آرتين لتعليم اللغات
http://forum.art-en.com/

قصة معاذة العنبرية الجاحظ
http://forum.art-en.com/viewtopic.php?f=49&t=11293
صفحة 1 من 1

الكاتب:  أ. عبد الرزّاق [ الاثنين أيلول 01, 2008 8:15 م ]
عنوان المشاركة:  قصة معاذة العنبرية الجاحظ

الـــــجـــــاحـــــظ
أديب العربية بلا منازع ، وسيد الكلمة غرف من بحر علم الأوائل ،
واطلع على الكثير ، وحفظ حفظا هائلا حتى لكأنه خزانة علم ومعرفة .
كان ذكي الفؤاد لماحا ، خفيف الروح، حلو الدعابة ، حاضر البديهة سريع الخاطر.
قلمه كأنه ريشة فنان مبدع ، يرسم الأشخاص بدقة متناهية ، في وجوههم وأشكالهم وتحركاتهم وانفعالاتهم ودخائل نفوسهم فلا يستعصي عليه احد...
ولقد اتخذ من نقيصة البخل عند بعض الناس مادة سخرية وتندر فجلى وأبدع...
بينما أنت تقرأ قصة بخل على لسان "الجاحظ" وقلمه تحس أن كل كلمة أو عبارة تقطر نقدا لاذعا مريرا . ثم تنعكس على صفحة قلبك ونفسك ضحكة ما تلبث أن تظهر على فمك ابتسامة..،أو قهقهة يضج بها صدرك...
كانت مدينة "مرو" بالنسبة له مسرح دراسة وميدان اختبار فركز على أهلها مجهره وريشته وقلمه ، فأثرى المكتبة العربية بتراث من الأدب الرفيع .


مــــــعاذة العنبرية
قال المحدث:
- كنت قد وعدتكم ليلة أمس بطرفة أرويها لكم، بعد أن سمعنا قصة ((مريم الصناع ))...،
وقد شاركنا في جنازتها ،ومشينا بها إلى مثواها الأخير ، وعزينا زوجها بفقدها...
فعلق احد الحاضرين بقولة:
- إن وفاة ((مريم))-ولا شك- خسارة كبرى لزوجها ، رحمها الله من زوجة صالحة .
فقالوا جميعا:
-آمين،ثم أضافوا ، وبلسان واحد، قائلين:
- هات ما عندك أيها الأخ الكريم؛
الشيخ ((قاسم))
كان الشيخ قاسم رأسا في التدبير والحرص، يقصده أصحابه وأحبابه للاستمتاع بحديثة،والاستفادة من تجاربه وخبراته، ولهذا أصبح منزلة يمتلئ بالناس.


حكايته
كان في يوم جالسا مع زواره يتسامرون ويتندرون ،
ويروون الحكايات المختلفة، فلما جاء دوره في الكلام قال:
- إن كل ما رويتم من فنون وحيل ، عندكم وعند غيركم ، في التدبير، والتقتير...لا يوازي شيئا أمام فطنة وذكاء ((معاذة العنبرية))، وحسن تصرفها ...
فوفقت آذان جميع الحاضرين مصغية واشرأبت أعناقهم، وطالت رقابهم ، وقالوا باهتمام كبير:
- وما قصة معاذة يا شيخنا العزيز؟؟
فأصلح من جلسته ، ثم قال :
- إنها جارتي في السكن ..،ولم أكتشف علو فهمها وعظمة حرصها إلا منذ أمد قريب ...
ولقد وجدت نفسي بالنسبة إليها تلميذا بسيطا ، يحتاج إلى كثير من الدروس والاجتهاد في التحصيل!!!
فقال احد الحاضرين:
-لقد شوقتنا يا شيخ قاسم إلى سماع حديث معاذة هذه...
قال الشيخ قاسم :
- لقد أهدى إليها أحد أقربائها ذات يوم شاة لتذبحها في عيد الأضحى...
وصادف أن دخلت عليها مع أهلي زائرين،فوجدناها
حزينة كئيبة ، قد خيم الأسى على وجهها، فسألتها ع ن ذلك لعلي أفرج عنها ما بها...
فقالت:
- أنت تعرف أيها الجار العزيز أنني أرملة مسكينة فقدت زوجي وعائلي منذ سنين وليس عندي ولد أنا قاصرة التصرف رغم حرصي على أن لا يضيع
جزء من أجزاء هذه الشاة....
والله سبحانه وتعالى لم يخلق فيها،ولا في غيرها من المخلوقات شيئا أو طرفا لا منفعة فيه....
لكن الإنسان عاجز دائما عن إدراك كل الأمور
وليس من شك في أن تضييع القليل يؤدي حتما إلى تضييع الكثير...
فهذا يا جاري العزيز موضع همي وحزني ...
واهتمامي...
فقلت لها :
- إن ما تقولينه حق يا معاذة و أنا اعلم علم اليقين رجاحة عقلك وحسن تدبيرك...، فما الذي
يحيرك ويقلقك إلى هذا الحد ؟؟
فقالت:
- أمر واحد فقط وبسببه أنا مهمومة وحزينة.
قلت:
- وما هو يا معاذة؟
فقالت:
- قبل أن اذكر هذا السبب أريد أن أشرح لك
وجوه الانتفاع بكل جزء من أجزاء الشاة ...،
فإن رأيتني قصرت أو أهملت نبهني...،
ثم أتوقف عند الجزء الذي يهمني لعلك بعلمك
وخبرتك تساعدني على إيجاد الحل ، وتزيل عن
قلبي الأسى وعن وجهي غمامة الحزن...

فقلت:
- حسنا ... تحدثي وأنا اسمع وكلي آذان ، صاغية.
قالت ((معاذة)) :
- أما القرنين فإنني سأجعل منهما مسمارين في احد أعمدة البيت، والق عليهما السلال، وبعض أكياس المؤونة التي أخاف عليها من الحشرات.

وأما المصران (الأمعاء) فسأتخذ منها حبالا وأوتاراً للمندفة التي أندف بها الصوف والقطن.

وكذلك العظم الذي فوق الدماغ ، والفكان اللذان يحملان الأسنان ،وجميع العظام ... فالانتفاع بها معلوم مفهوم...

إذ بعد تنظيفه... يطبخ ويغلى على النار، وما يظهر على وجه الإناء من السمن والدهن، أجمعه وأستعمله للإضاءة!!!، أو مرقا أغمس به الخبز وآكله.
قلت:
- وبعد هذا ترمين العظم ...
فأجابتني صارخة فزعة مذعورة ؛ قائلة صارخة :
- أعوذ بالله ...
هذا إسراف وتبذير، بل أجعل منه وقودا للإنارة والتدفئة ...، إذ ضوءها صاف... وحرارتها شديدة ...!
كما سأتخذ من جلد الشاة كيسا ...
اما صوفها فإن وجوه الاستفادة والانتفاع منه كثيرة لا تحصى ولا تعد ...

أما أوساخ الكرش فإنها إذا جففت أصبحت حطبا ووقودا شديد الحرارة ، يطرد البعوض والهوام ...

وعندئذٍ قلت لـ((معاذة)):
- لقد وصلت بنا يا معاذة إلى آخر المطاف في ذكر أجزاء الشاة ،حتى أوساخها ما نسيتيها ... ، فأي شيءٍ هو الذي يحزنك و يهمك!!؟؟
فقالت ((معاذة)):
- الحقيقة يا شيخ ((قاسم)) انك رجل مضياع ...
متلاف...، قليل التجربة ... لا تعرف التدبير ...، فهل نسيت الدم؟؟
فقلت في اضطراب وخوف:
- الدم!!؟؟
فقالت:
- نعم... الدم ...، وهو الذي بقي لدينا ، وعلينا الانتفاع به...
ولقد علمت بأن الله تعالى لم يحرم الدم المسفوح إلا أكله وشربه...!
ولاشك أن هناك أموراً مباحة يجوز استعماله فيها ، ومازلت أفكر في هذه الأمور ...، ولم أصل إلى نتيجة وقرار، لذا تراني - أيها الجار العزيز - في همٍ وحزن وأسى ...

وأضاف الشيخ قاسم يقول لإخوانه :
ولقد عجبت – يا إخواني – من تفكير هذه المرأة اشد العجب، فعقدت الدهشة لساني...، وبقيت ساكنا لا أتكلم بكلمة...

ثم رأيتها فجأة...، وقد تغير وجهها من الحزن والهم إلى البشر والسرور، وظهر الفرح في عينيها ؛ فقلت:
- لابد وانك يا معاذة قد وصلت إلى الحل المنشود!!! فقالت بلهفة:
- نعم...، لقد تذكرت أن عندي قدورا شامة جديدة، فإذا ما دبغت بالدم الحار الطازج اشتدت وقويت ...
وقد استرحت الآن... وزالت عني همومي .

وحين وصل الشيخ قاسم في حديثة إلى هذا الحد من قصة ((معاذة العنبرية))، اخذ كل الحاضرين يعلق بدهشة وعجب...

فقال لهم الشيخ قاسم:
- مهلا يا أخوة... فإن في حكاية هذه المرأة ما هو أغرب وأعجب...
فقالوا جميعا:
- وهل بعدما سمعنا الأمر من غريب الأمر ما هو أكثر عجبا وغرابة..!!
ما ذلك الأمر يا شيخنا!؟؟
فقال الشيخ قاسم:
- لقد زرت معاذة بعد ستة أشهر من زيارتي السابقة، التي حدثتكم عنها،
فقلت لها:
- كيف كان لحم الشاة المجفف يا معاذة؟ هل بقي على جودته وطعمه ، أم أصابه الفساد فهلك...؟؟
فقالت متعجبة:
- وهل حان وقت اللحم المجفف يا شيخ قاسم؟؟
إن لي الشحم... وبعض الجوانب... وفتات لحم العظم مجال طويل في الأكل...!!!!

عندئذٍ قام احد الحاضرين وقال:
- لم نعلم حتى الساعة بأننا من المسرفين المبذرين حتى سمعنا بحكاية ((معاذة العنبرية))..!

الكاتب:  عاشقة العربية [ الاثنين أيلول 01, 2008 9:55 م ]
عنوان المشاركة:  قصة معاذة العنبرية الجاحظ

يا إلهي .. ما أشد بخلها  :roll:
والله لقد سبقت أهل مرو في فعلتها هذه .. أبعد الله عنا البخل  :wink:

لدي سؤال إن سمحت .. ماذا تعني كلمة شامة هنا ؟
اقتباس:
قدورا شامة جديدة


أ. عبد الرزّاق,  
أمتعتني .. زادك الله علما  *1

الكاتب:  أ. عبد الرزّاق [ الثلاثاء أيلول 02, 2008 12:33 ص ]
عنوان المشاركة:  قصة معاذة العنبرية الجاحظ

اقتباس:
ماذا تعني كلمة شامة هنا

 هدى,  يبدو لي أنّها قدور سوداء اللون كلون الشامة والله أعلم .... أشكرك عى المرور الكريم ... جزاك الله الخير  *1

الكاتب:  الملاك [ الثلاثاء أيلول 02, 2008 2:47 ص ]
عنوان المشاركة:  قصة معاذة العنبرية الجاحظ

اقتباس:
عندئذٍ قام احد الحاضرين وقال:
- لم نعلم حتى الساعة بأننا من المسرفين المبذرين حتى سمعنا بحكاية ((معاذة العنبرية))..!

خطي شك بحالو الزلمة :mrgreen:

كيف ما تجي وتشوف نحنا كيف منتصرف بالضحية :mrgreen:  :mrgreen:
هادا مضر وهادا هرمون وهادا كوليسترول وهادا بقرف وهادا ....
ههههههههههههههههههه بس ترى ذكية
يعني قعدت فكرت وفكرت للقت حل للدم
وبظن شرحك أخي عبد الرزاق للشامة معقول وبسهل فهم النص...بس الغريب انو قالت عنن جدد
طيب ليه بدا تلمع شي جديد :?:  :!:

أ. عبد الرزّاق,  
يبارك فيك ويخليك *1

الكاتب:  أ. عبد الرزّاق [ الثلاثاء أيلول 02, 2008 8:08 م ]
عنوان المشاركة:  قصة معاذة العنبرية الجاحظ

الملاك,  بارك الله بك أختي سعيد بمرورك الطيّب  *ورود  *1  
اقتباس:
بس الغريب انو قالت عنن جدد
طيب ليه بدا تلمع شي جديد

أظنّ أنها ما قصدتْ تلميع القدور بل قصدت بدهنها بالدم ترك طبقة من الدماء على القدور من الخارج لتكون فاصلاً بين القدر وبين النار وأذكر أنّي شاهدت العجائز يطلين القدور السوداء بمادة لا أدري ما كنهها قبل أن يطيهين الطعام فيها على نار الحطب وأظن أنّهن كنّ يقمنَ بذلك لحمايتها من وهج النار فلا تتلف بسهولة و لكي يسهل تنظيفها بعد الانتهاء من الطبخ ... كان هذا منذ زمن ولّى ... سقى الله تلك الأيام فوربي إنّها أجمل من أيامنا هذه ... *ممم  :wink:  *1

صفحة 1 من 1 جميع الأوقات تستخدم GMT + ساعتين [ DST ]
Powered by phpBB® Forum Software © phpBB Group
http://www.phpbb.com/