كان الصيف يَستقبل أول سنبلة
كانت السنونو تُخرج ثيابها
من حقائب السفر ِ
هناك
حيث الخير
مزروع في جذور كل شتلة
نرث مُلك مواسم المطر ِ
هناكَ
حيث أسراب الأولاد
تنبش أكوام الحصاد المداخِلة
قضيتُ صِباي بلهو ٍ مُعْطَر ِ
في تلك البيادر
كم من جميلة غازلتُ وكم من معللة؟
وكم من صبية ٍذوبتُ في حليبها سُكَري
أَغدو مع القطعان وليس لي بها غَلة
أُمسي مع المساء الشاحب المُزَهر ِ
تذكرني عتمة ٌ بين شرفة ٍ و غصن ٍ مُدلا
تذكرني ملاعب صبايا الحَور ِ
أيامٌ مرتْ كأنها أطياف خمرة مأصلة
ما بقيا لي منها إلا تصدعُ سُكر ِ
ترى الفالحة بأكياس الزرع مسربلة
راكعة تحصد بمنجلٍ نصفِ مُكور ِ
تلهو بغناء الارتجال فتطرب الحقلا
بيضاء المُلثم وما أرخته فاحمُ المنظر ِ
هناك
كان حبي الذهبي
وكانتْ لها أول قبلة
كان وعدَ صيفٍ ممطر ِ
بينما كنت تائهاً بين تلة و تلة
أفتش عن ماء يطفأ ضجري
وبينما كنت ممزقاً وعواطفي ثكلى
أنتظر نزول ألطاف القدر ِ
تفتحتْ في أرضي المحتضرة قرنفلة
مدتْ يدَ البياض... دعتني إلى القمر ِ
هممتُ بجوع ٍ و في يدي ألف سلة
وكم يُغري الجوعانَ حب الثمر ِ
يا لضوع تحركها كنسيم ٍ مر بفلة
يا لها......كم لها تمايل الشجر ِ!
أصطاد الأسماك من خدودها الخجلى
أصطحب الليل معي إلى شعرها لنسهر ِ
لله... لقاءٌ عطّرَ قميصي بدموعها الجذلى
عفوك مليكتي.....
بل أنا من يشكر مجيئك ِ ؟.....
إذ قلبي مكان دمعي اشَكر ِ ....
ضممتها بلهفة ٍ تفتحُ أبواباً مقفلة
منحتني نصراً..بعد عصر ٍ مُدمر ِ
لا استر الشوقَ فمٌ مثلُ فيهِ طفلة
..........ولا فمي اسَتر ِ........
إذا فذتْ مني أرجعتْها قبضتي العْجلى
وتابعتْ المرورَ
قوافل العنبر ِ
إذا سها الوشاح انسدلتْ على الأسيل خِصلة
بوركتَ يا سهواً
كشف خِدرَ الناعم ِ الأشقر ِ
دؤوبة ً في المجيء .........في الذهاب كسلا
كظبي ينزلُ على المنحدر ِ
مهرةُ الوقفة..............مهفهفة الطلة
ما أحلى نعمة النظر ِ
سقتني ندى الفل ليلة ً بعد ليلة
ولا سيما ليلة بها
فاض البياض في فمي المُكَدر ِ
"أنا أحبكَ"
قالتْ وما أحلى مخارج الجملة ْ
تفرخ في حضني بيادرَ الجوهر ِ
أخُ قدر ٍ أنقذني....قذفني عن مطية الراحلة
و ادقَ نواقيس الخطر ِ
ذهبتُ إليها مفكراً بألف افتراض ٍومشكلة
لأتبين من يقين الخبر ِ
ألفيتُها خلف الدار صامتة ً متأملة
تقدح من عيونها شواظ الشرر ِ
في حضنها أختٌ رضيعة متسللة
يهزها نبضُ قلب ٍ مُنفَطِر ِ
شممتُ دخان نار الهجر بالطفلة
فكأنها فراشة ٌ مرتْ بفحم ٍ مُبَذر ِ
طفتُ حولها أتمتم حروفا متثاقلة
أحرك الحصى بتحركي المُخَدر ِ
سألتها "هوانا؟!" ولم تحرك أنملة
كأنما سؤالي عن شيء ٍ لم يذكر ِ
أقول لنفسي مسمعاً تلك المتجملة
إن كنتُ قد أذنبتُ فهلا تغفري
البال بيتك ِ.. و دفاتري من جناك ِ حبلى
فهلا صفحتِ لعود الطيب المُكَسر ِ
قد كنت ِ سمحاً معي دائماً ومُدللِة
و الحقل لا يحصي ذنوب الطير ِ
أدبرتْ إلى الدار مسرعة مجهلة
و خلفتني وراءها كذبح ٍ مُحمر ِ
عادتْ و بيدها حفنة مكاتيب ٍ مبللة
مكاتيبٍ كتبتْها (عيناها و شُعيّري)
وقالتْ:قد تسأم الضرباتِ جلودُ الطبلة
و إنكَ للمرة الثالثة تقطع وتري
ذكرُ هوىً قديمٌ أثناء هواي معضلة
حذرتكَ دامية ً وأنتَ لم تحذر ِ
لا آخذُة ٌ أنا إسراركَ ضدكَ مقصلة
بوح القديم في عينيكَ سبب هجري
نعم كنتَ حبيبي ونفسي بكَ مُعْقْلا
لكنني تعبتُ موج بحركَ فانحسر ِ
رضوان الابراهيم