مشرفة أقسام اللغة العربية
|
|
اشترك في: 19 آب 2007
|
المواضيع: 275
|
المشاركات: 5187
|
القسم: عربي
|
السنة: متخرجة
|
لا يوجد لدي مواضيع بعد |
:: ::
|
ثلاثية صدرت للدكتور عبد العزيز حمودة في النقد من سلسلة ((عالم المعرفة)) وهي ثلاثية مهمة جداً للدارسين والمعنيين.
ودعونا نستعرض لمحة عن هذه الثلاثية .. في (المرايا المقعرة.. نحو نظرية نقدية عربية) تحدث المؤلف عن شرخ يعاني تناقضه المثقف العربي، وانفصام يتهدد تفكيره وسلوكه، وعلل المؤلف الشرخ والانفصام بغياب المشروع الثقافي العربي، وبإخفاق كل محاولة سابقة، توخى أصحابها منها رأب الصدع، لا لضعف الفكر العربي، بل لأن السياسة كانت تضع لمساتها الموجهة على المشروعات الثقافية المقترحة، فإذا هي خطط مقننة مدجنة، تخدم أغراض القادة والسياسيين، لا مناهج فكرية تعبر عن مرامي الرواد والمثقفين، وإذا هي في كل قطر ترسيخ للأوضاع السياسية والاقتصادية التي يحافظ عليها الساسة، لا تبشير بالتغيير الذي يدعو إليه الأدباء. المؤلف يدعو إلى موقف متعقل متمهل، يسبق الانسياق وراء المحاكاة، أو يهرب من أعباء المعاناة، إنه ينكر على العرب العزلة، ويرفض دفن الرؤوس في الرمال، ويدعوهم إلى رصد التحولات التي أسفر عنها النظام العالمي الجديد، ويدعو للتعامل الواعي مع الحقائق التي فرضتها العولمة.
أما الكتاب الثاني (المرايا المحدبة: من البنيوية إلى التفكيك) وهو يتناول الثقافة الغربية ويحلل نماذجها الحداثية، ويؤكد أنها لا تصلح لنا وأن استعارتها ونقلها إلى الثقافة العربية لا يعني سوى التبعية الثقافية للغرب، فالمدارس الأدبية والنظريات النقدية الغربية نشأت وتطورت في سياق تاريخي وثقافي مختلف تماماً عن السياق العربي، فضلا عن أن هذه النظريات أثبتت فشلها في الغرب الذي نشأت فيه.
وهذا الكتاب (الخروج من التيه.. دراسة في سلطة النص) يكشف عن تحول الثقافة الغربية إلى ثقافة مهيمنة، تضيق بالاختلاف، فتحاول إلغاءه. وإلغاء الاختلاف والتفرد يفرض قيام الثقافة المهيمنة، إما باحتواء الاختلاف عند الثقافات القومية وإما بكبته لخلق فراغ تشغله قيم تلك الثقافة في نهاية الأمر، ويشكو المؤلف من أن المثقفين العرب تحولوا إلى نخب يخاطب بعضها بعضاً.. وفي كلتا الحالتين تخلى هؤلاء المثقفون عن دورهم القيادي في تنوير الجماهير، وابتعدوا عن الشارع العربي تاركين الثقافة الشعبية تحت رحمة الثقافة المهيمنة تفعل بها ما تشاء، وتغرس قيمتها الجديدة لتعيد تشكيل الوعي العربي. لهذا كله كانت رحلة المؤلف داخل المشهد النقدي الغربي في القرن العشرين، ابتداءً بالشكلية والاتجاهات والمشاريع النقدية الغربية من سلطة النص الأدبي. يقول المؤلف إنه كان لا بد من دخول التيه النقدي حتى نعيش حالة الضياع الكامل داخله، داخل المدارس النقدية المتداخلة والمتعارضة والمتشابكة التي امتلأ بها القرن الماضي، والتي اخترنا في العالم العربي النقل عنها والأخذ منها، مرتمين بذلك في أحضان تيه لم يكن من صنعنا.
|
|