هنا نرسم شخصياتنا ونلونها ونكتب لها أحداثاً ، نصيغ من الواقع مواقفَ وعِبـَر ، ليقول القلم ما لم تستطع قوله الحياة ...
الموضوع مغلق

باتَ يلطُم خدَّيه (قصة قصيرة في حلقات)

الأربعاء آب 03, 2011 6:32 م

كأنما عشتُ عمري في اليمن.

زرتُه حيثُ يعمل بعد أيامٍ من وصولي إلى صنعاء.

(بيت الرميم) قريةٌ على طريق (المخا)، تصل إليها عبر طريقٍ جبليٍّ غير معبد، بعد أن تغادر سيارة الأجرة قرابة مسيرة ثلاثة أرباع الساعة من صنعاء.

يومها توقفت بقربي شاحنةٌ صغيرة، قبيل الغروب أو كاد.

سألني صاحبها: إلى أين تسير؟

أجبت: بيت الرميم

قال: اصعد

صعدتُ في صندوق الشاحنة حيث شاركني جلستي هناك شخصٌ آخر يحيطُ خصرَهُ بحزامٍ علَّقَ عليه بعض القنابل اليدوية، وأوثق على كاهلِه بندقية كلاشنكوف.

كان كلُّ ركَّابِ السيارةِ منفوخي الحنك بمضغَةٍ (قات)
وعيونهم جاحظةٌ، ويدخنون (الروثمان)، أو ربما (الكمران).

انطلقت بنا السيارة دون أن ينبثَ أحدٌ ببنتِ شفة.
تأمّلتُ أكثر من مرَّةٍ ذلك الذي شاركني صندوق السيارة على سبيل أن يكون الموقف بحاجةٍ لأن أباشِرَهُ بالحديث.
لكنني لم أوفق إلى أن ألتقي ناظريه ولا مرة.

فجأةً .. توقفت السيارة، وقال لي أحدُهم: هيا حَدِّر ..هنا بيت الرميم.
نزلتُ متجهاً جهة السائق أنقِدُه الأجر

بادرني وهو ينطلق: ما شي ..

خمسةُ بيوتٍ أو أكثرُ قليلاً .. واحدٌ فقط، أنيرَ مدخلُهُ بمصباحٍ ضعيفٍ دفعني لطرق بابه.

أجابني من بالداخل بلهجتي السورية، فبادرتهُ أنا طاهر يا غسان .. افتح
..

باتَ يلطُم خدَّيه (قصة قصيرة في حلقات)

الأربعاء آب 03, 2011 8:51 م

وصفك لتفاصيل الحياة، يعطي للقصة أثراً جميلاً ..
ويجعل القارئ متخيلاً خلفية الأحداث.

متابعون

باتَ يلطُم خدَّيه (قصة قصيرة في حلقات)

الجمعة آب 05, 2011 2:49 ص

وصف ممتع
نتظر الباقي

باتَ يلطُم خدَّيه (قصة قصيرة في حلقات)

الجمعة آب 05, 2011 4:32 م



كان لقاءً جميلاً، خفف عن كلينا ما حاقَ بكِلَينا من ضغط الغربة.
قضيتُ في ضيافته يومين .. ثم عدتُ إلى صنعاء.
هناك .. التقيت أخا غسان صدفةً .. فصافحته مستغرباً قدومَه إلى اليمن، فأوضح لي أنه جاء للتدريس.
قلتُ له:
البارحة كنتُ في زيارة غسان!
قال:
بجد؟؟ .. معنى ذلك أنك تعرف الطريق إلى ضيعته!
أجبته:
بيسر .. بكل بساطة .. سأوصِلُكَ إليه إن أحببت.
في اليوم التالي انطلقنا سوياً إلى باب اليمن، حيث مرآب سيارات الأجرة إلى المخا.
وعند مفرق بيت الرميم غادرنا السيارة .. كان الوقت قبيل المغيب كما في أول وصولٍ لي إلى ذلك المكان.
لكن ..
لم يسعفنا الحظ بسيارةٍ تُقلُّنا إلى بيت الرميم هذه المرة.
قلتُ له:
ما رأيك أن نسير؟
فليس بأيدينا أحمالاً تعيقنا، والسيرُ يختصر علينا الانتظار ريثما تلحقُ بنا سيارة!
وبالكاد سرنا، وإذ بي تخطرُ لي فكرة!
قلتُ له: لو سرنا على خط النظر، بعيداً عن هذا الطريق الملتوي .. أؤكد لك أننا سنصل بسرعة.
أجابني: هل أنت متأكد؟ هل بالفعل تعرف الطريق؟
قلت: أكيد .. من يومين كنتُ هنا!
لم أتكلف جهداً لإقناعِه بالابتعاد عن الطريق، وما إن هبطنا حتى سمعنا منادياً يسألنا عن وجهتنا.
أجبته بثقة: بيت الرميم.
فلم يُعَقِّب
وكان ذلك مما وطَّد ثقتنا ..

باتَ يلطُم خدَّيه (قصة قصيرة في حلقات)

السبت آب 13, 2011 12:26 ص

هبط الظلامُ بعد بدء مسيرتنا بقليل.

كنتُ أسير قدَّامَهُ وهو يتَّبِعُ خطوي.
لم يكنْ في البداية يساورُهُ شكٌّ في سلامة ما يجري.

لكن .. !!

وبعد أن انقطع بنا السكون والعتمة إلى حيث لم نعد نتحسس الطريق!

وبعد أن خلا الأفق من أيةِ أضواءٍ حتى ولو شفق!
كنتُ أسير .. وأدعو الله أن يبقى خليل متماسكا.
لم نكن نتحدَّثُ بشيء، ولم نك نسمع أيَّ شيء سوى حثيث خطواتنا على التراب والصخور.
فجأةً ..

وإذ بسقطةٍ يسعى بها الصخور المتطبِّلُ برنينٍ واضح.
تبعها صوتُ تألمٍ وأنين ..

التفتُّ ورائي، فإذا بخليل قد تعثَّر بنتوء ..

ساعدتُه على النهوض وأنا أوجه إليه الملامة: سامحك الله .. ما الذي دهاك؟؟

كان عليك أن تكون أكثر حيطة! ..
نهض متماسكاً بعد أن طمأنتُه بأننا بتنا على مقربة ..
عدنا لحثِّ الخطا .. فقادتنا خطانا إلى جلبةٍ على يسار اللاطريق ..


كانت أصواتُ أناسٍ وضجيج محرِّك
اقتربنا منهم وقطعنا عليهم ضجيجَهم:
السلام عليكم ..

بذهولٍ ردوا التحية متسائلين:
ما تبغون؟!

قلنا: نسير إلى بيت الرميم، أ لسنا في الاتجاه الصحيح؟

قالوا: بلى .. تفضلوا نتعشى!

اعتذرنا شاكرين، وعاودنا مسيرنا

لم نبتعد كثيراً، حتى عاود السكون والظلامُ يحيطان بنا، كأننا في يمٍّ تناثرتْ فيه، على اتساعه، بضعة جُزر.

وفي خضم ذلك الهدوء المُطبق، وبينما لا يصلُ إلى آذاننا إلى وقع خطانا على الصخور ..

سمعتُ شيئاً عَنِتُّ في التقاط تفسيره أوّلَ وهلة ..

باتَ يلطُم خدَّيه (قصة قصيرة في حلقات)

السبت آب 13, 2011 12:44 ص

*good  *good  *good  *good نن *good ت *good ظر  *good المزيد شوقتنا يعطيك العافة حلوة القصة وتفاصيلا

باتَ يلطُم خدَّيه (قصة قصيرة في حلقات)

الأحد آب 14, 2011 2:37 ص

في كل فقرة أظن الضياع قريباً ..
سأتابع لأتحقق من هذه الفكرة.

باتَ يلطُم خدَّيه (قصة قصيرة في حلقات)

الخميس آب 25, 2011 5:16 م


[size=150]لطمٌ على خدين!

في تلك الحُلكة..
ما كنتُ سأدرِكُ أنهما خدّا خليلٍ لولا ما تلا اللَّطمَ من تألُّمٍ وحسرات

كان يقول:
ما أتعسني يا رب! ما الذي ساقني إلى هذا المصير؟؟

التفتُ إليه:
ما بك يا رجل؟؟ كنتُ أعتقد أنك أكثر شجاعةً!
أؤكدُ لك أننا قاب قوسين أو أدنى ..
ما لك؟ .. تماسك؟
لَمْ يُجبني بأيِّ تعليق
فقط ..
عاود اللطمَ والسير

بتُّ أتحاشى أن أحدِّثَهُ بأي شيء ..
لأنَ ما أبداه من فزعٍ قد بدأ يتسلل إلى نفسي .. لا أنكر
لكنِّ ..
لا شيء من حولنا يوحي بقرب الفرج
ظلامٌ وسكونٌ ووحشةٌ وصوتٌ وانتظامُ خطا ..
حتى النجوم .. بات وميضها يخبو

صرنا نترقَّبُ أيّ صوتٍ .. أيَّ وميض
لا شيء .. حتى الجنادب
أكمةٌ .. ثم منحدر .. ثم أكمةٌ .. ثم منعطف ..

ولا شيء
كان قد مضى على مسيرتنا أكثر من ساعتين
وأصعبُ ما يُطلبُ من امرئٍ أن يعطي ما لا يملك

استدرت إليه:
بجد .. لا تحمل همَّاً ..
لقد اقتربنا
أنا متأكد من سيرنا ..
إنني أستدلُّ بالنجوم يا خليل ..
انظر .. ذاك نجم القطب
نحن نسير شمالاً إذن .. وهو الطريق الصحيح.

كنتُ كمن يُصوِّتُ في بئرٍ ناضبة!
لم يكن ليجيب
!![/size]

باتَ يلطُم خدَّيه (قصة قصيرة في حلقات)

الأربعاء آب 31, 2011 1:00 م

الدكتور طاهر سماق,  
لا تنتظر ردنا ..
اكمل ونحن قارؤون  :wink:  *1

باتَ يلطُم خدَّيه (قصة قصيرة في حلقات)

الاثنين أيلول 19, 2011 12:36 م

ساورني شكٌ في نجمٍ أطلَّ قريباً من الأفق
كأنه ليس نجم!
كان ضوءُه يشتد حيناً ويخبو .. ويهبُني أملاً أنه ليس من نجوم السماء
فليس منها من يشتدُّ ضوءه كلما حثثت السير نحوه

لكنه نجم .. كباقي النجوم ..
بحجم نجم القطب .. لكنه أسفل قبة السماء

كنا .. كلما سرنا باتجاهه أكثر .. أشعر باليقين وقد حلَّ في بصيرتي مكان الظنون
حتى إذا رأيتُه وقد أحاط به قائمتين وعارضة، ومن خلفِهما حجارةٌ منضدَّة
إنه منزل .. يا إلهي .. ما أسعَدني تلك اللحظة
على الأقل نستجير بأنس من عتمة هذا الليل الحالك
لم أشأ أن أحَدّثَ خليلاً بشيء.
كان يسير ورائي مُطرقاً لا يأبه إلا لوقع خطواتي التي علَّقَ عليها كلَّ ما تبقى لديه من أمل.
وكنتُ لم أشأ أن أقطع عليه بقية ذاك الأمل.
اقتربنا من ذلك المنزل أكثر
كانوا بضعة بويتاتٍ لم يحظَّ إلاه بذلك المصباح الخافت
باغتني بابُه المألوف..

ناديت:
غسان!! .. أين أنت؟ ..
اخرج .. لقد جئتكَ بخليل ..
الموضوع مغلق