نشر الكاتب الأمريكي روبرت كايوسكي كتاباً رائعاً بعنوان أبي الفقير – أبي الغني في عام 2000 لفت فيه انتباهنا إلى حقائق بسيطة عن مفهومي الفقر و الغنى. فقد عرّف لنا فيه الغني و الفقير و الوظيفة و الموظف ورب العمل و السلم الوظيفي. فالغني بالنسبة له شخص مصاريفه و نفقاته أقل من إجمالي دخله وبالتالي سيتوفر لديه فائضاً مالياً كل شهر، أما الفقير فهو من تميل كفة الميزان عنده إلى جانب النفقات فينتهي مديناً في نهاية الشهر.  
يعتقد روبرت جازماً بأن الوظيفة حل قصير الأجل لمشكلة طويلة الأمد مصرا بأن الوظيفة المرموقة الآمنة ما هي إلا وهم  لاوجود له زرعها آباؤنا في عقولنا عن غير وعي ظناً منهم بأنها الملاذ الآمن و الحصن المنيع ضد مفاجآت الزمن و هم ورثوها بدورهم من آبائهم.  
و الموظف كما يعتقد كايوسكي شخص يعمل بأقصى طاقاته كي لا يصرفه رب العمل بينما يدفع له رب العمل أقل ما يمكن كي لا يتركه الموظف متسائلاً عن إصرار الموظف في صعوده هذا السلم بدلاً من امتلاكه. يؤمن كايوسكي بأن سبب زيادة فقر الفقراء و غنى الأغنياء و معاناة الطبقة الوسطى و تآكلها هو أننا نتعلم مادة المال في بيوتنا بدلاً من أن نتعلمها في مدارسنا و جامعاتنا بشكل أكاديمي فنكرر بذلك ما فعله الآباء و لا نفارق مكاننا في المحصلة.
يقول كايوسكي : " هناك مقولة تزعم أن كلمة وظيفة job  في اللغة الإنجليزية اختصار لعبارة just over broke  وهذه العبارة تعني بالكاد فوق حافة الإفلاس و ما يزيد الأمر سوءً أن الجميع يعتقد أن الوظيفة هي الملاذ الآمن و لذا تجد معظم الناس ينصحون بالبقاء في وظيفة واحدة لأطول وقت ممكن للدلالة على كونك موظفاً خبيراً بينما أنت تثبت أنك عبد مطيع في حقيقة الأمر.
كان الثبات على وظيفة واحدة في الماضي شيئاً إيجابياً و لكن أصبح التنقل بين الوظائف المتعددة أفضل في عصرنا هذا. ينصحنا روبرت بالتنقل بين عدة وظائف لأن ذلك يفيد حين تبدأ شركتك الخاصة بك إذ تكون على اطلاع جيد بجميع الجوانب لنجاح هذه الشركة. كما ينبغي عليك أن تعرف شيئا عن كل شئ و أن تتقن فن البيع و التسويق فإن لم تفعل فلا تسأل عن سبب قلة دخلك و تأخرك عن النجاح في حياتك.
 
مسلم قمباز

لا ضير في أن نحلم بأننا نتسلق السلم درجة درجة كي نكون واثقين في كل خطوة نخطوها نحو الأمام ... إن ما ناقشته في موضوعكِ يختلف باختلاف المجتمعات و لكن النواة واحدة ألا و هي الطموح إلى الأفضل ...
هناك مقولة رائعة قد جعلها البعض دواء لمن يكتفي بدرجة واحدة من السلم ألا و هي ( القناعة كنز لا يفنى ) فنرى الموظف يكتفي بأن يكدّ و يعرق طوال الشهر كي ينال مالاً زهيداً في آخر المطاف و يبقى هاجسه الأكبر كيفية إرضاء رب العمل كي لا يطرده فيصبح إنساناً فاشلاً بنظر من حوله و هنا النقطة الأهم فخوف الإنسان العربي من نظرات المجتمع و من أقوال الناس هي ما تجعله يخشى المغامرة أو حتى التفكير في المغامرة ليضع نفسه في قمقمه الوظيفي و تصبح أكبر أحلامه أن يصرف له رب العمل مكافآت و حوافز و أن يحصل على أذونات سفر ... و برأيي الشخصي أحمّل الأهل المسؤولية الكبرى فنرى الآباء و الأمهات يوبخون أبناءهم في المرحلة الجامعية لأنهم لا يجنون مالاً ليصبح الهم الأكبر لدى هذا الطالب أن يتخرج و يجد وظيفة و بهذا يكون قد حقق حلم الأهل ( العرب ) الذين يتبعون التسلسل التقليدي في العيش لكل عائلة ...

أ. مسلم قمباز,  

شكراً لك