الحقيقة بداية ً ...........ردٌّ أذهلتني أوراقه و قطوفه ودقة صوغه و
حروفه... و أفكاره و أفعاله و ظروفه .
و أسف ٌ على ما اقتطع الردُ من وقتك ِ و أزمانك و شكراً من شغاف ِ القلب ِ على إحسانك
أمَّا عن النقاط التي أوردتِها مشكورة فأقول مستعينا ً بذي الرحمة و القبول
اقتباس:
"فاستعصت على فهمي بعض التراكيب ووقفت أمامها حائرة،"
الحقيقة إنّي أحاول جاهداً أن أبقى في حيّز الوضوح و أن يكون البيت الشعري سهل الفهم سلس التناول بيِّنَ الأفكار و المعاني ...,ولكن يغريني الحرف و التشبيه
والإستعارات و الأفكار ببعض الغموض و يوقعني التكثيف في البيت "الذي أحاول جاهداً الحد منه " بصعوبة فهم البيت من قبل المتلقّي , و إن كنت أخذاً بعضاً من
الإتجاه الرمزي إلّا أنّني لست من أنصار هذا المذهب بالكلية بل أحب تطعيم البيت ببعض الرموز لا إغراقه بها
اقتباس:
" ذلك أنني أعلم أنني أمام شاعر له نظرته ورؤيته التي لا نراها والتي أود لو
يكشفها لي "
أشكرك ِ على هذا الإطراء الذي أعلم أنّي لست لمرتبته سواء بل يجاوزني بأفلاك
و يسعدني أن أبين رؤيتي و أركان نظرتي للوجود أولاً و للشعر ثانياً كون الحياة ما
هيّ إلا قصيدة شعر و خاصة مع ناقدة ٍ بصيرة ٍ بأماكن الخلل خبيرة لها "كما أرى"
فلسفتها الخاصة بالجمال و رؤيتها ذات الأبعاد الكثيرة و يثلج صدري أيضاً النقاش
في هكذا موضوعات ضمن هذه المستويات
أمَّا عن رؤيتك ِ للأبيات و استجلائك ِ لأفكارها فتماماً كما وصفتي و في الصميم
بل أرى أنَّ هذه الرؤيا خير تقديم لتلك الأبيات "وقد وقعت في حيرة من أمري
حيث قلت في نفسي هل صحيح أنّي اسطعت إيصال الفكرة بهذه الدقّة أم أنّي أمام
قارئة مختصة معنيّة بالدقة تسطيع فهمها وإن كانت الفكرة غائمة أو ضبابية و المعنى
شوبه بعض النقص ؟
كما أعجبني الشطر النفسي من التحليل فكأنّي بك ِ قد وقعتي على صفاتي النفسية
صفة بعد أخرى و أحب التنويه أنِّي من المهتمين جداً بعلم النفس وخاصة التحليلي
وهو من الموضوعات المفضلة عندي
اقتباس:
"و إنـِّي بعـشـقي عـرجتُ ســـمـاءً لأمـسي بشوقي وشعري إمـامْ
هذا البيت أراه قمة الفخر بالنفس في المقطع الأول من قصيدة
ولكن (سماء) حين تصبح معرفة : السماءَ ستعرفنا أنك ملكت هذه السماء
الواسعة التي نراها، وفي تعريفها جمال أكثر ، لأن بقاءها نكرة يوحي بأنك قد ملكت
أي سماء، وربما كانت سماء الهوى أو ما شابه فتتركنا في حيرة ، وتعريفها لن يؤثر
على الوزن"
الحقيقة للنفس حظ ٌ من الأبيات على سبيل الفخر لا التكبر و ذلك مقصود بغية إظهار
للطرف الأخر "المرأة المتعالية المتعجرفة" حجمها الطبيعي وتنبيهها للنزول عن
ما هيّ فيه , أمّا عن تنكير السماء فغاية في نفس يعقوب وقعتي عليها فلم أكن أقصد
السماء التي نراها و إلّا سيمسي في الأمر كذب و إن كان قليله لا يضير في الشعر
بل أقصد سماء العشق و فضاء الوله
اقتباس:
"و أنت ِ كوهـمـي تعـشـَّـق فـكري فـصـارَ جـذوراً لزهرِ الظلام
في هذا البيت جمال لا أعلم مصدره فالوهم المتعشق في الفكر إلى درجة أن يصبح
جذورا فهو أمر جميل وتشبيه غريب يوحي بمكانة هذه المرأة التي ضيّعتك معها
وتركتك مع أسئلة وصور غير واضحة وهذا ما أوحته كلمة (الوهم)
ولكن لمَ هذا الوهم صار جذورا لزهور الظلام بالذات ؟ ما علاقة الزهور بالظلام ؟"
الحقيقة العلاقة تكمن في ما يلي : قصدت بالزهر أول الأمر و مبتداه فالشجرة تزهر قبل أن تثمر فإذا كان زهر هذا الحب أي أوله ظلاماً و ألماً فكيف سيكون ثمره و تنائجه بعد حين ....!؟
اقتباس:
"و لي ملحوظة .. ما رأيك لو قلنا (وهم ٍ) بدل وهمي ؟ ، لأن هذه الكلمة
تحتاج إلى تنكير لتوحي بزيادة الاضطراب والقلق"
ملحوظة في مكانها على الرغم من أنها ستسقط من الموسيقى و البديع "وهمي-
فكري" وسأخذ بها ولنبدل وهمي بــوهم ٍ
اقتباس:
فـكـيـفَ يــلاقـي عـلاءَ ســـمـائي و نـورَ دمــائـي ظـلامُ الـمـنام
هل قصدت بظلام المنام ذلك الوهم الذي تعشق فكرك ؟
وهل قصدت أن التفكير فيها مع كل ما لديك من فخر بالنفس هو ظلام ؟
قولك (نور دمائي) رائع، أضفيت ضوءا للدم ، ربما يناسب علوّ سمائك، كما أن
جمعك للنور والظلام في بيت واحد أعطى حركة له ، والاستفهام فعل الفعل نفسه في
البيت
قصدت بالظلام الوهم المتعشّق للفكر أي قصدتها هيَّ و كررت لفظ الظلام من باب الربط بين البيتين أمّا المنام فهو الحالة الشعورية التي أعيشها معها و أرجو أن
أستيقظ منها لما فعلت بي
اقتباس:
"أطـوفُ بـشـعـري وراءَ الفـضاء ِ لأركـب ريـحـاً وأغـدو سـنـام
(وراء الفضاء) أخذنا إلى اللا نهاية ليشعرنا بمدى نفوذك في مملكة الشعر
ولكن ما علاقة السنام ؟؟ فينبغي أن تشبه الريح بالسنام لأنك تركبها ، لا أن تشبه
نفسك بالسنام"
الحقيقة أردت أن أأخذ من السنام علوه و بروزه عما سواه فإذا كان شعري يـُركبني الخيال و يطوف بي في الأسقاع فهو يضاً يرفعني عن أقراني و أمثالي فإذا كانت
الحياة جملاً فأنا سنامه.. كما أسلفت من باب تكبر على المتكبر الذي هو الحبيبة
وكما قال صلى الله عليه وسلم (التكبر على المتكبر صدقة)
اقتباس:
"و أنـزلُ طوراً كـقطر ِ الــشـتـاء ِ لـيـنـمو ترابي قـواف ٍ عـظـام
كم تذكرني بالمتنبي !
ولكن ما رأيك لو قلنا : لتنمو حروفي ، أو تنمو بذوري .. فكيف للتراب أن
ينمو!"
الحقيقة بداية كتابتي للبيت كان كما ذكرتي "لتنمو حروفي" ولكن أحببت تطعيمه برمز خفي الذي هو التراب الذي لا ينمو و كذلك أبياتي و القوافي لن تنمو في قلب من
أهوى لتثمر حبّاً صافياً .....
و الملاحظة في مكانها فهو عسير على الفهم لذا سأبقى على ما قلتي "حروفي"
اقتباس:
"و حـيـناً أكـونُ جـلال الـمـسـاء ِ أخبـِّي نـجـوماً لأطوي المـَلام
أظنه خطأ طباعيا : وحينا ً
يشعرني هذا البيت أن النجوم تلومك على شيء ما ، ربما حبك أو ربما فخرك
و النجوم تلوم تشبيه جديد ذلك أننا نعرف أن النجوم تسمع شكوانا فغيّرت حالها إلى
اللوم"
أصبتي فهو خطأ طباعي أثناء الكتابة قد أصلحته فجُزيتي خيراً
أمّا عن اللوم فليست النجوم وحدها من تلوم كل شئ أراه يلومني على ما أوقعت
نفسي أو أُقعتُ فيه
اقتباس:
"و أنـت ِ عَــلاك ِ غـرورٌ تجـلـَّى فـأمـسـى عُـلاك ِ علاءَ الغـلام
ما علاقة الغلام ؟ أرى وجودها ضغيفا هنا
ولكن .. (علاكِ - عُلاك - علاء) استخدمت الجناس هنا لتضيف إيقاعا
على إيقاع المتقارب"
الحقيقة أردت من لفظة غلام التشهير وبيان ضعف العقل و قلة التمييز مع إضفاء شئ
من النكتة على الأبيات من باب "شدة الشئ انعدامه" فقمة الحزن و البكاء تحتاج
القليل من النكة و الضحك
وسأحاول أن أجد بديلاً ألطف مع إعتقادي بصحة تموضعها
اقتباس:
"أراها تـدعى عـلـيـهـا خـلـيــط ٌ فـأمـسـت كغابٍ ويحوي هوام
والله قد أضحكتني بتشبيهك
ولكن لمَ قلت (تدعى) ؟ ما علاقتها ؟"
الحقيقة هيَّ " تداعى" أي أل للسقوط و الخراب وكذلك الزينة التي وضعتها على وجهها ستزول في أي لحظة
اقتباس:
"و شـعـر ٍ يـسـيلُ عـلى منكبيك ِ يــحــدُّ الــذكـاءَ كـمـثـل ِ اللجام
جـمـيل ِ الـظـهـور ِ ثـنـاهُ الذبـولُ حباهُ الـذهـولُ بـطول ِ السهام
ممممممم دعني أقول أنني لم أفهم علاقة التشبيهات في البيت الثاني بأمر الشعر
ولكن أعجبني الترصيع في بيتك : ثناه الذبول حباه الذبول ، فهو جمال بديعي"
أقصد من ذلك أنّ هذا الشَعْر جميل الهيئة و المظهر وخاصة ً مع إلتفافٍ في أخره
يشبه التفاف بتلات الزهرة عند ذبولها وقد حباه الذهول بخلعة ٍ منه حتى إنك ِ لتزهلين
برؤيته ,أماعن طول السهام فقصدت امرين أولاهما فعل السهم من هتك الحجب و
القتل و الثاني طول مساره عند إطلاقه فشعرها يهتك القلب كالسهم وهو طويل جداً
كمسار هذه السهم
اقتباس:
"و فرط ُ الجمال ِ يـُسـِرُّ العيـونَ و يمـسي بمرِّ الزمانِ سِـقام
أظنك قصدت : وتمسي ، لأنها تعود على العيون"
يمسي تعود على الجمال من بابين الأول أنّ هذا الجمال يمسي سقام في قلب هذا
الناظر المسكين لما يفعله به و الثاني أن هذا الجمال نفسه سيزول يوماً ما عند ابتلاء
صاحبه بالأمراض و الآلام و سيتحول إلى ألم و ذكريات
"اقتباس:
و هـلـَّا خـرجـتي خروجَ التنـفُّـ ـس ِ عندَ الزفير ِ فـيُخلي الرغام
ما علاقة الرغام هنا ؟"
الرُغام بضم الراء هو قصبة الرئة كما جاء في مختار الصحاح أمَّا بفتحها "رَغام"
فهو التراب
وقد أردت أولاهما أي ترتاح القصبة الهوائية عند خروج الهواء منها و أرتاح من
الإختناق الذي أصاب به عند رؤيتها
"اقتباس:
وأتمنى أن تفهمه وتعيه جيدا تلك الغبية التي قصدتها "
الحقيقة الفهم و الغباء يستحيل أن يجتمعا في وقت واحد و ذهن واحد و مكان واحد
فيُحرقني أن أستخدم لا , لن , لم تفهمه أبداً فأدعو الله أن يفهمني الحكمة مما جرى معي و لا يوقعني في مثلها ما حييت ........
اقتباس:
"أمتعني نقد قصديتك ، ولكنك أتعبتني يا أخي 39 بيتا ، وأشعر أنني ما قلت كل
شيء"
أشكرك شكراً يشكو شفاهً وحرفاً شتّا في شمِّ رحيق ردّكِ و شردا تلعثمًا عن شكرك ِ بالشكل الأنشب... أقصد الأنسب
و جزاك ِ الله كل خير ولقَّاك ِ ما يُسر قد قلت ِ حتـّى كفاني و وفّاني ما قلتي و دائماً أصحاب البلاغة يشكون ضيق الكلام عن الإحاطة ِ بكل المعاني المتبادرة إلى أذهانهم و ها أنت ِ واحدةً منهم
وأريد أن أسألك ِ من باب الإستشارة أنت ِ مع القصيدة القصيرة المقتضبة أم مع الطويلة المسهبة ؟
اقتباس:
"دعني ألقبك بـ ((ملك الألفاظ)) ، وهنيئا لها بملكك، فدمت لها"
أشكرك مرة أخرى على الإطراء و المجاملة و لقبٌ أفتخر به
أمّا عن هنيئاً لها فلم ترد الهناء و قد مات قبل أن يولد كما يقال ....
أتمنى رؤية مثل هكذا ردود دائماً كنجوم تزين قصائدي ومشاركاتي وكلون ٍ من قوس قزح يطفي على الأبيض و الأسود بعض الحياة
دمتي بخير ووفقك ِ الله لما يحب ويرضى
تقبلي كل التحية و جل الإحترام