(( .. تابع في بابا المشورة والنصيحة ))
وقال أردشير بن بابك: أربعة تحتاج إلى أربعة. الحسب إلى الأدب، والسرور إلى الأمن، والقرابة إلى المودة، والعقل إلى التجربة.
وقال: لا تستحقر الرأي الجزيل من الرجل الحقير، فإن الدرة لا يستهان بها لهوان غائصها.
وقال جعفر بن محمد: لا تكونن أول مشير، وإياك الرأي الخطير، وتجنب ارتجال الكلام، ولا تشيرن على مستبد برأيه، ولا على متلون، ولا على لحوح.
وقيل: ينبغي أن يكون المستشار صحيح العلم، مهذب الرأي، فليس كل عالم يعرف الرأي الصائب، وكم ناقد في شيء ضعيف في غيره.
قال أبو الأسود الدؤلي:
وما كل في نصح بمؤتيك نصحه وما كل مؤت نصحه بلبيب
ولكن إذا ما استجمعا عند واحد فحق له من طاعة بنصيب
وكان اليونان والفرس لا يجمعون وزراءهم على أمر يستشيرونهم فيه وإنما يستشيرون الواحد منهم من غير أن يعلم الآخر به لمعان شتى منها لئلا يقع بين المستشارين منافسة، فتذهب إصابة الرأي، لأن من طباع المشتركين في الأمر التنافس والطعن من بعضهم في بعض، وربما سبق أحدهم بالرأي الصواب فحسموه وعارضوه ..
وفي اجتماعهم أيضاً للمشورة تعريض السر للإذاعة، فإذا كان كذلك وأذيع السر لم يقدر الملك على مقابلة من أذاعه للإبهام، فإن عاقب الكل عاقبهم بذنب واحد، وإن عفا عنهم ألحق الجاني بمن لا ذنب له.
وقيل: إذا أشار عليك صاحبك برأي ولم تحمد عاقبته فلا تجعلن ذلك عليه لوماً وعتاباً بأن تقول: أنت فعلت، وأنت أمرتني، ولولا أنت، فهذا كله ضجر ولوم وخفة.
وقال أفلاطون: إذا استشارك عدوك، فجرد له النصيحة لأنه بالاستشارة قد خرج عن عداوتك إلى موالاتك.
قال الشاعر يمدح من له رأي وبصيرة:
بصير بأعقاب الأمور كأنما يخاطبه من كل أمر عواقبه
وقال ابن المعتز المشورة راحة لك، وتعب على غيرك.
وقال الأحنف: لا تشاور الجائع حتى يشبع، ولا العطشان حتى يروى، ولا الأسير حتى يطلق، ولا المقل حتى يجد.
يتبع بإذن الله ......