اعتدت أن أقول لها في كل ليلة ... نامي يا وردتي ... نامي فغدا يوم أفضل ... في الغد سنذهب هناك ... ستغمرنا السعادة ... لن يعود هناك ألم مجهول لا تطاله يد المباهج ... كل هذا كنت أخبرها إياه بلغة الأطفال و أنا أداعب وجنتيها و أمسح على شعرها ....
لم تكن ككل الأطفال
صحيح أنها كانت سعيدة و مرحة في معظم الأوقات ... لكنها فجأة كانت تنتفض كاللبوة ... تصرخ , تغضب و تحطم ما حولها ناشرة في طيات بيتنا عدوى السخط ... لم أعلم ما بها ... كل ما قدرت عليه هو الصراخ في وجهها أكثر ... لوم نفسي لأنني لم أحسن تأديبها ...
بعيدا كانت تذهب بعد هذا ... أو ربما كانت المسافة تبدو بالنسبة إلي أكبر مما هي عليه حقا ...
تعكف على ألعابها في إحدى الزوايا معنفة و مؤنبة ... ضاربة الدمى بعنف أحيانا ...
و ينتهي بها اليوم منهكة فوق الوسائد , تنام بوجه جميل تصب الملائكة على حفافه النور و البراءة ..
كلما رأيتها نائمة شعرت بحق كيف يكون العجز حين يمتلئ قلبك بالحب ... لا أستطيع أن أوجد في قلبي ذرة واحدة قادرة على كراهية هذا المخلوق الجميل ..
ما كان يحيرني حقا في بعض الأوقات هو تلك النظرة التي كانت تعلو وجهها المضئ حين تسرح بأفكارها بعيدا ... ملامح جادة وناضجة مملوءة بحزن 50 نكبة و 70 نكسة ...
أشعر بانقباض في قلبي ... تنتابني الغربة في كل شريان ...
أريد أن أرى وطني ...
أتمسك بثيابها ... بشعرها ... بأهدابها الجميلة ... عميقا في داخلي لا أريد أن أفلتها أبدا ... لا أريد أن تتسرب من بين أصابعي تلك الطفولة .. طفولتي ... براءتي ... رائحة ترابي
هل يجعلك الحب عاجزا إلى هذه الدرجة ؟؟ هل يجعلك ترى حبيبك صورة مجسدة لكل ما تحب و تفتقد ؟؟؟ أم ....؟
يتبع ..