[align=center]التراجيديا الشكسبيرية[/align]
هذه المقالة قد تكون طويلة ولكنها تستحق بعض العناء لمحبيه لأنه أعظم من وصف الذات الإنسانية ( جانب الشر )
مقدمة :
شكسبير : ولد في ستراتفورد سنة 1564 م كان أبوه جون مزارعاً وتاجر صوف , أمّا أمه ماري أردن فكانت منحدرة من أسرة مرموقة , وكان شكسبير هو ثالث ولد تنجبه أسرته من بين اثني عشر ولداً , تعلّم اليونانية واللاتينية , وقد تزوج آن هاثوي وعمره ثمانية عشر عاماً , ولعه لم يعرف الفقر , إذ إن عمله ممثّلاً و مؤلِّفاً مسرحياً ساعده في تحسين وضعه المادي , وقد جعلته مسرحيّته ( هنري السادس ) مشهوراً , ولكنه نظم شعراً لإغلاق مسارح لندن بسبب الطاعون .
كتب شكسبير ستاً وثلاثين مسرحية تارخية و تراجيديّة وكوميدية , يُعتبر شخصية شكسبير مشكلة في الأدب الإنكليزي , وفهناك من شكّ في وجوده أصلاً , وهناك من شك ّفي أن يكون هو صاحب هذا النتاج لضعفه العلمي , وهناك من نسب نتاجه إلى مارلو كريستوفر وغيره , ونحن هنا لا ندرس شخصيتة شكسبير بل نسلط الضوء بشكل بسيط على تراجيدياته الأربعة المعروفة .
التراجيديا الشكسبيرية :
نماذجها :
أولاً : هاملت .
ثانياً : ماكبث .
ثالثاً : الملك لير .
رابعاً : عُطيل .
[align=center]هاملت[/align]
وملخّصها أن ملك الدنمارك ( والد هاملت ) يُقتل على يد أخيه , ثمّ يظهر طيف المقتول طالباً إلى ابنه هاملت الانتقام من عمه كلوديوس شريطة ألاّ يؤذي أمّه جيرثرود , ويتردّد هاملت في ذلك , وبعد عرضٍٍ مسرحيّ لمسرحيّته كتبها هاملت وأسماها " مصيدة الفأر " يعرض فيها لتفاصيل جريمة عمّه , بدا العمّ في نهاية المسرحية قلقاً , لذلك أرسل هاملت إلى المنفى ( إنكلترا ) , وأما حبيبته ( أوفيليا ) فتُصاب بالجنون بعد أن قتل حبيبها هاملت والدها ( بدونياس ) مصادفة , ثمّ يعود هاملت إلى الدنمارك , حيث ابن بدونياس المسمّى لاريتس ينتظر هاملت للانتقام منه , لقتله والده وتسبّبه في جنون أخته التي غرقت في النهاية , ويتّفق وكلوديوس ضدّ هاملت , ويصوّر شكسبير مشهداً قاسياً , لتضمّنه منظراً النتقام الرهيب , الذي يذهب ضحيّته عم هاملت و والدته , إذ يموت هاملت بالخنجر المسموم الذي طعنه به أخو حبيبته لاريتس , الذي يموت بالسيف نفسه الذي جَرح به هاملت , ولكن موت هاملت تاركاً مملكة الدنمارك للنروجيين , يَقتل عمّه , وتحتسي أمّه جيرثرود الخمرة المسمومة التي أُعدَّت لَه ....!
[align=center]ماكبث[/align]
إنها مسرحيّة مؤلَّفة من خمسة فصول , ونجد أن المكان الذي تجري فيه الأحداث يتغيّر من أرض إلى خيمة أو إلى قصورمتعدَّدة في إسكُتلندا وإنكلترا , وأنها مستوحاة من أخبار هولنشيد المتأثِّرة بمصادر وسيطة .
تبدأ المسرحية بالحديث عن الحرب بين الملك إسكُتلندا و ملك النروجيين , ونعلم أن الساحرات أشعلن هذه الحرب , ويبدو ماكبث مقاتلاً من إسكُتلندا , وكذلك بانكو , و تُنبئ ماكبث أحدى الساحرات أنه سيصبح غطريف كودور ( أي السيِّد ) وفعلاً تَصدق النبوءة , و يُعيّن خلفاً لغطرف كودور المقتول لخيانته ووقوفه إلى جانب النروجيين , ثمّ تنبئه بأنه سيصبح ملكاً , و أن أولاد بانكو سيصيرون ملوكـاً أيضاً , وتُعلِم السيدة ماكبث بتلك النبوءة , فتريد أن يتحقّق ذلك و تخطِّط لقتل الملك , فَتُشجّع زوجها على قتل الملك دانكن الذي حلّ عليهم ضيفاً ذات مساء , مصمِّمة على أن تُلحق التهمة بضابطَيه , وذلك بتلطيخهما بالدماء , وهكذا يُقتل الملك والحاشية , غير أن ماكبث يعاني تأنيب الضمير , ويُعيَّن ملكاً , مستغلاً هرب ابني الملك المقتول مالكم ودنلبن . فالأوّل هرب إلى إنكـلترا والثاني لجأ إلى إيرلندا , ولكن ظلّ ماكبث يخاف بانكو , لأن الساحرات كُنَّ قد أنبأنه بأن أولاد الأخير سيصبحون ملوكاً فاستأجر ماكبث قاتلين لاغتيال بانكو وابنه فلينس فيُقتل الأب , أما الابن فينجو ولما ظهر شبح بانكو أخاف ماكبث الذي كثرت همومه وأحزانه , فأخذ الخوف يسيطر على قلبه , حتّى أنه أخذ يقتل كلّ إنسان يخشى منه , فقتل زوجة ماكـدوف و أولاده ( وهو أحد اتباع الملك السابق ) , ويصرّ الجميع على الإنتقام في النهايه , فيجهِّزون جيشاً إنكليزياً بقيادة مالكم وخالِه و ماكدوف , ويقتل ماكدوف ماكبث , كما تنبأت الساحرة لَه , بأن موته سيكون على يد إنسان لم تلده امرأة بل وضعته وضعاً
ملاحظة : لعل المقصود أنه يولد بعمل جراحي , لا ولادة طبيعية , والله أعلم بمراد شكسبير
وهكذا نجد أن هذه المسرحية تتكـلم عن إنسان أصبح مجرمـاً بتأثير طموحه وزوجته التي صوّرها الكاتب ( المحّركَ للجريمة ) , فقد قتل ماكبث تخلّصاً من الكابوس ومن الخوف الذي يهدِّده في كلِّ لحظة , لأن الخوف يجدِّدها مع كلّ قطرة دم تُهرق ..
[align=center]الملك لير[/align]
وهي مؤلفة من خمسة فصول , وأنها متأثرة أيضاً بأخبار هولنشيد وكذلك بالأخبار الوسيطة
يعلن الملك لير أنه ينوي أن يستريح , لأنه بلغ من الكبر عتيّاً , فيجتمع ببناته الثلاث ليسأل كلّ واحدة منهنّ عن حقيقة حبّها لَه , فتعبّرابنته جونريال عن أن حبّها يفوق كل حدود و تصوّر , لذلك يمنحها أملاكاً كثيرة , وتفعل ريغان لبنته الثانية الشيء نفسه , مضيفة أنها لا تجد سعادتها إلّا في حبّها لَه , و أما كورديليا ابنته الصغرى فإنها تعبّر بصدق و بواقعيّة عن حبّهالَه , قائلة : أحبك يا صاحب الجلالة وفقاً لما يفرض عليَّ واجبي لا أكثر و لا أقل , وتخبره أنها تحبّه وستحب زوجها أيضاً , وليس صحيحاً أن أختيها لا تحبّان أحداً سواه , لأنهما متزوِّجتان , ولماسمع لير هذا الكلام غضب و أعلن أنه ستخلّى عن الحكم لصهريه : الدوق كورونوال زوج ريغان , والدوق أولباني زوج جونريال , وسيعطي لابنتيه حصّة ابنته الصغرى , محتفظاً بلقب الملك فقط , ولكنَّ أحدجأتباعه المسمّى كنت يؤكّد لَه بلا جدوى أن ابنته الضغرى مخلصة في حبّها لَه , ولكنها معتدلة في جوابها , فما كان جواب لير لَه إلّا أن طرده , ونجد أن ملك فرنسا يؤكّد استعداده للزواج من كورديليا على الرغم من فقرها
ملاحظة : كانت الفتاة في ذلك العصر هي من تدفع تكاليف الزواج , لذلك عُدّ عمل ملك فرنسا نبيلاً
وتمرّ الأيام ويبدأ الملك ليربحصد ما جنته يداه , وتتكلّم ابنتاه عليه بالسوء , و تتذمّر ابنته جونريال منه , معلنة صراحة أنها ستكبح جماحه , لأنه أصبح عجوزاً , ولكن يبقى الجيّدون جيّدين , وهكذا يتنكر كنت ليعمل خادماً عند الملك الذي يشعر بفتور في معاملة ابنتيه لَه , ولا سيّما حين أمرته جونريال بتقليل عدد رجال حاشيته ( كان عددهم مئة ) بل إنها تطرده , مرسلة برسالة إلى أختها ريغان تنصحها فيها بأن تسئ إلى والدها , ونجد هذه الأخيرة لا ترحبّ بأبيها , وتطلب إليه أن يقلّل عدد رجاله , وهنا أحسَّ الملك لير بالألم وتأكد من حقيقة ابنتيه , وكذلك من حقيقة الزوجين , ذلك لأن زوج ريغان يسئ معاملة خادمه , ولمّا سمعت ابنته الصغرى بما حلّ بأبيها أخذت تقنع زوجها بإرسال جيش للدفاع عن أبيها , وهناك حدث لآخر يدور ولكنّه مرتبط بالحدث الرئسي , وهو أن أحد النبلاء له ابنان الأول إدغارد الابن الشرعي , والثاني هو إدموند ابن أبيه , الذي ظلم أخاه , مُدَّعياً أن إدغارد حاول قتل أبيه , كي يحظى بثقة الأب.
وتتطور الأحداث لنرى الملك مجنوناً , و مُعبِّراً عن سخطه بسبب ظلمه ابنته الصغرى , وتأتي كورديليا بجيش فرنسي يخسر فيؤسر لير و كورديليا . وكان الجيش الإنكليزي هو المنتصر بقيادة إدموند , وهنا يقابل أولباني إدموند و يواجهه بالحقيقة , مُعاناً أنه اكتشف حقيقة خيانة زوجته بحبها له , وكذلك قصًة زواجه السرّي من ريغان , لذلك يتأكد أن إدموند متآمر , وينبري من بين الجمع إدغارد متنكِّراً , معلناً أن أخاه خائن , ويتبارزان فيسقط إدموند , معترفاً أنه أمر أحد الحرّاس بقتل كورديليا ولير في السجن , ولكن هذه الأخيرة تموت قبل أن يتمّ غنقاذها , و يصوّر الكاتب لنا البشاعة الإنسانية متجسّدة بشخصية جونريال التي تخون زوجها بحبّها لإدموند , وريغان التي تتآمر على قتل زوجها , ثمّ نكتشف أن الأختين تتنافسان على الفوز بلقب إدموند , وتكون النهاية مأساوية , إذ تدسّ جونريال السمّ لأختها ريغان فتموت , ثم تنتحر جونريال ...!!!!
أراد شكسبير من هذه المسرحية علاج مألة الأسرة , وعلاقة الأب بالولد وعقوق الوالدين , والتسرّع في التصديق
.
[align=center]عُطيل[/align]
تُعد متأثرة بقصّة للكاتب جيرالدي شنتيو , تجري حوادثها في البداية في فينيسيا حيث يثير تعيين عُطيل المغربي برتبة القائد غضب ياغو , و يتزوّج عُطيل سرّاً من ديدمونا ( التي يكبرها بكثير ) وهي ابنة السِّناتور برابانتيو, على الرغم من اعتراض الأخير على عطيل , ونجد أن هذا الزواج الذي عُيِّن حاكماً على قبرص ليصّد هجوماً تركياً وشيكاً , يمضي إلى موقعه الجديد مصطحباً معه زوجته ورودريفو الذي قام سابقاً بطلب يد ديدمونا , والذي أمسى مهرِّج ياغو , ولكن الجيش التركي يفشل , و يُصرّ ياغو على النتقام من عطيل الذي فضّل عليه كاسيو , فيحمل عطيل على القتناع بأن ديدمونا تحبّ كاسيو , وحين يطالبه عطيل بدليل يؤكد خيانة ديدمونا , يعمد ياغو بمساعدة زوجته إيميليا إلى سرقة منديل خاص بديدمونا كانت قد أوقعته سهواً , ويدسّانه في غرفة كاسيو , ثمّ لا يلبث عطيل أن يرى كاسيو حاملاً منديل ديدمونا , الذي كان أوّل هديّة قدّمها عطيل لزوجته , فتستولي الغيرة على قلبه و يعميه الغضب , مُصرّاً على الانتقام من زوجته , وتاركاً كاسيو لياغو , وتكون النهاية المحزنة , حيث يقتل عطيل كُلاً من ديدمونا و رودريفو و إيميليا , بينما يجرح كاسيو , وحين يكتشف عطيل الخدعة يطعن نفسه .
فالمسرحية تدرس الغيرة وعلاقتها بالحب
هذه بعض الخصائص التراجيديا الشكسبيرية 1- أن الشر هو الغالب في النهاية والخاسر الاوحد هو الإنسان , فليس من فائز سوى الشرّ الموجود في الذات الإنسانية فقد أراد شكسبير أن يصل إلى حقيقة أن الإنسان ليس شريراأ وإنما هناك ظروف خاصّة في هذا العصر , والدليل على ذلك أن الأشرار عنده يعترفون في النهاية أو فيل الإقدام على ارتكاب الجريمة , بعدوانيتهم تجاه أبناء جنسهم ,
2- القماتة مسيطرة : ذلك أن الكاتب ينطلق من تشاؤم متصاعد حتى يصل إلى الذروة التي تُنهي المسرحية نهاية مأساويّة , إته التطهير الداخلي للذات الإنسانية بتصويرالشر بأبشع صوره , والخير بأجمل صوره ولكن كما رأينا فإن الشر ينتصر بلا استئذان
3- لعل هناك صفات أساسية يتسم بها أبطاله , إنها صفات الفروسية المتكاملة , فعطيل ذكي ومقاتل و محب و وفيٌّ في حبه , أما هاملت فمقاتل و محبُّ و شاعر , و لكن ماكبث قاسٍ في بطشه , و هو قائد شجاع ومحبُّ لزوجته أمّا لير فهو ملك و أب عطوف محب لبناته إلى درجة الجنون .
4- لعل أغلب أبطاله يعانون نقصاً ما , فعطيل عاطفي لا يفكر قبل قتل زوجته , أما هاملت فخائف في مواجهة حقيقة عمّه القاتل , بيد أن ماكبث يرى تكانله في الوصول إلى السلطة , على حين أن لير عاطفي غير مترٌّ و مخطئ في التسرع
وفي النهاية أراد شكسبير أن يقول أنه لا يوجد إنسان كامل وإن لدى كلّ امرئ نقصاً ما
ZANA
ZANA
ZANA
|