أنقل إليكم أعزائي هذا الموضوع المهم راجية لكم الاستفادة
هذه سياحة لغوية في بعض تفاسير الشيخ صالح المغامسي حفظه الله لآيات من كتاب الله سبحانه :
"لولا" و "لو ما"
(لو) إذا اتبعت بالنفي أصبحت (لولا) أو (لو ما) :
- إذا جاء بعدها الفعل المضارع فإنه يقصد بها الحث أو الحض على الشيء
كقوله تعالى :
{وَقَالُواْ يَا أَيُّهَا الَّذِي نُزِّلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ إِنَّكَ لَمَجْنُونٌ *لَّوْ مَا تَأْتِينَا بِالْمَلائِكَةِ إِن كُنتَ مِنَ الصَّادِقِينَ} الحجر6-7وقوله جل وعلا :
{وَقَالُواْ لَوْلا أُنزِلَ عَلَيْهِ مَلَكٌ وَلَوْ أَنزَلْنَا مَلَكًا لَّقُضِيَ الأَمْرُ ثُمَّ لاَ يُنظَرُونَ} الأنعام 8- وإذا جاء بعدها الفعل الماضي غالبا فإنما يراد بها التوبيخ كقول الله تبارك وتعالى :
{فَلَوْلا نَصَرَهُمُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِن دُونِ اللَّهِ قُرْبَانًا آلِهَةً بَلْ ضَلُّوا عَنْهُمْ وَذَلِكَ إِفْكُهُمْ وَمَا كَانُوا يَفْتَرُونَ} الأحقاف 28وقول الله جل وعلا :
{لَوْلا جَاؤُوا عَلَيْهِ بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاء فَإِذْ لَمْ يَأْتُوا بِالشُّهَدَاء فَأُولَئِكَ عِندَ اللَّهِ هُمُ الْكَاذِبُونَ} النور 13فهذا كله باب توبيخ .
كلمة (زوج) في اللغة
قال الله جل وعلا في سورة الأنعام :
{ثَمَانِيَةَ أَزْوَاجٍ مِّنَ الضَّأْنِ اثْنَيْنِ وَمِنَ الْمَعْزِ اثْنَيْنِ قُلْ آلذَّكَرَيْنِ حَرَّمَ أَمِ الأُنثَيَيْنِ أَمَّا اشْتَمَلَتْ عَلَيْهِ أَرْحَامُ الأُنثَيَيْنِ نَبِّؤُونِي بِعِلْمٍ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ *وَمِنَ الإِبِلِ اثْنَيْنِ وَمِنَ الْبَقَرِ اثْنَيْنِ قُلْ آلذَّكَرَيْنِ حَرَّمَ أَمِ الأُنثَيَيْنِ أَمَّا اشْتَمَلَتْ عَلَيْهِ أَرْحَامُ الأُنثَيَيْنِ أَمْ كُنتُمْ شُهَدَاء إِذْ وَصَّاكُمُ اللَّهُ بِهَذَا فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا لِيُضِلَّ النَّاسَ بِغَيْرِ عِلْمٍ إِنَّ اللَّهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ} 143-144كلمة
(زوج) في اللغة تطلق على الفرد الذي هو متعلق بغيره ولا يقصد بالزوج التثنية ..
فيقول الله جل وعلا :
{ثَمَانِيَةَ أَزْوَاج} ليس المقصود منه أن العدد ستة عشر ، و الإشكال يأتي عند فهم هذه الآية أن الناس عندما يقرأون أو يُتلى عليهم صدرها
{ثَمَانِيَةَ أَزْوَاج} ينتظرون بعد ذلك أن يكون العدد ستة عشر فالله جل وعلا يقول :
{وَأَنَّهُ خَلَقَ الزَّوْجَيْنِ}فيفهم الناس أنها أربعة لكن قال جل وعلا بعدها :
{وَأَنَّهُ خَلَقَ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالأُنثَى} النجم 45فالذكر لوحده لارتباطه بالأنثى يقال له زوج .. والأنثى لوحدها لارتباطها بالذكر يقال لها زوج .. فتحصل من هذا زوجين مع أن العدد كله اثنان ..
فالإبل يقال للجمل زوج لأنه لابد له من ناقة .. والناقة يقال لها زوج لأنها لابد لها من جمل .. هذا مهم في العبور إلى فهم الآية .
فائدة لغوية
قال الله تعالى:
{أَفَغَيْرَ دِينِ اللَّهِ يَبْغُونَ وَلَهُ أَسْلَمَ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ طَوْعًا وَكَرْهًا وَإِلَيْهِ يُرْجَعُونَ} آل عمران 83و
{طَوْعًا وَكَرْهًا} من الأضداد ويسميه البلاغيون طباق إذا جاءت الكلمتان متضادتان و يسميه البلاغيون طباقا مثل : (الليل والنهار) و (طوعا وكرها) ..
(طوعا) معروفه وكذلك (كرها) .. ولكننا نفرق ما بين
(كَرها) بفتح الكاف و
(كُرها) بضم الكاف وهذه من اللغويات
نقول أن (الكَره) بالفتح هي: المشقة الخارجة عنك التي لا تريدها الأمر الذي تجبر عليه وأنت لا تريده هذا يعبر عنه بالكَره.
وأما (الكُره) بضم الكاف فهي: المشقة التي تريدها رغم أن فيها مشقة المشقة التي تطلبها أنت لأن فيها منفعة رغم مشقتها.
وبالأمثال يتضح الحال :
(الكَره) مثل قول الله تبارك وتعالى في هذه الآية :
{وَلَهُ أَسْلَمَ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ طَوْعًا وَكَرْهًا} آل عمران 83وقول الله تبارك وتعالى :
{آمَنُواْ لاَ يَحِلُّ لَكُمْ أَن تَرِثُواْ النِّسَاء كَرْهًا} النساء 19أي وهن غير راضيات.
أما
(الكُره) بضم الكاف : فإن الله كتب الحمل على بنات حواء وقال سبحانه وتعالى :
{حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهًا وَوَضَعَتْهُ كُرْهًا} الأحقاف 15فالمشقة التي تأتي للمرأة مشقة الحمل مشقة مرغوبة طبعا فما من امرأة إلا وهي تريد أن تلد وتحمل فهذه مشقة مرغوبة لذلك عبر الله عنها بالكُره .. أما عند ما تكون غير مرغوبة تسمى
(كَره) بفتح الكاف.
قال الله جل وعلا عن الجهاد في سبيله :
{كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَّكُمْ } البقرة 216(كُره) بضم الكاف والجهاد فيه مشقة لأنه فيه ذهاب أرواح وذهاب أبدان .. وذهاب أموال ويرى الناس فيه من العناء والمشقة الشيء العظيم
لكن ما فيه من أجر ما يتعلق به من ثواب ما ينال المسلم فيه من قربات عند الله هذا يجعله محبوبا إلى النفوس ، لذلك عبر الله جل وعلا بضم الكاف.