زملائي وزميلاتي الأعزاء ..
أضع بين أيديكم مقال كتبته صديقتي يتناول وصفاً لحالنا- نحن طلاب التعليم المفتوح- فلعلّ صداها يصل لأصحاب القرار ونُنْصَف يوماً من الأيام إسوة بزملائنا بباقي الجامعات .. و كلنا أمل أنه يوجد من يسمعنا ويشد على أيدينا
أود أن أُشير أن المقال نُشِر في جريدة الوطن في الثامن عشر من الشهر الجاري
مأساة التعليم المفتوح
في ما يلي ملخصٌ لكوميديا سوداء بطلها أبٌ ذهب بعيداً في نسيانه لعددٍ كبيرٍ من أبنائه. ولم يكتف بذلك, بل جلس يتأملهم وهم يغرقون أمام ناظريه ويتمرغون في وحل الحياة العملية دون أن يُحرِّك ساكناً. مأساة تلعب وزارة التعليم العالي فيها دور الأب أما الأبناء فهم آلافٌ مؤلفةٌ من الشباب الذين تطاول أحلامهم نجوم السماء مفعمين بالأمل, كلهم أمل في مستقبل أفضل وحياة قليلة المنغصات. مشكورةٌ وزارة التعليم العالي لافتتاحها برامج التعليم المفتوح. فهي بذلك لبّت حاجةً ملحةً لدى شرائح واسعةٍ من المجتمع لم يتسنَّ لها فرصة الدراسة الجامعية. وكان أن وفرت لهذه البرامج كوادر تعليمية من الجامعات السورية الذين أعدّوا أو ألفوا المناهج لهذه البرامج، كما قامت أيضاً بتوفير القاعات الدراسية في مباني الجامعات الحكومية نفسها. وافتتحت اختصاصات لا تتوافر إلا في التعليم المفتوح مثل اختصاصي الترجمة والتسويق الالكتروني. إذاً, لا يختلف التعليم المفتوح عن التعليم "غير المفتوح" إلا في كونه يُدرَّس على يومين فقط في الاسبوع ويمكن التسجيل فيه بموجب الشهادة الثانوية دون النظر إلى تاريخ الحصول عليها وهذان الأمران لا يجعلان من التعليم المفتوح تعليماً غير شرعيٍ وغير ذي جدوى ولا يستأهلان المعاناة التي يكابدها متخرجو التعليم المفتوح, فلا يُسمح لهم بالتقدم لإعلان البعثات العلمية ولا إلى إعلان المعيدين وكثير من وزارات الدولة لا تعترف بهذه الشهادات ولا تعدل وضع حامليها الوظيفي وإذا رغب أحدهم أن يتابع الدراسات العليا فهو يُميِّز عن غيره في الرسوم. مثال على ذلك, يتعين على طالب الماجستير أن يدفع رسما يصل إلى 25 ضعفاً مقارنةً مع مايدفعه الطالب العادي وتصل في حالة طالب المرحلة الأولى إلى 60 مرة. هناك حلان: الاعتراف بهم وقبولهم في المسابقات والوظائف شأنهم شأن متخرجي التعليم "غير المفتوح" أو يُصار إلى إعلانات ومسابقات ووظائف خاصة بهم. لماذا لا يكون هناك على سبيل المثال إعلان معيدين أو بعثات فقط لخريجي التعليم المفتوح لكي يُدرسوا بدورهم في هذه البرامج.
هل أصبح المنطق سلعة نادرة؟ فهؤلاء تخرجوا من جامعات سورية وصرفوا ذات الجهد و الوقت الذين صرفهما الطلاب الآخرين لا بل ربما تفوق بعضهم على الطلاب الآخرين مع أن أغلبهم موظفون أو يعملون في القطاع الخاص أثناء دراستهم. ومنهم من بلغ من العمر عتيا ومع ذلك طموحهم وحماستهم أبت عليهم إلاّ أن يُكملوا تعليمهم. فهل نعاقبهم أم نكافئهم على ذلك؟ إنها خطيئةٌ بحق الروح, بحق أنفسنا لأنهم منا ونحن منهم, فالمجتمع السوي يرغب أن يرى جميع أفراده فاعلين منتجين غير مغبونين, كلٌّ بحجم اجتهاده وكده. ورغم كل هذا, يفتخر متخرجو التعليم المفتوح بالدرجات العلمية التي نالوها وكل أملهم ألاّ تبقى حبراً على ورقٍ.
بقلم: رشا الشبلي