ضــبــابٌ يــلــفّ الــنــافــذة
أسوأ ما في الأمر، أن تكون لكَ نافذةٌ كبيرة في مدينة تحوّلت إلى مدينة ضباب!
ما كنتُ أتخيّلُ أن سحائب الغموض العالية ستدنو من نافذتي، فتحيقُ بها، وتحجب كل ضوء عنها، وتقتل كل بصيص في ذلك الفضاء المفتوح، الذي امتلأ ضباباً.
بدأتُ أستشعر قيمة النوافذ الصغيرة التي تعلوها الأقفال المحكمة والستائر الثقيلة..
علّها تُبعِدُ أظفار الضباب وأنياب الظلمة.
علّها تُوقِفُ دقات الساعة المريبة.
علّها تُخمِدُ -ولو قليلاً- نار الترقب، وتطفِئُ صوتَ الانتظار.
موجعٌ ذاك الضباب بِقَدَر ما يُعمي البصر.
مؤلمٌ بقَدَر ما يشوّشُ النظر.
سيءٌ بحجم ما يخفيه من حُفَر.
إنه يجلدُ الضوء، ويعبث لاهياً بالصورة، ويَصُمُّ القادم.
لذلك أغلقتُ نافذتي الكبيرة، ووددتها لو كانت أصغر.
لكنني الآن، أتمنى لو كانت كسائر الجدران.