الكوميديا الإلهية ( لدانتي )
مصدره الأساسي إسلامي كيف ؟
من أين استوحى وصف النسر الملائكي ؟
لماذا الإسراء والمعراج ؟
من الملاحم الدنية ذات الطابع الرمزي الديني ، ملحمة ( الكوميديا الإلهية ) للشاعر الإيطالي ( دانتي ) ، وهي تخالف ملحمتي هوميروس ( الإلياذة و الأوديسّة ) مخالفة تكاد تكون تامّة في موضوعها ، فهي دينية الطابع ، وموضوعها الرحلة إلى العالم الآخر ، يصف دانتي فيها ما لا يُراى ، ولكنّ دانتي يقرّب لك العالم من عالمنا في الشخصيات التي تسكنه وفي وصف أخلاقها ، إذ يرى في لك العالم معاصريه وسابقيه من الناس ، وبخاصّة من مواطنيه الذين يعرفهم ، في فضائلهم و رذائلهم .
وعلى الرغم من اقتفاء دانتي أثر شاعر اللاتنيين ( فرجيل ) في ملحمة ( الإلياذة ) ، في جنس الملحمة بعامة ، وبخاصة الملحمة بعامّة ، وبخاصّة في نوع وصف الرحلة إلى دار الآخرة ، ثمّ في اتّخاذ فرجيل هادياً له في رحلته في ملحمته : الكوميديا الإلهية ، وعلى الرغم من أصالة دانتي في الصور الفنية الرائعة وفي وصف عالم العصور الوسطى الذي عاش فيه فقد تأثر دانتي في الكوميديا الألهية بمصادر إسلامية .....؟
و بحسب المستشرقين تأثّر دانتي تأثراً مباشراً بحكاية الإسراء والمعراج التي نمت بين المسلمين وزيد فيها كثيراً بناءً على أحاديث موضوعة شرحت الآية الكريمة التي تصف إسراء الرسول من المسجد الحرام بمكة إلى بيت المقدس : (( سُبْحَانَ الّـذِي أَسْرَى بِعبْدِهِ لَيْلاً مِنْ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّـذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرَيَهُ مِنْ آياتِنَا إنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ ))
وبحسب المشتشرقين فقد أفاد دانتي من مصادر إسلامية صوفية ومن أهمها ( الفتوحات المكّية ) لمحي الدين ابن عربي ، وقد أثار كتاب ( بالاثيوس ) عاصفة من الخلاف بين المتخصصين في أدب دانتي ، وكان من المتحمسّين لهذا الاتجاه الجديد في فرنسا ( أندرية بلسور ) و ( لويس جيله ) , وكما تحمّس البعض فقد تحفّظ البعض الآخر على هذا الكتاب ، ورفضوا قبول هذا التأثير ، ومن هؤلاء المستشرق الإيطالي ( جبريللي ) ، والذي أبدى في كُتيّب له اعتراضين ردّهما بعده كثير من الباحثين ، أولهما أن التشابه بين ملحمة دانتي و قصّة الإسراء والمعراج والمصادر الإسلامية الآخرى هو تشابه سطحي والثاني لم يكن يعرف العربية حتى يطّلع على ذلك كله .
ولكن قضي على كلّ معارضيه لذلك التأثير ، وزالت كلّ شبهة أمام الباحثين ، بفضل عالمين مستشرقين ، أحدهما إيطالي وهو ( تشيرولي ) في بحثه الطويل الذي عنوانه ( كتاب المعراج ومسألة المصدر الإسلامي الإسباني للكوميديا الألهية ) ، والمستشرق الثّاني إسباني هو ( مونيوس سندينو ) ، في كتابه الذي عنوانه ( معراج محمد ) . وقد قام هذان العالمان ببحثهما كاّ على حدة ، ونشرا كتابيهما في وقت واحد تقريباً ، واتّفقت نتائج بحثيهما على الرغم من أنّ أحدهما لم يتّصل بالآخر .
وقد اكتشفا أن مصدر دانتي هو مخطوطة أصلها إسلامي وموضوعها معراج الرسول ( ص ) ، وقد ترجمت هذه المخطوطة إلى الإسبانية ( في لهجة قشتالة ) ثمّ إلى الفرنسية و اللاتنية ، بأمر من الملك ألفونسو العاشر ، الذي كان ملك قشتالة ، وكان بلاطه مقصد كثير من عظماء أوربا و مفكريها
ومن الثابت أن دانتي كان كثير الاطلاع على ما يُتاح لَه من جميع الثقافات ، ومن غير الممكن ألّا يطّلع مُتَبَحِّرٌ مثله على ما تُرجم في أوربا من حضارة الإسلام في في العصور الوسطى وقد كانت هي الحضارة المعاصرة وذات التفوّق والسيطرة على العقول ، وفي الكوميديا الإلهية نفسها ما يُثبت اطّلاع دانتي على الثقافة الإسلامية رغم عداوته اللدودة للإسلام ؟؟؟؟ فقد جعل دانتي في ملحمته الرسول (ص ) في الدرك الأسفل من الجحيم !@! ،
فقد أنزل ابن سينا وابن رشد مع الحكماء الذين ساعدوا على تقدم الفكر الإنسانيّ ، ولكنهم حُرِموا نعمة العقيدة الصحيحة في رأيه ، وهما من أجل ذلك في أولى مراتب الجحيم حيث لا عذاب ولا دموع ، ولكن زفرات حسرات ، والحقُّ أنه وبحسب بحوث المستشرقين السابقين وبحسب مخطوطتي الإسراء والمعراج المترجمتين اللتين أثبت المستشرقين وجودهما ، فإن تأثر دانتي بالأدب الإسلامي يتجلّى بشكل كبير لا يمكن تفسيره بالصدفة أو توارد الخواطر ، ونضرب هنا أمثلة عامّة على هذا التشابه :
يصف دانتي الجحيم بأنه في أرض متوالية تحت هذه الأرض ، مملوءة ناراً ، وفي الدرك الأسفل منهما الشيطان ، وهذا مطابق لما ورد في المخطوطتين سابقتي الذكر .
إنّ مهمة من يصحبون الرسول ( ص ) في رحلته من الملائكة , وهم في المخطوطتين : جبريل و رفائيل و رضوان ، أنهم يشرحون للرسول ما يرى , وهي نفس مهمة من يصحبون دانتي في ملحمته السابقة , وهم فرجيل وماتيلد و بياتريشيا , ثمّ القديس برناردو .
وأهم من ذلك وصف دانتي للنسر الملائكي ذي الأرواح الكثيرة و الأجنحة والوجوه المتعدّدة , يشعُّ نوراً باهراً , و يغنّي في نغم حلو , داعياً الخلائق إلى عيش الاستقامة , يضرب بجناحيه كلّما عنّى حتّى إذا انتهى من عنائه سكن , وهذا الوصف أوحى به إلى دانتي وصف الديك العملاق في المعراج , وهو ذو أجنحة كثيرة , يضرب بجناحيه حين يعنّي ويمجّد الله , ويدعوا الخلائق للصلاة , فإذا انتهى من غنائه سكنت أجنحته وسكت
ملاحظة
لم يعثر احد على أحاديث صحيحة أو موضوعة بخصوص مرافقة رضوان و رفائيل للرسول ( ص ) في المعراج ، أمّا الديك فعثروا على حديثين لعلهما يتحدثان عنه مع العلم أن الثاني منهما مردود لأنه موضوع
1- سلسلة الأحاديث الصحيحة : الألباني
( إن الله أَذِنَ لي أن أحدث عن ديك قد مرقت رجلاه الأرض , وعنقه منثن تحت العرش , وهو يقول سبحانك ما أعظمك ربنا ! فيرد عليه : ما يعلم ذلك من حلف بي كاذباً )
2- سلسلة الأحاديث الموضوعة : الألباني
( إن لله سبحانه ديكاً أبيض , جناحاه موشيان بالزبرجد والياقوت واللؤلؤ , جناح بالمغرب رأسه مثني تحت العرش , قوائمه في الهواء , يؤذن كل سحر فيسمع تلك الصيحة أهل السماوات والأرض إلا الثقلين : الجن والإنس .........................
ZANA
ZANA
ZANA
|