه رهن بكف الخطوب
ولو درى الهم الذي لم يجيء
دنيا الأسى لاختار دار الغيوب

***

صبت علينا وابلات البلاء
كأننا أعداء هذا القضاء
بينا ترى الإبريق والكأس قد
تبادلا التقبيل حول الدماء

***

تفتح النوار صب المدام
واخلع ثياب الزهد بين الأنام
وهاتها من قبل سطو الردى
في مجلس ضم الطلى والغرام

***
حار الورى ما بين كفر ودين
وأمعنوا في الشك أو في اليقين
وسوف يدعوهم منادي الردى
يقول ليس الحق ما تسلكون

***

نصبت في الدنيا شراك الهوى
وقلت أجزي كل قلب غوى
أتنصب الفخ لصيدي وإن
وقعت فيه قلت عاص هوى

***

أنا الذي أبدعت من قدرتك
فعشت أرعى في حمى نعمتك
دعني الى الآثام حتى أرى
كيف يذوب الإثم في رحمتك

***

إن تفصل القطرة في بحرها
ففي مداه منتهى أمرها
تقاربت يا ربّ ما بيننا
مسافة البعد على قدرها

***

وإنما الدنيا خيال يزول
وأمرنا فيها حديث يطول
مشرقها بحر بعيد المدى
وفي مداه سيكون الأفول

***
جهلت يا نفسي سر الوجود
وغبت في غور القضاء البعيد
فصوري من نشوتي جنة
فربما أحرم دار الخلود

***

يا ورد أشبهت خدود الحسان
ويا طلي حاكيت ذوب الجمان
وأنت يا حظي تنكرت لي
وكنت من قبل الأخ المستعان

***

أولى بك العشق وحسو الشراب
وحنة الناي ونوح الرباب
فأطلق النفس ولا تتصل
بزخرف الدنيا الوشيك الذهاب

***

لا تشغل البال بأمر القدر
واسمع حديثي يا قصير النظر
تنح واجلس وادعا قانعا
وانظر الى لعب القضا بالبشر

***

يا قلب إن ألقيت ثوب العناء
غدوت روحا طاهرا في السماء
مقامك العرش ترى حطّة ً
أنك في الأرض أطلت البقاء

***
إن الذي يذبل زهر الربيع
ينثر أوراق وجود الجميع
والهم مثل السّم ترياقه
في الخمر فاشرب قدر ما تستطيع

***

زجاجة الخمر ونصف الرغيف
وما حوى ديوان شعر طريف
أحب لي إن كنت لي مؤنسا
في بلقع من كل ملك منيف

***

أتسمع الديك أطال الصياح
وقد بدى في الأفق نور الصباح
ما صاح إلا نادبا ليلة
ولّت من العمر السريع الرواح

***

علام تشقى في سبيل الألم
ما دمت تدري أنك ابن العدم
الدهر لا تجري مقاديره
بأمرنا فارض بما قد حكم

***

تحمل الداء كبير الرجاء
أنك يوما تنال الشفاء
واشكر على الفقر الذي إن يُرَدّ
أصبحت موفور الغنى والثراء

***
ليتك يا ربي تبيد الوجود
وتخلق الأكوان خلقا جديد
فتغفل اسمي أو تزيد الذي
قدرت لي في الرزق بين العبيد

***

وصلتني بالنفس منذ القدم
فكيف تفري شملنا الملتئم
وكنت ترعاني فماذا دعا
إلى اطراحي للأسى والألم

***

هات الطلى فالنفس عما قليل
توشك من فرط الأسى أن تسيل
عساي أنسى الهم في نشوتي
من بعد رشفي كأسها السلسبيل

***

يا ساقي الخمر أفق هاتها
ثم اسقني سائل ياقوتها
فإنها تبعث من روحها
نفسي وتحيي ميت لذاتها

***

صب من الإبريق صافي الدماء
واشرب وهات الكأس ذات النقاء
فليس بين الناس من ينطوي
على الذي في صدرها من صفاء

***
أين طهور النفس عفّ اليمين
وكيف كانت عيشة الصالحين
إن كنت لا تغفر ذنبي فما
فضلك يا ربِّ على العالمين

***

أبدعت فينا بينات العِبر
وصُغتنا يا ربي شتى الصور
فهل أطيق اليوم محو الذي
تركته في خلقتي من أثر

***

طبائع الأنفس ركّبتها
فكيف تجزي أنفسا صغتها
وكيف تفنى كاملا أو ترى
نقصا بنفس أنت صورتها

***

تخفي عن الناس سنا طلعتك
وكل ما في الكون من صنعتك
فأنت مُجلاه وأنت الذي
ترى بديع الصنع في آيتك

***

يا رب مهّد لي سبيل الرّشاد
واكتب لي الراحة بعد الجهاد
وأحي في نفسي المنى مثلما
يحيي موات الأرض صوب العهاد

***
لن يرجع المقدار فيما حكم
وحملك الهم يزيد الألم
ولو حزنت العمر لن ينمحي
ما خطه في اللوح مر القلم

***

ولّى الدجى قم هات كأس الشراب
كأنما الياقوت فيها مذاب
واحرق من العود بخورا وخذ
من غصنه المعطار واصنع رباب

***

الخمر توليك نعيم الخلود
ولذّة الدنيا وأنس الوجود
تحرق مثل النار لكنها
تجعل نار الحزن ماء برود

***

عيشي من أجل الطلى مستحيل
فإنها تشفي فؤادي العليل
ما أعذب الساقي إذا قال لي
تناول الكأس ورأسي يميل

***

أولى بهذا القلب أن يخفقا
وفي ضرام الحب أن يحرقا
ما أضيع اليوم الذي مرّ بي
من غير أن أهوى و أن أعشقا

***
سارع الى اللذات قبل المنون
فالعمر يطويه مرور السنين
ولست كالأشجار إن قلمت
فروعها عادت رطاب الغصون

***

إن الألى ذاقوا حياة الرّغد
وأنجز الدهر لهم ما وعد
قد عصف الموت بهم فانطووا
واحتضنوا تحت تراب الأبد

***

نفسي خلت من أنس تلك الصحاب
لما غدوا ثاوين تحت التراب
في مجلس العمر شربنا الطلى
فلم يفق منا صريع الشراب

***

ولست مهما عشت أخشى العدم
وإنما أخشى حياة الألم
أعارني الله حياتي وعن
حقوقه استرداد هذا النسم

***

قالوا امتنع عن شرب بنت الكروم
فإنها تورث نار الجحيم
ولذّتي في شربها ساعة
تعدل في عيني جنان النعيم

***
إن دارت الكأس ولذّ الشراب
فكن رضيّ النفس بين الصحاب
واشرب فما يجديك هجر الطلى
إن كان مقدورا عليك العذاب

***

شيئان في الدّنيا هما أفضل
في كل ما تنوي وما تعمل
لا تتخذ كل الورى صاحبا
ولا تنل من كل ما يؤكل

***

لو كان لي قدرة رب مجيد
خلقت هذا الكون خلقا جديد
يكون فيه غير دنيا الأسى
دنيا يعيش الحر فيها سعيد

***

إذا بلغت المجد قالوا زنيم
وإن لزمت الدار قالوا لئيم
فجانب الناس ولا تلتمس
معرفة تورث حمل الهموم

***

خير لي العشق وكأس المدام
من ادعاء الزهد والإحتشام
لو كانت النار لمثلي خلت
جنات عدن من جميع الأنام

***
عبدك عاص أين منك الرضاء
وقلبه داج فأين الضياء
إن كانت الجنّة مقصورة
على المطيعين فأين العطاء

***

أهل الحجا والفضل هذي العقول
قد حاولوا فهم القضاء الجليل
فحدثونا بعض أوهامهم
ثم احتواهم ليل نوم طويل

***

يا عالم الأسرار علم اليقين
يا كاشف الضر عن البائسين
يا قابل الأعذار فثنا الى
ظلك فاقبل توبة التائبين

عمر الخيام ورباعيته المشهورة

الاثنين أيار 24, 2010 7:25 م

السلام عليكم من جديد


أود أن أعتذر على تكرار مشاركاتي هنا في هذا الموضوع... ولكن لكثر ما فيه من غنىً في المعلومات وقيمة رائعة...

إن سمحت لي الأخت هدى... فقد حصلت على ما أود إضافته أيضاً

مقال بقلم الدكتورة فاتن حسين  فيه معلومات قيمة  من شأنها أن تغني موضوعك أخت هدى.........  *1





تم اكتشاف ثمان وثلاثين رباعية من رباعيات الخيام، مترجمة شعراً بخط الشاعر أحمد رامي، ولكنه لم ينشرها ضمن رباعياته، الموجودة بأعماله الكاملة، والتي عددها مائة وثمان وستون رباعية، فإذا تم ضم هذه الرباعيات إلي رباعياته التي نشرها عام 1931، سيكون مجموعها مائتين وست رباعيات. فلماذا لم يشأ رامي نشر هذه الرباعيات، وآثر تركها حبيسة أوراقه؟ تبدأ القصة من زيارتي للمهندس توحيد رامي، ابن الشاعر أحمد رامي، من أجل العمل علي إعادة طبع أعماله الكاملة، متضمنة أغانيه العامية، وعندما سألته: وماذا بشأن الرباعيات؟ فأخبرني أن لديه كتاباً، ترجم والده الرباعيات علي صفحاته بالقلم الرصاص.... فوجدته أنه الكتاب نفسه الذي أشار إليه رامي في مقدمة رباعياته، والذي وجده في مكتبة مدرسة اللغات الشرقية، أثناء وفادته من قبل دار الكتب المصرية إلي باريس، عام 1922، لدراسة اللغات الشرقية، اطلع فيه رامي علي النسخة الفارسية للرباعيات، مترجمة بالفرنسية بقلم المسيو "نيقولا"، فقال: "وفي سنة 1867، أخرج المسيو نيقولا، ترجمان السفارة الفرنسية في فارس، ترجمة نثرية للرباعيات، بها أربع وستون وأربعمائة رباعية، نقلها عن نسخة طهران المطبوعة علي الحجر سنة 1861"، وقد ضمنه نيقولا النسخة الفارسية، واضعاً أمامها في الصفحات المقابلة ترجمة لها بالفرنسية، ومرتبة بحسب الأحرف الأبجدية في كلا اللغتين، أما رامي، فقد وضع ترجمته العربية شعراً بالقلم الرصاص، أمام بعض تلك الرباعيات في لغتها الفارسية، كما هو واضح في صورة الصفحة، ويبدو أنه تحقق من معاني تلك المصطلحات في اللغتين، مقارناً بينهما بحدسه الشعري، وذلك لإدراكه مدي الاختلاف بين اللغتين، حيث كان رامي يجيدهما، ثم وضع ترجمته العربية شعراً، متوخياً الدقة في اختيار أقرب معني، وقد اعتمد في ذلك علي اللغة الفارسية، لاحتوائها علي مصطلحات التصوف والعرفان الفارسي، وهي معانٍ روحانية تتميز بها اللغة الفارسية كالعربية، بينما اللغة الفرنسية، شأنها شأن اللغات الأوروبية، لا تكون دقيقة في مس تلك المعاني. لم يترجم رامي من رباعيات الكتاب إلا مائة واثنتين وثمانين رباعية، وبالمقارنة بعدد الرباعيات المنشورة، وهي مائة وثمان وستون رباعية، يكون الفرق أربع عشرة رباعية فقط، بينما وجدت مما لم ينشره رامي مترجماً من كتاب نيقولا، ثماني وثلاثين رباعية، وليس أربع عشرة فقط، وعندما قمت بعدّ الرباعيات التي نشرها من كتاب نيقولا، وجدتها مائة وثلاثاً وأربعين رباعية فقط، فمن أين جاء بخمس وعشرين رباعية أخري، ليكمل بهاعدد رباعياته المنشورة؟ ووجدت الإجابة في مقدمة الرباعيات التي كتبها رامي، فقد أشار إلي أنه بعد عودته من أوروبا عام 1924، أخرج طبعة أولي للرباعيات، ضمنها ما ترجمه من كتاب نيقولا، ثم وجد مخطوطة أخري للرباعيات باللغة الفارسية في دار الكتب المصرية، فقرأها وتحقق منها، ثم قام بترجمة ما بها من رباعيات، وضمها للرباعيات السابقة التي أخذها من كتاب نيقولا، وأخرج طبعة جديدة للرباعيات عام 1931، يقول: "..وسافرت في مستهل سنة 1923 إلي برلين، فراجعت النسخ الخطية المحفوظة في القسم الشرقي في مكتبتها، وعدت إلي باريس، فراجعت ما أودع في مكتبتها من الصور الشمسية للمخطوطات المختلفة لهذه الرباعيات..وفي ربيع 1924، سافرت إلي لندن، فراجعت مخطوطات هذه الرباعيات في المتحف البريطاني، وانطلقت إلي كمبردج، فراجعت مخطوطات جامعتها.. ثم عدت إلي باريس، وانقطعت لإتمام ترجمتي لهذه الرباعيات، حتي إذا انتهيت من دراستي، ونلت دبلوم مدرسة اللغات الشرقية في اللغة الفارسية، رجعت إلي مصر، وأخرجت الطبعة الأولي من ترجمتي الرباعيات في صيف 1924، ودارت الأيام، ووجدت في دار الكتب المصرية من الكتب الفارسية والعربية التي تناولت ذكره، وما لم أوفق إلي إيجاده أيام كنت في أوروبا، فراجعت ما ترجمت له من الرباعيات في الطبعة الأولي..وزدت شيئاً غير يسير مما وقع لي منها، وكان جديداً علي، ثم وضعت مقدمة أغزر مادة..وأخرجت طبعة ثانية في ربيع 1931، أضفت إليها ما لم أكن أعرف عن حياة الخيام أو رباعياته"، وعلي هذا، يكون الشيء غير اليسير الذي أضافه رامي للرباعيات، هو خمس وعشرون رباعية، أكمل بها رباعياته المترجمة عن نسخة "نيقولا". أما الثماني وثلاثين رباعية المترجمة علي صفحات كتاب نيقولا ولم ينشرها، فسوف يتم تحقيقها وإضافتها للرباعيات الأصلية، من أجل إخراج طبعة جديدة للرباعيات، وذلك لأهميتها في الكشف عما خفي من معان للرباعيات السابقة. وقد حاولت الوصول للأسباب التي منعت رامي من نشر تلك الرباعيات، فوجدتها تنوعت بين التكرار في المعني والصياغة، وبين المغالاة في عشق الخمر، وبين ضعف الصياغة، وبين احتوائها علي بعض المعاني التي يستغلق فهمها علي ذوي العقول المتواضعة، فيظنونها تعيب في الذات الإلهية، ويتهمون الرجل بالكفر والزندقة، بسبب قصورهم عن إدراك ما بها من حس صوفي عميق، ويبدو أن هذه الفئة من الناس، لا يخلو منهم زمان ولا مكان، فمن نماذج ما ورد متشابهاً قوله: "دانِ توافِ الزهر عند الغدير/مبتسماً مثل افترار الثغور/لا تمش فيه مرحاً إنه/غذّته أوصال وسمٍ طرير"، ومنه قوله: "لابد للعاشق الولهان من أن يكون/في نشوة أو خفة أو جنون/نحمل هم العيش في صحونا فإن/سكرنا فليكن ما يكون"، ومن نموذج عشق الخمر: "مادمت لا تدري غداً ما يكون/فسَرِّ عن هذا الفؤاد الحزين/واشرب علي البدر كؤوس الطِّلي/فسوف تلقاني من الغابرين"، ومما خشي رامي من سوء فهمه: "أيها الساقي دهانا الكمد/وليست الدنيا مقام الأبد/مادام كأس الخمر ما بيننا/فبيننا الحق العلي الأحد"، ومنها قوله: "إذا انطوي عيشي وحان الأجل/وسدّ في وجهي باب الجدل/وأذاب حباب الخمر في كأسه/مُرّةً فصبّها للموت في ساقي الأزل". فمن هو الخيام؟ هو غياث الدين أبو الفتح عمر بن إبراهيم الخيام، ولد في نيسابور عاصمة خراسان في 433هـ، 1040م، وتوفي في 517هـ، 1123م، عن ثلاث وثمانين سنة، ودفن في الحيرة، ومازال قبره هناك بين الحدائق والأزهار، معروفًا باسم "مدفن علي"، وهو مزار سياحي، كان الخيام عالماً في الفقه واللغة والتاريخ والطب والفلك والرياضيات، وله كتب ورسائل في الكون والوجود، عاصر الإمام الغزالي، الذي شهد له بعلمه في تفسير بعض الآيات، وقال عنه ابن الأثير، إنه اشترك مع جماعة من أعيان المنجمين في إصلاح التقويم، وكان ذلك في عهد السلطان ملك شاه والوزير نظام الملك، فأخرجوا التقويم الجلالي الذي يبدأ من يوم النيروز الموافق 6 مارس، ولايزال مبدأ هذا التقويم عيداً من أعياد الفرس إلي الآن، وقيل إنه كان زميل دراسة لكل من: نظام الملك، وحسن الصباح، وعندما كان يحصل الثلاثة العلم في نيسابور، تعاهدوا أن يرعي من يؤتيه الحظ منهم مكاناً سامياً، أخويه الآخرين، فلما ارتفع كوكب نظام الملك، وأصبح وزيراً للملك ألب أرسلان ثم لابنه من بعده ملك شاه، دعا أخويه، الخيام والصباح، وقرب نظام الملك الخيام منه، ليستفيد من علمه. سافر الخيام كثيراً، ولكنه قضي معظم حياته في نيسابور، مسقط رأسه، وكانت نيسابور غنية بالخيرات، خصبة التربة، بها ست جامعات ومرصد، بناه نظام الملك، وفي هذه الحضارة العامرة، عاش الخيام، طالباً وعالماً، كان محباً للحياة، درس العلوم الإلهية والفلسفة والمنطق والطبيعة، وعاش عيشة الحكيم الذي نعي علي الحياة زوالها وتقلبها، لذلك نري في شعره نزعة تشاؤم، أحب الخيام شرب الخمر لأنها تسمو بروحه، ولم يقصر حبه علي أثرها، بل أحب طعمها ولونها وكأسها ودنّها الملآن، كان يعتقد بوحدة الروح، ويؤمن بعدم فناء المادة. كان الخيام يرسل رباعياته في خلوته، ثم ينشدها لأصحابه في المجالس، فتحفظ وتنشر، وقد جمعها خلصاؤه، ثم ضاعت فيما ضاع، من تعرض نيسابور للغزو التتري. وقد أعرب رامي عن حيرته في فهم روح الخيام من خلال رباعياته، وتمني لو وجد مجموعة منها متدرجة تاريخياً، حتي يفهم تدرج روحه الشاعرية، ولكن للأسف، كانت تكتب كل المخطوطات مرتبة أبجدياً بحسب القافية، فتضيع بذلك تسلسل أفكار الخيام، يقول رامي: "لعل أظهر ما في الرباعيات، النعي علي قصر الحياة وبطلانها، والخيام في نظمها بين متفائل ومتشائم، وقدري ومتصوف، وتقي ومستهتر، ولكنه أميل ما يكون إلي اليأس إلي حد السخرية من الحياة" وضح رامي في مقدمته، أنه ضاع الكثير من الرباعيات بسبب عدم تشجيع النساخ لآرائه الجريئة، وأن أقدم مخطوطة للرباعيات، ما كتبه أحد سكان شيراز سنة 856هـ أي بعد موت عمر الخيام بثلاثمائة وخمسين سنة، وقد زيد علي هذه المخطوطة رباعيات أخري، كلما بعد الزمن عن عهد ناظمه، حتي وصل عددها إلي ثمانمائة رباعية، وذلك يعني أنه خالط رباعيات الخيام رباعيات غيره، وقال رامي، إن أقدم نسخة خطية للرباعيات، هي الموجودة في مكتبة بودليان بأكسفورد، وكانت لا تحوي غير مائة وثمان وخمسين رباعية، وفي سنة 1858، عثر أحد المستشرقين عليها في أحد مخطوطات كمبردج، فنشر شيئاً عنها وعن حياة الخيام، في مجلة "كلكتا"، ثم كتب لصديقه الشاعر الإنجليزي فتزجيرالد عنها، وأرسل إليه النسخة، فأصدر الأخير أول ترجمة لها عام 1859 بالإنجليزية، ولم تكن تحوي إلا خمساً وسبعين رباعية، ولم تجد هذه الرباعيات قرّاءً، فهبط سعرها إلي بنس واحد، وفي سنة 1867، أخرج المسيو نيقولا ترجمة نثرية لها في كتابه هذا، فشجع ذلك فتزجيرالد، فأخرج طبعة ثانية عام 1868، أودعها مائة رباعية ورباعية، ثم بدأت تظهر قيمة هذه الرباعيات، حتي وصل ثمن النسخة من ترجمة فتزجيرالد في الطبعة الثالثة، إلي سبع شلنات ونصف، ووصل ثمن بعض أعداد الطبعة الأولي، إلي ستين جنيهاً إنجليزياً! أما ما كتب بعد نسخة بودليان، فهي رباعيات حائرة تبحث عن أصحابها، وليست للخيام، وقد قام أحد المستشرقين الروس بإخراج اثنتين وثمانين رباعية، مدسوسة علي الخيام، ونسبها لشعراء آخرين من الفرس، أشهرهم: عبد الله الأنصاري، والأنور العسجدي، والعطار، والفردوسي، وجلال الدين الرومي، وحافظ الشيرازي، وغيرهم، يري رامي أنه من الصعوبة بمكان، فصل الرباعيات الزائفة عن الأصلية، لأنها تتفق جميعاً في الأسلوب والصياغة والعروض، ومما يزيد الأمر صعوبة، أن كل رباعية قائمة بذاتها، فلا يجمعها تسلسل فكري أو تصوير، مع تكرار ما بها من معانٍ، ولكنه يري أن خير الطرق لتحديد الرباعيات الصادقة، هو تحكيم الذوق في اختيار الصادق من كل ما نسب إلي الخيام، وتفهم روحه في شعره، قياساً علي النزر القليل الذي تركه المؤرخون من ترجمة في حياته. دافع أحمد رامي عن الخيام بعد أن حار في فهمه كثيرون، فمنهم من أعده مستهتراً يهزأ بالأديان، ومنهم من أنزله منزلة الصالحين، يقول: "إن الخيام كان جبرياً، يعتقد أن الإنسان تسيره قوة خفية لا يملك دفعها، ولا تدع له فرصة الاختيار بين النافع والضار، وهو، بالرغم مما يظهر في رباعياته من الشك في أمر الحياة والموت، موحد، يؤمن بوجود إله خلق الكون وهيمن عليه، مؤد فريضة الحج، مواظب علي الصلاة، ولذلك، أدخل المتصوفة، وهم ألد أعدائه، بعض أشعاره في أورادهم.."، لقد تشبع رامي بروح الخيام، حتي أضحي خيامياً، فلطالما سار تحت أضواء شوارع باريس، مصطحباً للخيام، مترنماً معه برباعياته، يقول: "ثم دارت الأيام، ومازالت هذه الرباعيات ترنيم روحي، أرددها بالليل أو بالنهار.."، ثم أهداها لروح أخيه الذي توفي ودفن بحلفا: "وإني لأهديها من ذلك الثاوي بنيسابور بين ملتف الغياض ويانع الرياض، إلي ذلك الراقد بحلفا بين شاطيء النيل وباسقات النخيل"، فهل آن الأوان لضم الرباعيات الغائبة إلي الرباعيات الحاضرة، حتي تتكشف لنا أسرار تلك الأرواح الهائمة؟




بقلم : د.فاتن حسين

عمر الخيام ورباعيته المشهورة

الثلاثاء أيار 25, 2010 12:03 ص

الله يعطيكن العافية جميعا وشكرا عالموضوع الحلو وانشالله رح اققراه كاملا بس خلص فحص.
اللي بدي قولو انو من 3 اشهر قريت رباعيات الخيام بالانكليزي ترجمة المبدع FtZGerald  وهو بصراحة شهرو للخيام وعملو شعبية بأوربا...وبزمانو وانا صغير يعني من شي 10 سنين قريت الرباعيات بالعربي وعندي نسخة منها...هلق إذا في حدي بحب النسخة الانكليزية فعندي ياها اذا بتحبو بحملها أو بعطيكن رابط PDF  *sla

عمر الخيام ورباعيته المشهورة

الثلاثاء أيار 25, 2010 12:41 ص

خالد الهبل,  
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته *1
سعدتُ جداً بهذه الإضافات المميزة، فقد صار الموضوع أكثر غنىً وشمولاً، فهو بين شعرٍ وتوثيق له، وبهذا يصير هذا الموضوع مرجعاً كاملاً.
حفظت الصفحة وبدأتُ بقراءتها، فكل الشكر لك   *1


Adnan,   *1

عمر الخيام ورباعيته المشهورة

الجمعة أيار 28, 2010 9:07 م

هدى
تعودنا منك على المواضيع الرائعة .. و القوية 8)
و هذا الموضوع دليل على كلامي .. أشكرك من القلب على هذا الموضوع الشائق الممتع .. استمتعت بكل كلمة كتبت فيه ..  و بكل رد فيه  *1
الملاك
أشكرك كثيرا لإغنائك الموضوع و تزويدنا بخلفية هذه الرباعيات .. أغلبنا لم يكن يعرف هذه المعلومة  *1
Lina
استمتعت كثيرا باختياراتك .. و خصوصا:
عاشر من الناس كبار العقول  
وجانب الجهال أهل الفضول  
واشرب نقيع السم من عاقل
واسكب على الأرض دواء الجهول

*1
خالد الهبل
رائع جدا ما أضفت أخي خالد .. إغنائك للموضوع كان رائع  *1
Adnan,  
بكتاب المقارن بالسنة الرابعة بالتشابتر الخاصة بالترجمة كتب الكاتب كتير عن ترجمة فيتز جيرالد للرباعيات .. و صار عندي فضول اقرأ الرباعيات بالإنكليزي .. فإذا فيك تحطون كملف مرفق هون بالمنتدى بكونا ممنونينك  *1

هدى فعلا موضوع ممتع .. كتري من هدول المواضيع هدى اوكي؟ :wink:
*1

عمر الخيام ورباعيته المشهورة

السبت أيار 29, 2010 12:44 ص

Ala Al-Ibrahim,  
إي والله انا اجاني الفضول انو اققراهن بالانكليزي من بعد ما درست عنن بالمقارن...عكلن هادا رابط تحميل الكتاب
عذراً, يجب أن تسجل من هنا لترى الرابط إذا كنت عضواً, فقط قم بتسجيل الدخول
*sla

عمر الخيام ورباعيته المشهورة

السبت أيار 29, 2010 1:06 ص

Adnan,  
يسلم ايديك يا رب  *1

عمر الخيام ورباعيته المشهورة

السبت أيار 29, 2010 2:46 ص

Ala Al-Ibrahim,  
تعودنا منك على المواضيع الرائعة .. و القوية  8)

واعتدتُ أن يمرّ عليها من يمتلك الثقافة الرائعة والإضافة القوية، فبهم يسمو الموضوع  8)  *1
كتري من هدول المواضيع هدى اوكي؟

أوكي  *sla
أشكر مرورك الطيب *1


Adnan,  
أشكر إغناءك للموضوع من الناحية الإنجليزية  :wink:
وأقترح أن تضع الرابط نفسه في مكتبة العلوم العامة في موضوع رباعيات الخيام حتى يصير الموضوع أكثر تكاملاً بإضافتك *1
إضافة رد